مقالة

واخر تصريح الى رئيس الوزراء محمد السوداني يوم الخميس الماضي رمى بالمسؤولية على المصارف والتي قال عنها ان غالبيتها لا تساهم في عملية التنمية, وان تطبيق المنصة الإلكترونية أنهى التجارة المشوهة ولولا إجراءات الحكومة مع البنك المركزي لما استطعنا مواجهة أزمة سعر الصرف بسبب معايير الامتثال، مؤكدا أن سعر صرف الدولار سيثبت عند السعر الرسمي.. 

وهو كلام يتنافى مع الواقع وتشخيصات كثرة من الاقتصاديين والاكاديميين الذين يلقون باللوم على السياسات الاقتصادية المالية الحكومية , والتغافل عن السبب الرئيس الذي يرجع الى شراء الايرانيين للدولار من السوق الموازية, وحالما توقفوا في بداية نيسان الماضي انخفض سعر الصرف الموازي مقابل الدينار الى 1400, ولكن على ما يبدو عادت ايران مرة اخرى لسحب الدولار من السوق العراقية مع ارتفاع الواردات العراقية منها اللى10 مليارات دولار, ولتوفر كميات كبيرة من الدينار العراقي لديها جراء دفع فواتير التجار العراقيين بالعملة الوطنية العراقية وارتفاع التجارة معها, ولكي يتوقف هذا الاستنزاف للعملة الصعبة لابد من ايقاف تهريب الدينار العراقي والدولار وتنمية وتطوير المنتجات المحلية ودعمها بأقصى سرعة لبناء اقتصاد متنوع لا يعتمد على النفط وحده ..

من الدلائل التي تشير وتهدد العودة بالسعر الى ما كان عليه قبل تطبيق المنصة الالكترونية ارتفاع مبيعات البنك المركزي في مزاد العملة بمديات غير مسبوقة في الايام الماضية, وتقتضي الضرورة مراجعة الاجراءات والحد من الخلل الذي ادى الى هذا التدهور قبل ان يستفحل ويصعب علاجه.

نحن بحاجة الى مراقبة فعالة ومرنة تتحرك بعجالة وليس الانتظار الطويل واعطاء الفرصة للمضاربين لقضم الملايين من النقد والحاق الضرر بالمواطنين.

كما ان التجارة الضخمة مع الجارتين ايران وتركيا ستكون ضاغطة على عملتنا الوطنية وتجعل من ثبات سعر صرفها في ظل السياسات الحالية امر في غاية الصعوبة.

وبالمناسبة منذ تثبيت سعر صرف الدينار ولغاية الان لم يلمس المواطن انخفاضا في اسعار المواد الاستهلاكية وغيرها ,وهذا التذبذب لا يسمح للتاجر والبائع ان يأخذ بالسعر الجديد, فهو ما زال يقيس كل شيء على الدولار, ولا يثق بان السياسة الاقتصادية والمالية ناجعة وتحقق له سلعة تتناسب مع مدخولاته, كم ان سياسة البنك واجراءاته لاتزال بطيئة ولا تؤمن للتجار الكبار والصغار النقد الضروري الذي يغطي اثمان استيراداتهم بالوقت المطلوب مما يدفعهم لتأمينها من السوق السوداء.

لا تكفي الاجراءات المتخذة لتثبيت سعر صرف الدينار المقرر رسميا, خصوصا ان الفاسدين يجدون من الاساليب ما يمكنهم من النفاذ منها والتي تتطلب الملاحقة والمعرفة بها والمراجعة واغلاقها وتشديد العقوبات المتخذة بحقهم وتعديل وتشريع قوانين اكثر صرامة تتناسب مع الجرم الذي يرتكبونه .
اقرأ المزيد
الا ان الواقع يتحدث عكس ذلك واذا تحدثنا عن مرتكزات العملية التربوية التي تبنى على ثلاث ركائز اساسية يُكمل بعضها البعض وهي (المعلم والمنهج والابنية المدرسية) فلاخيرة مايزال ملفها يرواح مكانه حيث بات من الطبيعي ان تشاهد بناية المدرسة الواحدة تشغلها ثلاثة مدارس في مايسمى بالدوام الثلاثي وربما سيكون رباعي أن بقى الوضع على حالة! فتخيل اي وضع هذا فالتلميذ قد سرق من حقة بالدرس والتعلم لان الوقت ضيق جداً مما يضطر العديد منهم الى الذهاب للمدارس الاهلية رغم فحاشة وقبح أسعارها ولذا فإن هذا المرتكز ساء إمرة هذا العام واذا تحدثنا عن المرتكز الثاني وهو المنهج (الكتاب) فان هذا العام تم تجهيز المدارس بنسبة اقل من ب50% بمعنى أن نصف الطلبة سوف لن يحصلوا على كتاب جديد بالألوان الزاهية وماتحمله من تاثير نفسي لدى الطالب والمعلم أيضا مما اضطر الاباء إلى الذهاب إلى الاسواق الملتهبة من أجل شراء الكتاب الجديد مع انهم مثقلون تماما في توفير لقمة العيش ومتطلبات الحياة اضافة الى القرطاسية التي ازدادت أسعارها إلى اضعاف الأسعار وهذا هم جديد أُضيف على العوائل المثقلة بتخبط النظام الاقتصادي وتقلبات السوق بعد ارتفاع فاحش للدولار اما الحديث عن المعلم وهو عماد العملية التربوية فالحديث عنة ذو شجون وياخذك نحو السياسية التي كلما ابتعدنا عنها وجدنا أنفسنا في قلبها فهي لب المشكله اذ مازال العديد من التربويين بتظاهرون دون أن يستمع احد لهم مطالبين بتعديل سلم الرواتب الذي لم ينٌصف الأسرة التعليمية والتربوية فضلا عن الدوائر الأخرى ولم يوفر الحد الأدنى للعيش الذي يتطلبه إذا ماعلمنا بأن الكثير منهم يعيش في ” الأجار” والذين افضل منهم حالاً فهم يعيشون بالعشوائيات لانهم لايمتلكون قطعة أرض والسعيد منهم هو ذلك الذي يمتلك أرضاً فقط ولا يستطيع بناء غرفة واحدة ليشعر بأن السقف الذي يحميهم هو “ملك طابو” تلك احلام لم تحققها الحكومات منذ عشرين عاما ولذا فاننا نطلق صرخة استغاثة لانقاذ التعليم والعملية التربوية بأن تضع الحكومة يدها على الجرح لتنقذ جيلاً كاملاً وضعت امامة عدة تحديات غاية الخطورة والدراسات تؤكد بأن حالات تسرب التلاميذ من الدارسة بدأت تتصاعد وان اشتغال الأطفال في السوق هو أمر خطير جدا ولايمكن لاحد تصور نتائجة السلبية مع انتشار خطر المخدرات والغريب في الأمر أن هذة المشاكل بدأت تتصاعد في كل عام مع وجود موازنات فوق الانفجار ية لم تغير اي شي في النظام التربوي والتعليمي وكان بالامكان أن يكون هذا العام افضل من الأعوام السابقة لان الحكومة أطلقت على نفسها حكومة خدمات لكنها وكما يبدو انشغلت بأمر اخر قد يكون اهم من القطاع التربوي وتلك مصيبه عظماء بأن يصبح ملف التعليم اقل أهمية ونحن نِشاهد كيف يتهاوى البِناء فوق رؤوسنا ونخسر طاقة شبابية كان بالإمكان ان تعيد العراق الى سابق عهدة قويا متعلما صلب الارادة وليس في ذّيل قائمة التعليم …
اقرأ المزيد
إلا أن الأكثر إثارةً في (الذكاء الاصطناعي) هو قدرته على «فهم الحياة بمستواها الأكثر حميميَّة والقدرة على العبث بها، كذلك إمكانية على تكوين علاقات وديَّة مع الناس، واستخدامها لتغيير ارادتنا ووجهات نظرنا، على الرغم من عدم وجود ما يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لديه أي وعي أو مشاعر خاصة به، فإنه يكفي لتعزيز العلاقة الودية المزيفة مع البشر».
إزاء ذلك نتبيّن أن هذا (الذكاء الاصطناعي)، تعامل بوجهين: أحدهما لصالح البشرية واستثمارها في بناء حياة جديدة ورغيدة العيش، إلى جانب قدرته على تدمير الحياة البشرية، وذلك على وفق ما يتم تخزينه.
كما نجد أن العواطف التي يتعامل على وفقها، تعدُّ عواطفَ جميلةً ودبلوماسيَّة ومريحة للآخرين، إلا أنها تخلو من المشاعر النقية، والتعامل الإنساني الحميمي السليم.. فهل نستجيب نحن البشر لهكذا تعامل كما هو قائم في الكثير من العلاقات البشريَّة المنافقة والمزيفة والكاذبة، أم نستقبل هذه الحفاوة الآلية بمسرّات تريح نفوسنا وتبعث المشاعر في آفاقنا؟
من جانب آخر، نرى أن (الذكاء الاصطناعي) يبحث ويؤكد أن السببيَّة في التعامل مع الأشياء ومع البشر كذلك.
يقول كوكو أوغلو من جامعة بوردو ـ في المقال الوارد نفسه:
«أي شيء يتجاوز التوقعات؛ يتطلب نوعًا من الفهم السببي، فإذا كنت ترغب في التخطيط لشيء ما، وإذا كنت تريد العثور على أفضل سياسة؛ فأنت بك حاجة إلى نوعٍ من التفكير السببي»، و(الأسباب) هنا تؤشر أمامنا إلى جملة من الأسئلة في ما يتعلق بأوضاعنا الراهنة، ذلك أن حياتنا باتت عرضة للتجارب.. وهو أمرٌ يلحق بالبلاد الكثير من الخيبات والفشل المتراكم، وبالتالي ثقل معالجة هذه الإخفاقات مجتمعة، وفي (سلة واحدة) ومن قبل الأشخاص أنفسهم.
فاختيار شخصيَّة سياسيَّةـ أيا كان انتماءها ـ لموقع لا خبرة له فيها؛ سيكون بالتأكيد أحد أهم أسباب الفشل في أداء هذه المهمة.. فلا يكفي أن يكون هناك عنصرٌ مخلصٌ لمبادئه، في وقت يجهل تنفيذ المهمة المناطة به..
انه سيكون أداة من أدوات الفشل، التي تلحق الضرر لا بالبلاد وحدها؛ وإنما بالجهة السياسيَّة التي تمثلها هذه الشخصية..
كذلك لا يمكن الموافقة على أي مشروع من المشروعات، أو أي عملٍ من الأعمال، التي يراد إنجازها؛ ما لم تكن هناك أسبابٌ حقيقيَّةٌ فاعلة، تتجاوز الفشل الذي يمكن أن يلحق بها، وذلك نتيجة لمعطيات أو اجتهادات أو أمزجة غير مدروسة من قبل متخصصين..
الأمور لا تقاس بالنوايا الحسنة وحدها، ولا بالمشاعر الطيبة التي نحملها؛ وإنما بمدى صلاحية وأهمية وجدوى ما نفكر في إنجازه على صعيد البناء الإنساني والعمراني 
معا..
ولو تيسر لذوي الخبرة أن يعملوا بخبراتهم كافة، وبعقلية العالم والمفكر والخبير والوطني الحميمي كذلك؛ لكنّا قد قطعنا أشواطًا من النجاحات المثمرة، بدلا من الإخفاقات والأزمات والاشكالات، التي تمنو يوميا وتتفاقم بشكل مستمر، بحيث لا نجد سبيلًا لمعالجتها معالجةً ستراتيجيَّةً خلّاقة، ولسيت تكتيكيَّة مؤقتة.. لتبقى المشكلات معلقة ومتفاقمة لا نجد حلولًا لها..
فهل نترقب من (الذكاء الاصطناعي ) أن يحلّها نيابة عنا؟.
اقرأ المزيد
تكمن أهمية التعداد العام للسكان في كونه السبيل الوحيد لقاعدة بيانات يمكن أن تكون دليلا في اتخاذ القرارات واجراء المقارنات والدراسات ووضع الخطط التنموية في بلد ما، وتمتد هذه الأهمية المستمرة إلى وظيفة التخطيط التي لا تنتهي عند تحقيق الأهداف، لأن الهدف الإنمائي يبقى متحركا تبعا لحركة موجودات الحياة وقوانين التطور ما بقي الليل والنهار.

وكان العام 2007 موعدا لاجراء التعدادا العام للسكان طبقا للدورة الإحصائية العراقية، حيث كان يجرى كل عشرة أعوام، إلا أنه أرجئ بسبب الظروف الأمنية في ذلك الوقت إلى العام 2009 على الرغم من كل الاستعدادات التي قامت بها وزارة التخطيط بالتعاون مع كوادر وزارة التربية والإنفاق الكبير على عناصر إجراء التعداد في وقته المحدد، ثم تأجيله إلى تشرين الأول 2010 بسبب ما قيل عن التجاذبات السياسية حول التعداد في المناطق المتنازع عليها، وبعد ذلك تأجل إلى وقت غير مسمى، وتم تجاهله بشكل نهائي من قبل الحكومات المتعاقبة برغم الأهمية البالغة لاجراءه، حتى أعلنت وزارة التخطيط في الحادي عشر من تموز 2018 عن نيتها إجراءه في العام 2020، وبهذا ضّل واضع الخطط والستراتيجيات طريقه الخاص بالوصول الى الأدوات العلمية في خطط التنمية ، جراء عدم توفر البيانات.

وبحسب التجارب العالمية فأن أهمية التعداد لا تقتصر على إحصاء الكثافة السكانية وتوظيف البيانات في اتخاذ قرارات مستقبلية، فقد ثبت ان للتعداد دور كبير في تكريس تطبيقات التنمية المستدامة ،

والتخطيط الستراتيجي، والتكتيك القائم على التحليل الستراتيجي SWOT والذي يراد به دراسة عناصر ( القوة ، الضعف، الفرص، التهديدات)، وجميع هذه المفاهيم وسواها الاقتصادية والاجتماعية تستند في المشهد الكلي إلى الإحصاءات والبيانات المتعلقة بالطاقات البشرية والموارد الطبيعية والموجودات، وعلى هذا الأساس فان الخطط والإجراءات القطاعية في مشهد الاقتصاد الكلي على مدار عشرين عاما لم يتم بموجبها رصد ومقارنة حركة الأهداف الإنمائية وقياس درجات النجاح والفشل في معالجة معدلات (الفقر، البطالة، الأمية، الخصوبة، قوى العمل المحلية والوافدة، ناهيك عن عدم اعتماد المقاييس العلمية لتنفيذ الخطط الخاصة بالتوزيع العادل للثروة والخدمات الصحية والتربوية والخدمية الأخرى).

وبالتالي من له المصلحة في عرقلة اجراء التعداد على مدار ٢٠ عاما، وهل سيكون الموعد الذي حددته وزارة التخطيط في نهاية العام المقبل هو موعد نهائي لاجرائه؟

وهنا لابد من الاعتراف سلسلة الازمات التي اعاقت تنفيذ التعداد هي ذاتها التي اعاقت كل المحاولات الجادة للخروج بالبلاد من حالة الصدمة التي جعلت العقل الجمعي لا يؤمن بالارادة الوطنية ومستسلما للحلول الجاهزة من الخارج.
اقرأ المزيد

ألقى حادث اعتداء نساء مقربات من نائب عن دولة القانون على ضابط مرور ورفيقه الضوء على ازدياد حالات الاعتداء على رجال المرور في العراق.
فقد قامت امرأتان مقربتان من أحد نواب الإطار التنسيقي بالاعتداء بالأحذية على ضابط مرور ومنتسب آخر معه، قبل أن يقوم النائب بهاء الدين النوري عضو دولة القانون، بأخذهنّ من مركز الشرطة بعد رفع دعوى عليهن من الضابط المعتدى عليه.
ومن ثم توالت الأحداث بإصرار وزيرالداخلية بالاستمرار باتخاذ الاجراءات القانونية بحق المرأتين، وتكريم المعتدى عليهما لتصبح القضية،موضوع رأي عام، وربما هذا ما دفع ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، بفصل النائب النوري من الكتلة النيابية مع بقائه كنائب داخل الإطار التنسيقي.
 
ولم تكن هذه الحادثة هي الوحيدة بالاعتداء على رجال المرور في العراق، فقد سبقت ذلك، حالات كثيرة حيث شهد أحد شوارع بغداد قبل ساعات حالة سحل لشرطي مرور من قبل سائق تكسي، وقبلها بايام قامت مجموعة من أصحاب الدراجات النارية أو ما تسمى بـ (التوك توك) بالاعتداء على مفرزة مرورية في شرق بغداد !
 
من المعروف أن رجال المرور هم الأقل تسليحاً أو ربما لايحملون أي سلاح رغم أنهم محسوبون على وزارة الداخلية ولا يملكون أي صلاحية بالاعتقال كما باقي القوات الامنية وربما هذا ما يعرضهم للاعتداءات المستمرة من قبل بعض ضعاف النفوس وتصل بعض الحالات للقتل.
 
خدمة في ظروف جوية قاسية
 
من المعروف أن العراق يشهد في فصل الصيف ظروفاً جوية قاسية جداً، حيث تصل درجات الحرارة الى 60 م في المناطق المكشوفة، خصوصاً في الشوارع المزدحمة حيث تزداد درجات الحرارة نظرا لعوادم السيارات وأجهزة تبريدها والتي تزيد من حرارة المكان. كلنا يرى بأمّ عينه، أن ضابط المرور أو شرطي المرور يقف تحت أشعة الشمس، لينظم حركة السير، والمحزن في المشهد هذا، أن مركبات المواطنين تقف بجانب شرطي المرور في الاشارة الضوئية، وهذه المركبات تبث حرارة قوية بسبب عوادمها ومحركها الذي تزداد حرارته بسبب تشغيل المكيفات وما تسببه من تشغيل لمراوح المحركات لتبث حرارة عالية على من يقف بجانب هذه المركبات وهو شرطي المرور!
تخيلوا هذا الموقف في ظهيرة العراق وبدرجة حرارة تصل 50 أو 55 درجة مئوية، وليتخيل سائق هذه المركبة كيف هو وضع شرطي المرور!
مثلا في البصرة جنوبي العراق قبل سنوات، وبسبب درجة الحرارة العالية جداً هناك، لقي أحد أفراد شرطة المرور مصرعه بسبب الإجهاد البدني في الحر كذلك نسمع بين الحين والآخر، عن سقوط رجال مرور وفقدانهم الوعي بسبب الاجهاد والحر، ناهيكم عن الاعتداءات المستمرة عليهم .
وهنا يتبادر الى الذهن بعض الاسئلة:
من منا وقف بجانب شرطي المرور في الاشارة الضوئية وقام بإطفاء محرك المركبة كي يقلل من حرارة المكان وبالتالي يقلل من عناء هذا الشرطي؟
من منا يشكر رجال المرور على جهودهم عند مرورنا من جانبهم لنعطيهم دفعة معنوية نظير عملهم المُرهق؟
 
و لنسأل كذلك:
 
لماذا لا يحترم بعض مواكب المسؤولين العراقيين رجالات المرور؟
كم سمعنا باعتداءات مواكب المسؤولين على رجال المرور لانهم أرادوا تطبيق القانون على مخالفات هذه المواكب أو منعها من السير عكس الاتجاه أو خرق الاشارة الضوئية الحمراء ؟
ولماذا تراجعت المنظومة الاخلاقية للكثير بحيث أن من يعتدي على رجال المرور (العُزل من السلاح)،هم نماذج من جميع فئات الشعب، ابتداءاً من أصحاب (التوك توك) وأصحاب مركبات الاجرة و انتهاءاً بالمسؤولين في الدولة وعشيقاتهم ؟
ولماذا لا تقوم الدولة بشكلٍ صريح بحماية رجال المرور من الاعتداءات المتكررة وذلك عبر توفير حماية أفراد الشرطة وهذا ليس بالأمر الصعب، خصوصاً وأن وزارة الداخلية العراقية من أكبر الوزارات والمؤسسات امتلاكا للمنتسبين فيها وهذه الوزارة لا تشكو من نقص في مواردها البشرية، بل على العكس، تشكو الترهل الوظيفي كباقي مؤسسات الدولة العراقية، بسبب حملات التعيين لاجنداتٍ انتخابية مما تسبب بتخمة بشرية في هذه الوزارة وباقي الوزارات ايضاً .
 
هيبة الدولة باحترام القانون
 
لا شك أن العراق بشكلٍ صريح مفتقداً لمفهوم الدولة واحترام مؤسساتها، فكيف يحترم المواطن العادي دولته وهو رأى بأمّ عينه أن بعض منتسبي الاجهزة الامنية قاموا بوقتٍ سابق بالدهس على صورة القائد العام للقوات المسلحة لأنه قام باعتقال عدد من المشتبه بهم من ضمن هذه الاجهزة ؟ عندما يرى المواطن البسيط هكذا مشهد، من الطبيعي أن يمتنع عن إحترام رجل الأمن ما دام الرجل الامني لا يملك ارادة الدفاع عن نفسه لاسباب عديدة .
 
بالمقابل، من غير المستبعد أن هناك مساع جادة لمنع انتقاد أداء الحكومة والطبقة السياسية في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي واعتبار ذلك تهديداً للأمن القومي عبر سنّ تشريعات برلمانية منتظرة، وفي الوقت ذاته يُسمح بالاعتداء على رجال المرور لتمُر حالات الاعتداء عليهم مرور الكرام، خصوصاً في حال عدم وجود كاميرا هاتف توثّق الحادث وعدم وجود "ترند" في وسائل التواصل الاجتماعي يُجبر الكُتلة السياسية الفلانية على طرد نائبٍ عنها، لأن له صديقة اعتدت بالحذاء على شرطي مرور وتم تصويرها ونشر التصوير في فيسبوك وتويتر!

اقرأ المزيد

كان العراق متقدماً على بلدان المنطقة بإعطاء الأولوية القصوى للتعليم منذ أول تأسيس الدولة العراقية عام 1921.
بُنيت جامعات رصينة و كبيرة إبان العهد الملكي وحتى الجمهوري، مثال ذلك، جامعةُ بغداد التي تأسست عام 1957 كانت لبناتها الاولى قبل ذلك في عام 1908 عندما تأسست ( مدرسة الحقوق ) و تبعها بسنواتٍ اخرى ( دار المعلمين ) ومن ثم الطب والصيدلة والتربية .
لكن ما يحصل اليوم يثير الشكوك في نوايا كثيرين يضمرون الشر للعراق بالعمل على نسف عامود أساسي يرتكز عليه المجتمع وهو التعليم.
 
قانون محو الأمية في العراق:
 
شهد العراق في سبعينات القرن الماضي، طفرةً لا بأس بها في مجال التعليم العالي فضلاً عن التعليم الاساسي، لا بل تعدى الأمر الى سّن قانون محو الأمية في عام 1971. ساهم بتقليل معدلات الأمية في هذا البلد الذي علّم العالم القراءة والكتابة قبل آلاف السنين.
لا بل أصبح العراق، منارة للعلم في المنطقة ومصدراً للمعرفة والمعلومات وذلك لامتلاكه في ذلك الوقت نظاماً تعليمياً يُعتبر من أفضل الانظمة التعليمية، وكان الأول عربياً بحسب تقارير اليونسكو عام 1980.
 
حروبٌ قتلت الشباب و جرحت التعليم !
 
مع نشوب الحرب العراقية الايرانية عام 1980 وغزو العراق للكويت عام 1991، بدأت مرحلة التراجع عن مكتسبات ستين عاماً من بناء التعليم في العراق، وبرغمِ ذلك بقيت الرصانة التعليمية موجودةً بمختلف الاختصاصات العلمية والادبية، حتى في زمن الحصار الاقتصادي الذي فُرض على العراق بعد 1991 ولغاية سقوط نظام صدام حسين عام 2003 .
ازدهار الأمية المجتمعية بعد 2003
تراكم الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية منذُ عام 1980، وتفاقم هذه الأزمات بعد عام 2003 من حربٍ طائفية وتمترسٌ مذهبي و قومي، والفساد، عوامل أدت إلى أن يزدادُ الطينُ بلة في هذا المضمار. أصبح العراق بسبب هذه التداعيات من الدول المتصدرة لأعلى نسب الامية، حيثُ قالت أحدث التقارير الاممية إن أكثر من 11 مليون من مختلف الأعمار هم "أميّون" لا يُجيدون القراءة ولا الكتابة، وذلك من أصل 40 مليون مواطن عراقي، و هذا ما يدق ناقوس خطر من استفحال الجهلٌ المجتمعي، ( خاصةً ان العراق هو بلدٍ إسلامي يخشى فيه البعض من استحواذ بعض المنابر على عقول الناس، تُشيع بينهم الخرافات لتكون بديلاً عن العلم، و أن يكون التجهيل مُمنهج ليبقى المواطن رهينة عدم التفكير والاعتماد على ما يسوّق لهم من مفاهيم معينة ) أدّت هذه الاميّة في القراءة والكتابة، الى نشوء اُميّةً ملحوظة في الوعي المجتمعي، فازدادت على أثرها المشاكل الاجتماعية وحتى السياسية. أصبح الكثير من العراقيين، لا يحتكمون الى مؤسسات الدولة لحل مشاكلهم الخاصةِ والعامة، لا بل انعكست هذه الاميّة حتى على الوعي الانتخابي للمواطن العراقي،الذي انقسم بين مقاطعٍ للانتخابات، أو ناخبٍ لسياسيٍ يُرشي المجتمع بوعود أغلبها كاذبة !
 
التعليم الأهلي:
 
بسبب الانفجار السكاني، و الوعودٌ الكاذبة للحكومات المتتالية ببناء مدارسٍ ومؤسسات علمية، طفا الى السطح مصطلح التعليم الأهلي، ورغم ايجابية الأمر، لما فيه من تشغيلٍ لأبناء هذا السلك في القطاع الخاص وامتصاص لبعض البطالة في قطاع الشباب لكن العامل السلبي هو الإصرار على إهمال قطاع التعليم، لا بل أصبح الأمر وكأنه خطة مدروسة لخصخصة القطاع وحتى طبع المناهج التعليمية.
الرابح الاكبر هنا، هم مافيات الأحزاب الحاكمة، فجُل الجامعات الأهلية تابعة لشخصياتٍ وأحزاب تدر عليهم ملايين الدولارات سنويا كدخلٍ ثابت لهيئاتهم الاقتصادية التي لها إصبع في كل مؤسسات الدولة العراقية.
مقابل هذه الأموال التي يعطيها الطالب نظير شهادته الجامعية، يريد أن يعوض ملايين دنانيره التي خسرها، بأن يجد وظيفة حكومية بانتظاره وسط انهيار القطاع الخاص واتجاه الحكومات لتعيين الشبان لأجنداتٍ انتخابية، عُرفت بأنها "سياسة التعيين مقابل التصويت"!
بالتزامن مع هذا، ظهرت في العراق ظاهرة (شراء رسائل الماجستير والدكتوراه) وهي ظاهرة ضربت رصانة الشهادات الجامعية و التعليم في العراق بشكلٍ عام، كان المستفيد منها جامعات أجنبية لا تملك رصانة وغير معترف بها عالمياً، تُعطي شهادات الماجستير والدكتوراه بلا استحقاقٍ علمي، و ذلك نظير مبلغ مالي من الطالب.
أغلب من حصل على هذه الشهادات هم الساسة والمقربون من الأحزاب من أجل الحصول على مكاسب وظيفية وصلت حتى لاستلام مناصب وزارية رفيعة.
في حين كانت الحكومة السابقة قد وجهت بعدم الاعتراف بدرجات الماجستير والدكتوراه المستوردة من جامعات اجنبية، بيدْ أن الحكومة الحالية في موازنتها لعام 2023، قد أقرت بأحقية أن تقوم وزارة التعليم العالي، باستحداث فروع في الجامعات والكليات الاهلية العراقية، لتمنح شهادات الدبلوم والماجستير والدكتوراه .
الأمر الذي اعتبره أكاديميون عراقيون، بأنها رصاصة الرحمة على رصانة التعليم في العراق!

اقرأ المزيد

كما ظهرت مركبات عديدة جديدة لها تأثير واضح علي الجهاز العصبي والدماغ، وكما نعرف ان المخدرات هي كل مادة نباتية، أومصنّعة تحتوي على عناصر منوّمة، أومسكّنة، وكل مادة يساء استخدامها، أي أنها استخدمت في غير الأغراض الطبية المعدة لها فإنها تصيب الجسم بالفتور والخمول وتشلّ نشاطه، كما تصيب الجهاز العصبي المركزي والجهاز التنفسي والجهاز الدوري بالأمراض المزمنة.

كما تؤدي إلى حالة من التعود، أو ما يسمى “الإدمان”، مسببة أضرارًا بالغة بالصحة النفسية والبدنية والاجتماعية، والإدمان خطر اكبر يعاني منه المتعاطين نفسيا وجسديا، حيث يفقد الشخص القدرة على القيام بأعماله وواجباته اليومية في غياب هذه المادة، وفي حالة التوقف عن استعمالها تظهر عليه أعراض نفسية وجسدية خطيرة، وقد تؤدي إلى الموت، أو الإدمان؛ الذي يتمثل في إدمان المشروبات الروحية، أوالمخدرات، أوالأدوية النفسية المهدئة، أوالمنومة، أوالمنشطة.

والحقيقة أسباب انتشار هذه الآفة الاجتماعية في العراق نتيجة التغيير السياسي لسنة 2003م وانفتاح الحدود على مصراعيها، حيث نشطت هذه التجارة الأكثر خطرا على بنية المجتمع اضافة إلى اسباب اخرى تتعلق ببنية المجتمع، كالجهل بأخطار استعمال المخدر، وضعف الوازع الديني، والتنشئة الاجتماعية غير السليمة، اضافة للتفكك الأسري، الفقر والجهل والأمية، والثراء الفاحش والتبذير دون حساب، انشغال الوالدين عن الأبناء، وعدم وجود الرقابة والتوجيه، وعدم وجود الحوار بين أفراد العائلة، ومجالسة، أو مصاحبة رفاق السوء، والبطالة والفراغ، وصحيح أن ارتفاع معدلات البطالة وحالة اليأس وانخفاض الفرص، والنزوح وعدم الاستقرار. 

بالاضافة الى ما عاشه البلد من حروب واحتلال واستمرار النزاع المسلح والإرهاب، يجعل السكان، الشباب والفئات المهمشة خاصة، أكثر تقبلا لتعاطي المخدرات وكذلك لتهريبها والاتجار بها وتصنيعها من أجل كسب المال، إلا أن الترويج الحقيقي وتجذير المشكلة، غالبا ما يتم، إما بمساهمة المسؤولين الحكوميين الفعلية، أوالتغاضي عنها لأسباب يرون فيها تقوية لنفوذهم، ولكن لابد من تسليط الضوء على قوى الامن حاليا، وهي تقوم بدور كبير وجبار في مكافحة هذه الآفة الاجتماعية الكبيرة والمرض الخطير، وكانت المواقف الامنية اليومية، والتي تودي بالكثير من تجار المخدرات تسر الخاطر وتبشر بالخير.. لكن هل يكفي فعل وعمل القوات الامنية؟، يقول علي البياتي وهو عضو سابق في مفوضية حقوق الانسان العراقية: (أن المخدرات تنتشر أكثر في المناطق الفقيرة والمدن، التي تعاني نسب بطالة عالية، حيث تصل نسبة التعاطي بين الشباب في المناطق الأكثر فقرا إلى 70 %.).

إذن الأمر يتعلق بتكاتف الجميع، لردع هذا الخطر، ومحاولة معالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتفعيل وسائل الوعي، ومحاولة استعمال تقنيات حديثة للكشف عن المخدرات في المناطق الحدودية، وكشف تورط جهات سياسية ومجاميع مسلحة، وبعد استفحال خطر المخدرات، لا بد من إيجاد واستحداث مراكز التأهيل في العراق، ليتسنى اخراج المدمنين من دائرة الخطر إلى الحياة الطبيعية، ولا ننسى دور البرلمان في التحرك للحد من هذه الظاهرة ومن خلال تشديد العقوبات.

 
اقرأ المزيد

كثيرة هي المساحات الشاسعة من الأراضي الفارغة، التي تحيط بالمدن العراقية التي تمتد حتى الحدود مع دول الجوار في محيطنا الإقليمي، في محافظة السماوة لوحدها يوجد 50 الف كيلو متر في منطقة البادية تشكل مانسبته 90 % من مساحة المحافظة، هي أراضٍ غنية بالموارد الاقتصادية الطبيعية النفطية والثروات المعدنية، وحجر الكلس ومعادن اخرى، لكنها ما زالت مطمورة تحت الأرض منذ 100 عام مضت، وحتى النباتات الطبيعي التي تدخل في صناعات طبية مختلفة لم يلتفت اليها احد في هذه المناطق، فالاستيراد أسهل وأصبح مستساغا أفضل من الصناعة الوطنية، أما المواقع الاثرية فلها حديث اخر، لما تحويه هذه المساحات الشاسعة من كنوز أثرية تاريخية لم ينقب عنها ولم يتم اكتشافها حتى الآن، وكذلك الأمر في صحراء الأنـبـار الغنية بـالمـوارد الاقتصادية، كالغاز والنفط والمواقع السياحية، التي يمكن أن تشكل إضافة للموارد النفطية، وباقي المدن العراقية التي تتميز كل واحدة منها عن الاخرى بطبيعتها وبيئتها الجغرافية، ولو نفذ مسحا جغرافيا للمنطقة الصحراوية، التي تشكل ثلث مساحة العراق الممتدة من محافظة الأنبار إلى محافظة البصرة، سنجد أننا نمتلك منطقة استثمارية فريدة من نوعها، يمكن أن تتحول إلى استثمارات في السكن والسياحة والصناعة والطاقة، وبالرغم من أن قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل ولد في ظروف صعبة جداً، وكان يحمل بين طيات مواده التسهيلات الجاذبة، لكل المستثمرين العراقيين والعرب والأجانب بهدف نقل التقنيات الحديثة للإسهام في عملية تنمية العراق، وتطويره وتوسيع قاعدته الإنتاجية والخدمية وتنويعها، إلا أنه لم يستغل بشكل صحيح وواجه عقبات كثيرة حدت من استغلاله، عالميا يحتل العراق المركز الثاني في احتياطي الفوسفات، الذي يُقدَّر بنحو 10 مليارات طن، ويمثل ما يقرب عن 9 بالمئة من حجم الاحتياطي العالمي.

كذلك يمتلك العراق خامات المعادن الصناعية الفلزية واللافلزية، مثل الكبريت الحر ورمال السيلكا وغيرها من المعادن في مناطق مختلفة من أراضيه، التي تشكل فرصاً استثمارية للصناعات التعدينية والإنشائية، هذه الثروة المعدنية في العراق لم تستثمر بشكل يضمن تحقيق موارد مالية كبيرة للبلاد، يمكن من خلالها رفد موازنة الدولة، بدلاً من اعتمادها الكلي على الإيرادات النفطية، وهناك الكثير من المعادن مازالت في مكانها، وغير مستثمرة بالشكل الصحيح، وقد يكون غياب التخطيط الستراتيجي للنظام الاقتصادي، من أهم أسباب عرقلة عمليات الاستكشاف المعدني واستثمارهذه الثروات في مناطق ومدن يعاني اهلها من الفقر والبطالة وانعدام الخدمات،، انعدام البيئة الاستثمارية أو الضعف فيها سينعكس حتما على جذب الاستثمار الاجنبي المباشر، اضافة إلى أهمية الاستثمارات الأجنبية لما لها من دور في في اقتصاديات الدول المضيفة للاستثمارات، خصوصا اذا كانت تلك الاستثمارات في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية والحد من البطالة وزيادة الايرادات وتقليل الاختلال في ميزان المدفوعات، مفهوم مناخ الاستثمار يمثل مجموعة القوانين والسياسيات التي تؤثر في ثقة المستثمر وتقنعه بتوجيه استثماره إلى بلد دون آخر، خيار جذب الشركات الاجنبية الرصينة ورؤوس اموال المستثمرين ستحل الكثير من العقد الاقتصادية المستعصية على الحكومة في توفير الخدمات وفرص العمل واعادة اعمار البنى التحيتة للدولة.

اقرأ المزيد

لكنها أزمة مركبة تعود جذورها إلى الجيل الأول من المهاجرين المغاربة الذين وفدوا إلى ميناء مارسيليا منذ بداية القرن العشرين وقبلوا القيام بأعمال يرفضها الفرنسيون واستلموا وظائف لا تخلو أحيانا من الخطورة(حفر الأنفاق).

ولأسباب عديدة منها احتلال بلادهم، وتعرضهم للظلم ومنع من يحمل أسماء أمازيغية غير مقبولة في المجتمع الفرنسي (قبل قيام الاصلاحات) من دخول سوق العمل، فإن عددا غير قليل منهم رفض الجنسية الفرنسية.

لم يتمكنوا من التصالح مع البلد المضيف، وترسبت أحقاد دفينة عند هذا الجيل (الأجداد) وانتقلت إلى الجيل الثاني، وتوارثها الجيل الثالث.

قسم كبير منهم لم يكمل تعليمه، ولم يحظ بالتالي بفرصة تحسين أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية، وهم في غالبيهم يعيشون في أحياء منعزلة، هامشية، في ظروف غير ملائمة، تتزايد فيها معدلات البطالة.

منهم من يبحث عن حياة سهلة، ويفضل الركون إلى المساعدة الاجتماعية التي تقدمها الدولة، في حين أن شريحة كبيرة من الجيل الثالث من المهاجرين تأخذ على الحكومات المتعاقبة إهمالها مطالبهم، وعزلهم في تجمعات بعيدة من المجتمع الفرنسي، وحصر عملهم في مجال السمكرة والكهرباء( على الرغم من بروز نجوم من أبناء الأحياء الشعبية من المهاجرين في مجالي الرياضة والفن).

من جهة ثانية، أثر خطاب اليمين المتطرف ضد المهاجرين المسلمين تحديدا بشكل سلبي على اندماج المسلمين في فرنسا وحرض عليهم في وسائل الإعلام.
ماكرون متهم، على حد ما ذكرته صحيفة التايمز، بشحن المهاجرين خارج المدينة تمهيدا ل» دورة باريس للألعاب الأولمبية 2024».

لكن ما حصل هو العكس تماما؛ السياسات المتبعة أدت إلى تسليط الضوء عليهم مجددا.

في المحصلة، الإخفاق في إدارة الأزمة التي تعيشها فرنسا ليس سببها «مهاجرون مغاربة»؛ هي ذات أبعاد متعددة: حسب مجلة le point الفرنسية، سياسات ماكرون هي التي ضاعفت الأزمة وسط خوف من أن يقضي على المجتمع الصناعي ويعمل على زيادة الدين العام.

إنها مشكلة دولة ترفع شعار “الحرية والعدالة والمساواة” وتتقاعص عن تحقيقها.

الرئيس الفرنسي في موقف لا يحسد عليه: داخليا، أمام غضب شعبي نتيجة تمريره مشروع ما سمي ب “إصلاح نظام التقاعد”.
وخارجيا، فتور في حضور باريس على الساحة الدولية.

الاندماج لا يتوقف على المهاجر وحده.

الحل يبدأ من الداخل عندما تطرح الحكومة الفرنسية خطة إصلاحات جذرية، وتعمل على تنفيذها.

أما إذا غلبت العنصرية وسياسة اليمين المتطرف، فسنشهد جولات متكررة من الاحتجاجات في عاصمة الموضة، وغيرها من العواصم الغربية.
اقرأ المزيد
في السنوات الأخيرة، توصل النخب السياسية إلى فهم عميق لأهمية التحولات الاجتماعية والتكنولوجية الحديثة، والتي تشمل تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتحليل الضخم للبيانات، وأصبح من الضروري على الزعماء الجدد أن يكونوا على دراية بأحدث التقنيات والتحولات الاجتماعية، وأن يكونوا قادرين على الاستفادة منها في تشكيل السياسات العامة وتحسين حياة المواطنين.

كما أصبح من الضروري على النخب السياسية الجديدة المساهمة في بناء مجتمعات مستدامة ومتجددة، وهذا يتطلب منهم القدرة على التأقلم مع التحولات الاجتماعية والتكنولوجية الحديثة، وتحقيق التوازن بين المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

علاوة على ذلك، يتعين على النخب السياسية الجديدة أن تتفاعل مع المواطنين وتهتم بمطالبهم ومشكلاتهم، وتعمل على إيجاد حلول لها.

وفي هذا السياق، يلعب التواصل والحوار بين النخب السياسية والمواطنين دوراً حاسماً، ويساعد على تعزيز الثقة وبناء العلاقات الإيجابية، ويمثل أيضاً وسيلة فعالة لتحقيق التنمية المستدامة.

وفي النهاية، فإن تحولات النخب السياسية في عصر الابتكار والتحولات الاجتماعية تمثل تحديات كبيرة، ولكنها أيضاً فرصاً كبيرة لتحقيق التقدم والتطور في المجتمعات.
ويتوجب على الزعماء السياسيين الجدد أن يكونوا على قدر عال من الوعي والمسؤولية، وأن يعملوا على تحقيق العدالة والازدهار الشامل للمجتمعات، وذلك من خلال توظيف التحولات الاجتماعية والتكنولوجية الحديثة في صالح المجتمعات وتعزيز التواصل والحوار بين النخب السياسية والمواطنين.

ومن المؤكد أن تحقيق ذلك يتطلب جهودا مشتركة بين الحكومات والمؤسسات والمواطنين، وأن يكون للنخب السياسية دورٌ قياديٌ في تحقيق هذا الهدف النبيل.
اقرأ المزيد
المشكلات الاقتصادية المزمنة في منطقتنا لها جذور مرتبطة بالمنظورات الاقتصادية، التي اعتمدتها الدول ذاتها منذ سنوات طويلة، هذه المنظورات غلب عليها الدوافع الفكرية أو ما يسمى النموذج الذاتي في بناء الاقتصاد، تركيا التي نجحت في تجربتها الاقتصادية بدأت تعاني من نتائج تدخل السياسيين - شخص الرئيس اردوغان- في ادارة الاقتصاد مخالفا المبادئ والقوانين التي ابتكرها الخبراء منذ امد طويل، في لجم التضخم وتحفيز النمو والمحافظة على سعر الصرف وتشجيع الاستثمار، وكل هذه المعادلات تشكل بمجموعها عاملا نفسيا وماديا يصنع الثقة بالاقتصاد أو يسلبها منه، ايران حاولت فصل العوامل السياسية الخارجية عن التأثير في اقتصادها ورفعت شعار (الاقتصاد المقاوم) محاولِة التغلب على الاثر النفسي للعقوبات على سعر الصرف، لكنها بالكاد تنجح في إبطاء سرعة انهيار العملة المحلية، وما زال السياسيون والخبراء والإعلاميون يخوضون سجالات حادة في كيفية حل الازمة المستفحلة، بين منظورين أحدهما يريد التعاطي مع قوانين الاقتصاد والاندماج بالسوق المالي العالمي، واخر يحبذ الانعزال والاعتماد على الذات وانتظار الحل باسلوب الاعتماد على امكانات الداخل.

اما حالة مصر التي عانت من ضعف اقتصادها منذ عشرات السنين، فان اسلوب الرئيس السيسي الذي جلب الاهتمام في السنوات الاولى من خطته، اصطدم بحقائق الواقع ولم تسعفه الطموحات الكبيرة والانفاق الواسع بقروض كبيرة في تأخير الاستحقاقات المتوقعة، وهي التاخر أو العجز عن سداد أقساط الدين وتراجع قيمة الجنيه وفرار المستثمرين وارتفاع نسبة التضخم.

القاسم المشترك في ازمات الدول الثلاث هو المنظور الاقتصادي، فهذا المنظور خضع جزئيا أو كليا للرغبة السياسية وليس لقوانين الاقتصاد، لمزاج الرئيس أو الهيئة الحاكمة وليس لاراء الخبراء المستقلين.

الرئيس التركي المعاد انتخابه أذعن أخيرا بأن أفكاره في خفض اسعار الفائدة لتحفيز النمو وزيادة إقراض المستثمرين المحليين واتخاذ اجراءات غير معهودة للحفاظ على سعر صرف الليرة لم تعد مجدية، وعليه أن يترك إدارة دفة الاقتصاد للخبراء، لذلك سارع إلى اعادة الخبير محمد شمشك ليسلمه ادارة المالية والاقتصاد، وعين (حفيظة غاية اركان) ذات الواحد والاربعين ربيعا، لترأس البنك المركزي في مسعى جديد لتدارك مشكلات الاقتصاد، الذي ينمو بسرعة ولكن تراجع قيمة الليرة أرهق الاقتصاد اليومي للناس، ايران ومصر مازلتا غير قادرتين على اتخاذ خطوات جريئة، كما تجرأ اردوغان بسبب التعقيد الكبير في العوامل الاقتصادية والسياسية.

نحن في العراق نحتاج إلى منظور اقتصادي يصوغه الخبراء ويتبعه وينفذه السياسيون وليس العكس، فقد تأخرنا كثيرا وتراكمت مشكلات بنيوية تحتاج إلى جرأة وصراحة وموقف حازم، ما يساعد على بناء هذه الرؤية الظروف الداخلية والخارجية الملائمة نسبيا وخطط رئيس الحكومة التي اعتمدت أولوية الاقتصاد، لكن المعوق لهذه الرؤية هو تنازع الاحزاب والزعامات الفاعلة والقوى السياسية التي استمرأت الاجراءات الشعبوية، منتهجة مبدأ توزيع الريع النفطي لغرض ارضاء الطبقات الفقيرة والجمهور الانتخابي، دونما رؤية علمية ولا حساسية تدرك الافق المستقبلي الملبد بغيوم التحديات الجسام.

يختلف الاقتصاديون في ما بينهم بشأن مناهج التنمية، بين داع إلى منهج النمو المتوازن في جميع القطاعات الانتاجية وبين منهج النمو غير المتوازن، لكل منهج من هذه المناهج محاسنه ومساؤه في الظروف المختلفة يعرفها اهل الاختصاص، لكن انتظار تطبيق منهج النمو المتوازن في الاقتصادات الهشة ضعيفة التمويل، يعيق تحقيق تقدم سريع في القطاعات الرائدة ذات المزايا، وميزة الاقتصاد العراقي أنه يمكن أن يحقق نموا سريعا في مجالات التشييد والصناعات التحويلية، بعدما اخفق في الاستفادة من مزية كونه اقتصاد طاقة ومنتجا كبيرا للنفط، فما زال العراق يستورد احتياجاته من موارد الطاقة (مشتقات نفطية + غاز) وتأخر كثيرا في صناعة البتروكيمياويات قياسا بما تنتجه السعودية وايران ومصر، ويفتقد إلى رؤية للتصنيع وما زالت مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الاجمالي ضعيفة لاتزيد على 3 بالمئة، يتعين في مثل الاحوال التوجه إلى الاستثمار في القطاعات القادرة على تشكيل رأسمال مولد قادر على توفير فرص عمل وتحقيق مردود، يمكن أن يحرك باقي القطاعات، العراق يهمل قطاع التعدين المهم (الفوسفات، الكبريت، الرمال، الحجر) ويفرط في تطوير صناعة السياحة والفندقة.

إنه يستقبل ملايين الزائرين ولا يعرف ادارة قطاع السياحة الدينية، كما تفعل السعودية لزيادة فرص التشغيل وتحقيق عوائد مالية، وتتوالى الأمثلة على ضعف (التفكير الاقتصادي) وتنامي عوائق الانطلاق نحو تنمية سريعة، تنقذ البلاد من ترهل القطاع العام وتخفف عن المالية العامة كلف التشغيل البيروقراطي غير المنتج، بما يسبب هدرا في الموارد ومشكلات اجتماعية وسياسية لا حصر لها، كما هو دائر الآن في الجدل السنوي على فقرات الموازنة العامة التي بالكاد ترى النور، وهي في أحسن احوالها ما زالت موازنة بنود، ولم تتحقق موازنة البرامج كما تعهد بذلك رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي عام 2018، العراق يحتاج إلى منظور اقتصادي يبعد السياسات الاقتصادية عن لعبة المصالح السياسية والانتخابية والحزبية، منظور يضع أهدافا وخططا للعشرين عاما القادمة، يوم يبلغ عديد السكان 70 مليونا ويفقد النفط أهميته، ويأخذ بالحسبان أن البلاد لا تصدر مواد مصنعة، وتستهلك ما ينتجه ويصنعه الآخرون بشراهة ورفاهية الثري الكسول.
اقرأ المزيد
في أول لقاء بينهما في القاهرة عام (١٩٦٣)، قال عبد الناصر لرئيس الوفد الكردي آنذاك مام جلال: (نحن القوميون العرب ليست لدينا حلول جاهزة للقضية الكردية..)، الأمر الذي أثار في ذهن مام جلال تحدياً مصيرياً، ونبهه إلى سؤال كبير وهو البحث بمسؤولية عن جواب واقعي له، وصار هاجسه الرئيسي: كيف له أن يعرف الوسط العربي بحقيقة القضية الكردية؟ 

فكان اختباره الأول هو لقاؤه بالرئيس جمال عبد الناصر، ونجاحه في التأثير على موقفه من القضية الكردية وكسب تأييده، وذلك من خلال المذكرة التي قدمها إلى مباحثات الوحدة الثلاثية في القاهرة بتاريخ (٨/٤/١٩٦٣)، وهذا ما أكده الدكتور جمال الآتاسي في مقدمته لكتاب منذر الموصللي عندما نقل عن الرئيس جمال عبد الناصر، قائلاً بأن: (الرئيس عبد الناصر كان مرتاحاً لمضمون الفكرة التي وردت في المذكرة التي قدمها جلال طالباني باسم الوفد الكردي إلى مباحثات الوحدة الثلاثية في ربيع ١٩٦٣).

لا شك بأن عدم اطلاع الوسط العربي على القضية الكردية، كان هاجساً يقلق عبد الناصر أيضاً الأمر الذي يفاقم هذه القضية ويقطع الطريق أمام حلها، وهذا القلق هو الذي دفعه حينذاك لأن ينصح مام جلال تلك النصيحة الذهبية التي ظل يعمل بها حتى آخر أيام حياته، وحول ذلك يقول مام جلال في كتابه (كردستان والحركة القومية الكردية)، ما يلي: (لا أنسى أبداً النصائح الأخوية الثمينة التى أسداها إلي الرئيس عبد الناصر فى حزيران 1963، حينما قابلته فى القاهرة..

 فقد نصحنى بتوضيح أمرين اثنين للأمة العربية: أولا- أن الحركة القومية الكردية تعادى الانفصالية ولا تريد تقطيع العراق..  ثانيا- أن الأكراد هم شعب أصيل يسكنون بلادهم كردستان منذ آلاف السنين، فهم ليسوا شعبا طارئاً، وليسوا معاديين للعرب بل إخوة لهم..).

وإدراكاً منه لأهمية نصيحة عبد الناصر، يتوجه مام جلال على الفور إلى بيروت، ويعقد هناك مؤتمراً صحفياً بتاريخ (٨/٦/١٩٦٣)، يشرح فيه هاتين النقطتين بدقة، رداً منه على حكومة بغداد آنذاك التي كانت تنشر بكثافة الدعايات والإشاعات التي تصور الحركة القومية الكردية كحركة إنفصالية شبيهة بإسرائيل..

وهكذا، فقد تمكن مام جلال من نسج خطاب موضوعي يفضح تلك الاتهامات والأضاليل المفبركة من جانب الجهات الشوفينية ضد القضية الكردية العادلة، ودأب من دون كلل أو ملل على تقديمها بصورتها الحقيقية من دون رتوش، وكان (مؤتمر الإشتراكية العربية)، في الجزائر عام (١٩٦٧)، فرصة أخرى، وكان مام جلال هو الكردي الوحيد الذي استطاع أن يحضره ممثلاً عن (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، فقد شكل المؤتمر حينذاك منبراً سياسياً هاماً حضرته كافة الأحزاب الشيوعية والإشتراكية والبعثية، ونخبة واسعة من الشخصيات والقيادات العربية المعروفة آنذاك، قدم فيه مام جلال ثلاثة بحوث هامة حول الإشتراكية والمسألة القومية وحول المسألة الكردية في العراق، وحول هذا المؤتمر يقول مام جلال في كتاب (لقاء العمر)، 

ما يلي: (لقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها بحث هذه القضية وحق الكرد بالحكم الذاتي وتقرير المصير في بلد عربي كالجزائر ووسط مجموعة من القوى الإشتراكية العربية وبعضها تتولى الحكم في بلدانها، فقد تحدثت هناك عن أن تقرير المصير والحكم الذاتي هما الحل الأمثل للصراع العربي الكردي، وبدونهما لا يمكن حل المسألة القومية..).

وشيئاً فشيئاً تبلور هذا الخطاب في ذهن مام جلال، واختمرت في ذهنه فكرة نشر بحث علمي متكامل عن كردستان والحركة القومية الكردية يهدف إلى تعريف الوسط العربي بتاريخ كردستان وحقيقة وجود الشعب الكردي وعدالة نضال حركته التحررية، فبادر عام (١٩٧٠)، إلى تتويج بحثه هذا بإصدار كتابه (كردستان والحركة القومية الكردية)، هذا الكتاب الذي جاء استجابة فعلية للنصيحة التي أسداها إليه صديقه الرئيس جمال عبد الناصر، وتتويجاً لبحثه عن جواب موضوعي يبدد الهواجس التي تقلق القادة العرب بسبب جهلهم بحقيقة هذه القضية. 

وفي هذا المجال يقول مام جلال في مقدمة كتابه هذا: (ولهذا وطدت العزم- وأنا في القاهرة آيار عام ١٩٦٣، على بذل الجهود اللازمة لاخراج هذه الفكرة إلى حيز الوجود، فشرعت بكتابة هذا البحث كمساهمة متواضعة في تعزيز الأخوة الكفاحية بين الجماهير الشعبية الكردية والعربية، وفي توضيح الحقيقة- التي كانت دوماً نبراس نضال الشعوب- عن القضية الكردية للرأي العام العربي الذي يتوقف على تفهمه الصحيح لها- إلى حد كبير- إيجاد وتنفيذ حل تقدمي سلمي لها وكذلك مصير الوحدة الوطنية لشعبنا العراقي ومستقبل الأخوة العربية الكردية..).

لا شك بأن خطاب مام جلال الواقعي هذا، ومواقفه الموضوعية، وعلاقاته المؤثرة مع عبد الناصر هي التي جعلت منه شخصية متألقة في الوسط العربي، وموضع اهتمام معظم القادة العرب، وفي مقدمتهم الرئيس السوري (حافظ الأسد)، فقد جذب مام جلال اهتمام الأسد منذ أن كان ضابطاً برتبة مقدم، وسره خبر لقائه آنذاك مع الزعيم العربي عبد الناصر، فقد تلمس حافظ الأسد، وكما يقول سالار أوسي في كتابه (جلال طالباني: أحداث ومواقف): (لقد تلمس حافظ الأسد هذه الحقيقة في شخصية جلال طالباني خلال لقائه معه عام ١٩٧٠، وأدرك أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه طالباني في المعارضة العراقية، ومدى فاعليته في الخارطة السياسية العراقية المستقبلية، علماً أن طالباني حينها لم يكن يمثل أي! تنظيم سياسي، وإنما كانت له سمعته السياسية ونشاطه السياسي الفردي وحسب..).

ومن جهته استطاع مام جلال أن يقرأ بدقة واقع العلاقات بين النظامين السوري والعراقي، وعمق التناقضات التي كانت تفصل بين جناحي حزب البعث في هذين البلدين، وصار يسعى كل جهده لبناء علاقة استراتيجية مع حافظ الأسد الذي بات يطرح نفسه زعيماً لجبهة (الصمود والتصدي)، ويسعى إلى ملء الفراغ الذي تركه رحيل الزعيم (عبد الناصر)، في الساحة العربية في مواجهة عدوه اللدود (صدام حسين)، هذا دون أن يغيب عن مام جلال البعد الطائفي والقومي للرئيس حافظ الأسد والذي جعله أكثر انفتاحاً من غيره من البعثيين، حيث قال مام جلال في كتاب (لقاء العمر): (وبحكم كونه أحد أفراد الطائفة العلویة المظلومة، كان عقله أكثر انفتاحا من رفاقه البعثیین، فلو لم یكن ھو على رأس السلطة، وكانت السلطة بید الشوفینیین العرب لما سمحوا للحظة أية حركة أو منظمة بأن تتأسس أو تعمل أو أن تقوم بنشاطاتها باسم الكرد..).
اقرأ المزيد

الديمقراطية، مصطلح يوناني قديم ، من أبسط دلالاتها تعني (سلطة) أو (حكم) الشعب. وتعد الانتخابات ركيزة أساسية لأي عملية ديمقراطية، لأنه عن طريق هذه الممارسة يستطيع المواطن أن يقرر مصيره ويشعر بالمساواة والحرية الكاملة. لكن الديمقراطية عندنا لم تعد تحير عقولنا فحسب، بل حيرت عقول جميع المتخصصين وحتى اللغويين بهذا المجال، وهي تتعارض مع المفهوم المعتمد في القاموس اليوناني كمصطلح سياسي.

صحيح أن هناك أساليب وطرق مختلفة لممارسة الديمقراطية وتطبيقها، لكن الديمقراطية التي نعتمدها نحن الكرد هي نوع آخر لامثيل له في أي بقعة بالعالم، وقد يكون هذا سببا لعدم ادراج تجربتنا الديمقراطية ضمن الأنواع المألوفة من ديمقراطيات العالم. فديمقراطتنا تعني لي الأذرع والضرب تحت الحزام.

ولا أدري لماذا تستعجلنا البعثات الدبلوماسية والأطراف الدولية على إجراء إنتخابات عاجلة من دون النظر إلى حساسية وتأزم الأوضاع الداخلية وما تعترض هذه العملية من معوقات وعقبات لاتسمح أبدا بإجراء إنتخابات نزيهة حرة وحقيقية يعبر فيها المواطنون عن آمالهم وتطلعاتهم؟!. ولماذا لا يرى هؤلاء ولا يسمعون ما يجري في كردستان حاليا وهم يعتبرون أنفسهم أبا للديمقراطية، كيف وبأي أسلوب غير قانوني تم تفعيل مفوضية الإنتخابات المنتهية صلاحيتها في كردستان وبهذا الشكل المزري؟. وكيف تناقلت وسائل الاعلام وقائع الجلسة الصاخبة لبرلمان كردستان والتي شهدت مشاجرات وملاكمات بالأيدي لفرض إرادة حزب على الجلسة وتمرير قرار التفعيل من دون جميع الكتل البرلمانية الأخرى بل وحتى الضغط على مجلس القضاء لقبول هذا القرار؟!.

والأهم أنه جرى ذلك في وقت مازالت تعديلات قانون الإنتخابات موضوعة فوق الرفوف تعلوها الغبار دون أن يتحرك أحد لطرحها على جدول الأعمال ، ناهيك عن الامتناع من تنظيف سجلات الناخبين ” العلوجية ” التي تتعارض أرقامها كلية مع حقيقة النسبة السكانية الحالية ، وكذلك الإبقاء على مشكلة المكونات من دون حل.

ثم كيف ولماذا يجب أن يبقى الفرق بين سجل الناخبين المعتمد في مفوضية الإنتخابات العراقية مع مفوضية الإقليم بحيث تصل تلك الفروقات في أعداد الناخبين حسب بعض الخبراء إلى حدود زيادة نصف مليون ناخب في سجلات الإقليم، مع تأكيد هؤلاء الخبراء بأن النسبة المضافة إلى سجل الناخبين تتركز جميعها في محافظتي أربيل ودهوك في حين أن النسبة خفضت في محافظة السليمانية بحدود 60 ألف ناخب؟!. أليست هذه الأحصائيات بحد ذاتها تدل على عدم وجود عدالة في إعتماد أرقام الناخبين؟ فإذا كان ثمن المقعد في البرلمان الكردستاني قد حدد بـ 35 ألف صوت، ألا يعني زيادة 561 ألف ناخب إلى سجلات مفوضية كردستان بأن 16 كرسيا ستذهب لصالح محافظتي أربيل ودهوك؟. أليست هذه قمة اللاعدالة واللاديمقراطية؟.

الغريب، أن كل من يفتح فمه اليوم يتحدث عن الديمقراطية وترسيخها وإحترام حقوق الانسان وحرياته، وليس هناك من لا يدعو كل يوم إلى ضرورة إجراء إنتخابات نزيهة ونظيفة خالية من التزوير، كما ليست هناك جهة، حزبا كان أو منظمة أو جماعة أو تحالف لايدعو إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا ومصلحة المواطن على المصالح الأخرى، لكن للأسف قليل هؤلاء من يلتزم بهذه المباديء التي يدعو إليها، وهذا بحد ذاته ما يشوه أي عملية ديمقراطية حقيقية ينشدها المواطن في كردستان.

وفي الختام أقول لمن يصر ويضغط بإتجاه إجراء الإنتخابات تحت الضغط الدولي ليدعي أنه ديمقراطي ، أقول لهم أن ما تدعون اليه تحت غطاء الديمقراطية سوف لن تفيدكم بشيء، ولو أجريت عشرات الإنتخابات الأخرى فلن تغير النتيجة، لأن من أبسط مفاهيم الديمقراطية هو أن نكون أحرارا في تقرير مصيرنا عبر صناديق الإقتراع، عندها فقط يمكننا أن نفتخر بعملية ديمقراطية حقيقية تحقق للمواطن العدالة والمساواة وحرية التعبير .

اقرأ المزيد

ما يجب أن يقال في نهاية المقال سأقوله في بدايته، وهو: لقد أثبت إردوغان أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان". كما أثبت انتصار إردوغان أن الشعارات والمقولات القومية والعنصرية والدينية الطائفية الجوفاء كانت المؤثر في قرار الذين صوّتوا لإردوغان، ومعظمهم من الفئات الشعبية الفقيرة والمعدومة، والتي لم تعي تناقضات الحياة اليومية، ولم توليها أي اهتمام عندما قررت تأييد إردوغان، وهو السبب فيما وصلت إليه البلاد من كوارث على صعيد السياستين الداخلية والخارجية.

وحقق إردوغان في نهاية المطاف انتصاره؛ بفضل إمكانيات الدولة التي يملكها والإعلام الذي يسيطر عليه تماماً، واستطاع من خلاله تشويش سمعة كمال كليجدار أوغلو وحلفائه، ومنع الناخبين من التفكير بواقعهم المرير اقتصادياً ومالياً واجتماعياً ونفسياً وأخلاقياً.

 كما منعهم من أن يتذكروا سياساته ومواقفه المتناقضة التي لا تتفق والسلوك الاجتماعي التقليدي الإيجابي للشعب التركي. فعلى سبيل المثال، منع إردوغان أنصاره وأتباعه أن يتذكروا كيف هدّد وتوعّد حكام الإمارات ومصر والسعودية والكيان الصهيوني، ثم عاد وتوسل إليهم كي يصالحوه، كما توسل إلى الرئيس بوتين في حزيران/يونيو 2016 بعد أن أسقط الطائرة الروسية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 على الحدود السورية-التركية.

 واستغل الرئيس بوتين هذا التوسل وأقام شبكة من العلاقات الشخصية والرسمية المثيرة مع إردوغان الذي تلقى أول تهنئة من الرئيس بوتين، بعد دقائق من إعلان انتصاره فاستعجل بالاتصال هاتفياً بالرئيس الأميركي بايدن، وليس بوتين، وبعد أن هنأه رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكانا من ألد أعداء إردوغان؛ بسبب دعمه المطلق للإخوان المسلمين وكل المجموعات والفصائل والقوى الإخوانية في مصر وليبيا وسوريا والعراق وتونس وباقي دول المنطقة.

وداخلياً، لم يتذكر الذين صوّتوا لإردوغان أنه ووزراءه كانوا جميعاً من حلفاء الداعية فتح الله غولن، مع العلم أن هناك عشرات بل مئات الصور والفيديوهات التي تثبت العلاقة الحميمة بين إردوغان ووزرائه مع غولن، الذي سرّب في كانون الأول/ديسمبر 2013 عشرات الصور والتسجيلات الصوتية والمصورة التي تثبت تورط إردوغان، ليس فقط بقضايا فساد خطيرة جداً بل أيضاً في الحرب السورية منذ بدايتها. كما لم يتذكر أحد تناقضات محاولة الانقلاب الفاشل في تموز/يوليو 2016، والذي شككت المعارضة في جديته، بعد أن استغل إردوغان هذه المحاولة فتخلص من نحو 200 ألف من أتباع غولن في الجيش والأمن والقضاء وباقي مؤسسات الدولة ومرافقها، ليحل محلهم أتباعه وأنصاره، خاصة بعد أن نجح في استفتاء نيسان/أبريل 2017 في تغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي ليصبح الحاكم المطلق للبلاد، وبدّد أي منافس ومعارض.

وهو الوضع الذي استفاد منه في حملته الانتخابية، إذ استغل جميع إمكانيات الدولة خلال هذه الحملة، من دون أن يبالي بمواقف المعارضة التي كانت تذكره بمواد الدستور والقوانين التي تفرض عليه أن يبقى على الحياد كرئيس للجمهورية، وهو ما يقسم عليه كل رئيس بعد انتخابه.

 واستنفر إردوغان ومعه كل الوزراء جميع إمكانيات الدولة لإقناع أنصاره وأتباعه وعبر وسائل الإعلام التي يسيطر عليها.

فعلى سبيل المثال، كانت مقابلاته تبث عبر 30 محطة تلفزيونية على الهواء مباشرة. وخصصت قنوات الدولة الرسمية التي يفرض عليها القانون أن تكون على الحياد 48 ساعة لإردوغان و36 دقيقة لكليجدار أوغلو للفترة الممتدة من 1 نيسان/أبريل إلى 11 أيار/مايو. كما غطت الدولة جميع مصاريف الحملة الانتخابية لإردوغان ومن معه باعتباره رئيساً للجمهورية، فيما كانت إمكانيات كليجدار أوغلو والمعارضة ضعيفة.

ومن دون أن تعني هذه المعطيات وأمثالها أن إردوغان لم يكن ناجحاً في تكتيكاته التي اكتشف من خلالها نقاط ضعف المعارضة وكليجدار أوغلو بالذات، بعد أن بعث برسائله الذكية لأتباعه وأنصاره حتى لا يصوّتوا له "لأنه علوي وخطير على الأمة والدولة التركية السنية".

 كما نجح إردوغان في تكتيك "الهجوم خير وسيلة للدفاع" عندما هاجم كليجدار أوغلو وحلفاءه واتهمهم بـ"الإرهاب والخيانة الوطنية والعمالة لأميركا والغرب والعداوة للأمة والدولة التركية" وهو الموضوع الأهم الذي أنسى الناخب التركي جوعه وكل ظروفه المعيشية الصعبة جداً.

وكان الاتهام الأهم في كل هذا هو الفيديو المفبرك الذي بثه إردوغان في كل تجمعاته الانتخابية، وقال إنه يثبت علاقة كليجدار أوغلو بقيادات حزب العمال الكردستاني الموجودة في جبال قنديل شمال العراق.

ولكن الأغرب هو أن المعارضة فشلت في التصدي لاتهامات إردوغان، والتي لعبت دوراً رئيسياً في انتصاره، إلى جانب اتهاماته الأخرى للمعارضة ومنها تناقضات "تحالف الأمة" الذي ضم 6 أحزاب، واحد منها اشتراكي ديمقراطي و5 منها يمينية محافظة ودينية لا فرق بينها وبين "العدالة والتنمية" عقائدياً، وكانت قيادتها قد انشقت عن هذا الحزب وحزب "الحركة القومية" بزعامة دولت باهشلي، حليف إردوغان الاستراتيجي.

كما فشلت المعارضة، ولا يدري أحد لماذا، في الرد على اتهامات إردوغان الذي اعترف في الماضي وأكثر من مرة وفي العديد من مقابلاته التلفزيونية بعلاقته مع حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان الموجود في السجن، وقيادات الحزب الموجودة في شمال العراق.

وهو ما كان آنذاك كافياً بالنسبة إلى دولت باهشلي لاتهام إردوغان بـ"الخيانة الوطنية والعمالة" قبل أن يتحوّل إلى حليف إردوغان في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 وكان قبل ذلك التاريخ من ألد أعداء إردوغان حاله حال كل الذين كسبهم إردوغان إلى جانبه وأياً كان الثمن سياسياً أو مادياً.

على سبيل نعمان كورتولموش (نائب رئيس العدالة والتنمية) وفاتح أربكان (زعيم حزب الرفاه الجديد) اللذين انشقا عن حزب "السعادة" الإسلامي الذي أسسه الزعيم الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان وتحوّلا بين ليلة وضحاها إلى حليفين لإردوغان.

مع التذكير أن نجم الدين أربكان كان قد قال عنه إنه "دمر الأمة والدولة التركية وباع كل ممتلكاتها للدول والقوى الإمبريالية الاستعمارية الصهيونية وصندوق النقد الدولي، وأن كل من يصوّت له إنما يصوّت لأميركا وإسرائيل" وهو ما لم يبال به نجله فاتح ومن صوّت له من الإسلاميين الأتراك، بل وحتى السوريين والآخرين ممن منحهم إردوغان الجنسية التركية.

كذلك كان سليمان صويلو من ألد أعداء إردوغان عندما كان زعيماً للحزب "الديمقراطي" قبل أن يعلن ولاءه له ليصبح وزيراً للداخلية حاله حال زعيم حزب "الهدى" الكردي الإسلامي الذي لا يعترف بهوية الجمهورية التركية (منح إردوغان الحزب 4 مقاعد وربما حقيبة وزارية)، وأعلنا ولاءهما لإردوغان حالهما حال سنان آوغان المرشح الثالث في انتخابات الرئاسة الذي حصل على 5.17% من الأصوات. ويبدو أن 2.5% منها ذهبت إلى إردوغان بعد أن أعلن آوغان تأييده له مقابل ملايين الدولارات التي قيل إن الرئيس الأذربيجاني تبرع بها لصديقه آوغان، وفق كلام وسائل الإعلام التركية.

فيما لم يذهب الباقون إلى صناديق الاقتراع، وهو ما صبّ في مصلحة إردوغان الذي كان من المتوقع له أن يخسر لو زادت نسبة التصويت عن انتخابات الجولة الأولى، لكنها تراجعت لأسباب عديدة منها فشل الحملة الانتخابية لكمال كليجدار أوغلو، والأهم زعماء الأحزاب الخمسة المتحالفة معه، وفشلوا جميعاً باستثناء تمال كاراموللا أوغلو، ابن "السعادة" الإسلامي في التأثير في أنصارهم حتى يصوّتوا بكثافة لكمال كليجدار أوغلو.

ويبقى الرهان على السياسات المحتملة للرئيس إردوغان، ويبدو واضحاً في خطابه ليلة الانتخابات، أنها لن تتغير ما دام أنه سيستعد للانتخابات البلدية في آذار/مارس القادم؛ لأنه سيسعى لاسترجاع بلديات الولايات الرئيسية الكبرى، ومنها إسطنبول وأنقرة، والتي خسرها في انتخابات آذار/مارس 2019 وصوّتت في الانتخابات أمس لكمال كليجدار أوغلو، ويعرف الجميع أن إردوغان لن يغفر لها ذلك، وسوف ينتقم منها مهما كلفه الأمر. وهو ما أثبته في الانتخابات الأخيرة، ويبدو أن المعارضة (الشعب الجمهوري) لم تستخلص الدروس الكافية منها، ومن كل الانتخابات السابقة، وأهمها استفتاء 2017 عندما تم تزوير مليوني بطاقة اقتراع، ومررت الاستفتاء ولم تحرك المعارضة آنذاك ساكناً حيال ذلك، كما لم تحرك ساكناً حيال اتهام إردوغان لها بالتحالف مع العمال الكردستاني، وهي بريئة من ذلك تماماً؛ لأن المخالف هو إردوغان الذي استضاف رئيس الاتحاد الديمقراطي الكردستاني السوري في تركيا عدة مرات، وطلب منه التمرد على الرئيس الأسد مقابل وعود بمنح الكرد كل ما يريدونه في سوريا الجديدة، كما وعد كرد تركيا بوعود مماثلة تجاهلها فيما بعد، بعد أن وعى أن الدين والمذهب والقومية هي سلاحه الأهم لضمان بقائه في السلطة إلى الأبد وبأحلام الخلافة والسلطنة العثمانية.

 

 

 

اقرأ المزيد
ماذا أقول لجدتي التي وافاها الاجل ولم يحالفها الحظ لرؤية شكل الدولار، وماذا أقول لأبي، الذي لم يوَفَقْ لملامسة صورة المحروس جورج واشنطن أو لينكولن المطبوعة على هذه الورقة الملعونة، الذي يعتقد الكثير من الناس بأن رائحتها أطيب من رائحة المسك وأفخر من روائح العطور الفرنسية، حتى وان كانت متهرئة وممزقة، كونها تجعل من يمتلكها يشعر بالقوة والثقة بالنفس وقادراً على التفكير براحة واسترخاء، كأنه خارج التغطية بالمطلق والقياس مع الفارق، وربما ستصنف هذه الورقة ذات يوم من المسكرات أو أحد العقاقير والمؤثرات العقلية، كونها اصبحت من العملات التي تحدد منسوب ارتفاع أو انخفاض طبيعة الاستقرار النفسي للمجتمعات وتؤرق تفكير الكثير من الحكومات.

الارهاب وتخريب الاقتصاد وجهان لعملة واحدة، ينبغي أن يندرجا ضمن المادة القانونية نفسها الموجودة في قانون العقوبات، ومن لا يدرك خطورة هذا الموضوع واهمية الحفاظ على مكانة العملة العراقية، فعليه أن يراجع طبيب عيون. 

الدينار سيادة واعلاء قيمته مهمة وطنية وشرعية واخلاقية، وهو بمثابة سلاح نوعي ونهر ثالث يدعم الاستقرار وإعادة الإعمار ويطوّر مشاريع التنمية المستدامة، الذي نحارب به لقطع الطريق امام المستغلين وتجار الازمات، ولا يمكن الذهاب لهذا المفهوم، إذا لم نحقق هدف رفع منسوب الوعي والمواطنة ونشر ثقافة الشعور العالي بالمسؤولية من قبل الأيادي الشعبية، تجاه اهم القضايا الوطنية المصيرية الحساسة، لكي تساهم بشكل عملي برفع قيمة الدينار، من خلال الوصول لأول الاهداف الاستراتيجية، وجعل ثقافة التعامل المالي في السوق بالعملة الوطنية فقط بدلاً من ثقافة التعامل بالدولار. 

لا بد من تضافر جميع الجهود، ومنها تبني البرلمان لمهمة الدفاع عن العملة الوطنية، من خلال ادخال مواد دستورية وتشريعات وقوانين جديدة وصارمة، تستند إليها جميع أجهزة انفاذ القانون، ولا بد من وقوف الاعلام الوطني بجميع اشكاله لتحقيق هذا الهدف النبيل والسامي الذي يدك ركائز كونكريتية في اعماق اسس اقتصاد الدولة العراقية، كمرحلة أولى للوصول إلى موضوع مكافحة الفساد، وبناء دولة المؤسسات وتحقيق تطلعات ومبادئ الحكم الرشيد، الذي له القدرة على شل حركة كل من يراهن على بقاء العراق ضمن المراتب الاولى في قائمة مؤشر مدركات الفساد.

إن عملية التمرد من قبل بعض الجهات على القوانين والانظمة، واستمرارها بتغليب الميول الشخصية فوق المصلحة الوطنية وحياة المواطن، والمساهمة بتخريب العملة العراقية والاقتصاد الوطني، تعد بمثابة اعلان حالة حرب على الشعب والدولة، ومحاولة لتقويض الجهود الرامية لتعزيز مكانة الدينار العراقي، ومنع تدهوره، كما حدث مع بعض دول في منطقة، لذلك أصبحنا اليوم جميعاً باختبار حقيقي أمام عدم تغوّل الدولار على الساحة، الذي كان له دور كبير في تنامي ظاهرة الفساد وتجارة المخدرات وتهريب النفط والجرائم الأخرى.
اقرأ المزيد
1234