هذا المقال بقلم شاناز إبراهيم أحمد، السيدة الأولى لجمهورية العراق، مدافعة عن حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، ومؤسِسة أقدم جمعية خيرية للأطفال في كردستان عام 1991م.
نعلم جميعاً أن مكونات المجتمع كثيرة ومتنوعة، لكن الحقيقة هي أنه في كل زمان ومكان الأسرة هي النواة الأساسية لبناء المجتمع والمدرسة الأولى في بناء شخصية الطفل وغرس القيم والسلوك فيه.
في العراق، نتحدث كثيرا عن العمل على تمكين المرأة ونشيد بدور المرأة العراقية في المجتمع وقوتها وقدرتها على تحمل المصاعب ونسمي نساء العراق الناجيات اللواتي يمكنهن التكيف مع الحرب والسلام. وندرك بأن الجنة تحت اقدام الامهات ونتذكر عددا لا يحصى من النساء اللواتي ترملن في سلسلة الحروب التي ابتلي بها البلد، وكيف أصبحن المعيلات الوحيدات للأسرة، وربين أطفالهن بمفردهن في ظل الظروف الصعبة.
ونتكلم أيضا عن حقوق الطفل واهمية اقرار قانون حماية الطفل، لأننا على يقين بإن أطفالنا هم مستقبلنا. وفي حزيران 1994 صادق العراق على اتفاقية حقوق الطفل، وقد أحرز تقدما في مجال حقوق الاطفال منذ ذلك الحين رغم سنوات النزاع وعدم الاستقرار في البلاد، فضلاً عن العمل على إصلاح قوانين حقوق الطفل وحمايته بحيث تتماشى مع المعايير الدولية.
رغم ذلك، يذهلني بانه تجري الان بعض المساعي الى تعديل المادة 57 من قانون الاحوال الشخصية لعام 1959، حيث يلغي تعديل بعض الفقرات من هذا القانون حق المرأة في حضانة أطفالها وتقوض في الواقع حقوق المرأة ككل وكل ما اكتسبناه خلال عقود من النضال.
فقد جرت خلال السنوات السابقة محاولات لتعديل هذا القانون لكن الشعب العراقي رفض ذلك رفضا قاطعا، حيث تمنح المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية لعام 1959 الأم حق الحضانة حتى يبلغ المحضون 15 عاماً وبمجرد أن يبلغ 15 عاما، يمكنه اختيار أحد الوالدين للعيش معه. بينما يمنح التعديل المقترح حق الحضانة للأم حتى يبلغ المحضون السابعة من عمره، ثم تنتقل الحضانة إلى الأب وإذا توفي الأب، تنتقل الحضانة إلى الجد. كما يمنع حق الحضانة عن الأم في حال الزواج مرة أخرى. فاذا تزوجت الأم مرة أخرى وتوفي الأب والجد، يتم إرسال الطفل إلى دار الأيتام رغم أن الأم على قيد الحياة.
دعونا ننظر فيما هو على المحك. في حالة تمرير هذه التعديلات، سيبقى عدد لا يحصى من النساء في علاقات زوجية مسيئة من أجل البقاء مع أطفالهن. فأين حق الطفل في العيش في بيئة صحية وسليمة؟
إن حضانة الأطفال مسألة حساسة، لا سيما في العراق المتعدد الأعراق والأديان وذلك يتطلب مراعاة التقاليد والقيم الثقافية لمختلف المجتمعات والفئات التي تشكل هذا البلد، واحترام حقوقهم ومطالبهم بأن يحظى ابناءهم برعايتهم. ومع ذلك يتوجب على كلا الوالدين التعاون وتحمل مسؤولية القرارات المتخذة فيما يصب في مصلحة أطفالهم، والابتعاد عن القرارات العاطفية التي تضر بمستقبل أطفالهم. وهذا هو جوهر الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
لنكون حذرين بشأن تأطير هذا على أنه قضية جنسانية، أو قضية نسوية. حقوق المرأة وحقوق الطفل هي حقوق الإنسان. إذا تم انتهاك حقوق النساء والأطفال، وإذا تم تجريدهم من الحماية الدستورية، فمن سيكون التالي؟ إن انتزاع حقوق أي مواطن عراقي، سواء كان من النساء أو الأقليات الدينية أو المعوقين او غيرها، يتعارض مع مجتمعنا الديمقراطي التعددي المتسامح. علينا أن نحافظ على دستورنا من أجل الحفاظ على العراق كدولة ديمقراطية والتي نركز فيها على المداولة والحوار المتبادل الذي يساعد السلطات التشريعية على معرفة الرأي العام.
في عام 2012، أعلنت الأمم المتحدة الاول من حزيران هو اليوم العالمي للوالدين «لتقدير جميع الآباء في جميع أنحاء العالم لالتزامهم وتفانيهم تجاه ابناءهم وتضحياتهم مدى الحياة من أجل رعاية هذه العلاقة». وكان الهدف هو تحفيز الوعي بأهمية الأبوة والأمومة ودور كلا الوالدين في توفير الحماية للأطفال وتعزيز النمو الإيجابي للأسرة.
في هذه المناسبة، دعونا نكرم الآباء والأمهات في جميع أنحاء العالم على التضحيات التي يقدمونها لأطفالهم، ودعونا لا ننسى المعاناة التي تجرعها الأمهات والآباء في العراق الذين ذاقوا الألم الذي لا يطاق لفقدان أبناءهم في الحروب، وغير ذلك من الجرائم الوحشية المرتكبة ضد الإنسانية، فضلا عن الانتكاسات الكبيرة التي تعرض لها الشعب العراقي، ولا ننسى المأساة الانسانية التي تجري في غزة فهل يحتفل الابوين في غزة هذا العام في عيدهم؟
وأخيرًا، دعونا نلقي نظرة على الصورة الكبيرة والتعديلات غير الضرورية على قوانيننا النموذجية التي من شأنها أن تكشف نسيج مجتمعنا.
كان من المفترض أن اكتب هذا الاسبوع عن الانتخابات الايرانية، التي تضمنت انتخابات مجلس الشوری البرلمان في دورته الثانية عشرة، وانتخابات مجلس خبراء القيادة، لكني سأرجئ تناول هذه الانتخابات للاسبوع المقبل، لتناول نتائج هذه الانتخابات، التي تجری وسط تحديات داخلية وخارجية علی خلفية المشكلات الاقتصادية، التي تعانيها ايران جراء العقوبات، التي تتعرض لها من قبل الولايات المتحدة وحاجة ايران الاستعداد لمواجهة نتائج الانتخابات الامريكية الرئاسية، التي تجری في نوفمبر القادم اضافة الی نسبة المشاركة، الذي يعتبر مؤشرا مهما لمدی دعم الناخب الايراني للنظام السياسي الذي يعيش في اطاره.
وفي موضوع لايبتعد كثيرا عن هذا الملف وتداعياته الداخلية والاقليمية تعيش منطقة الشرق الاوسط تطورات أمنية، يصفها البعض "مصيرية" علی خلفية النتائج، التي تتمخض عنها وتأثيرات هذه النتائج علی مجمل الأوضاع في المنطقة، بما في ذلك القضية الفلسطينية، التي ما زالت تشكل بؤرة التوتر في هذا الإقليم منذ عقود، دون أن تنجح القوی الكبری وتحديدا الولايات المتحدة من إيجاد، حل لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، الذي يرزخ تحت نير الاحتلال طوال العقود السبعة الاخيرة، بسبب الدعم اللامحدود الذي ابدته هذه القوی للكيان الاسرائيلي، والذي تجسد بشكل واضح بعد السابع من اكتوبر بشكل لا يقبل الشك والترديد، حيث تمسكت الإدارة الامريكية، ومعها بقية الدول الغربية بالرواية الإسرائيلية، التي رسمها نتنياهو سواء ما حدث في يوم السابع من اكتوبر، أو ما يحدث بعد ذلك اليوم من اجتياح اسرائيلي، ما زال مستمرا لقطاع غزة المحاصر، الذي لم يجد سكانه مكانا لدفن ضحاياهم، بعد أن وصلت اعداد القتلی الی حاجز 30 ألفا نصفهم من الأطفال.
ما حدث في السابع من اكتوبر له أسبابه المتعددة فمنها ما يرتبط بالاحتلال وعدوانيته علی الشعب الفلسطيني من حصار، وتنكيل وقتل وارهاب ومنه ما يرتبط بالعوامل والظروف الخارجية، التي تتعلق بآلية تعاطي الولايات المتحدة مع الاوضاع والملفات، التي تخص منطقة الشرق الأوسط ولربما المجتمع الدولي بأسره.
لقد قام الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالانسحاب من "الاتفاق النووي" عام 2018 استجابة للوعود، التي اعطاها لبعض الدول الاقليمية وللكيان الاسرائيلي لاسباب تتعلق بهذا الاتفاق لانه "سيیء" كما عبر عنه دون أن يعطي تفاصيل أكثر، لكن الواضح كان استياء رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو من هذا الاتفاق، الذي لم يمر عبر النافذة الاسرائيلية لضمان "الأمن الاسرائيلي".
لا أريد الخوض في الاتفاق وبنوده وتاثيره في الأمن والاستقرار في المنطقة، لكن انخراط دول مجلس الامن الدولي، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، اضافة إلی ألمانيا، والتي شكلت مجموعة 5+ 1 كانت من المناسبات النادرة في المجتمع الدولي، وفي تاريخ مجلس الامن الدولي لحل نزاع دولي اقليمي بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث استند هذا الحل علی إرادة لإعضاء مجلس الأمن، الذي يعني بإحلال السلام في المجتمع الدولي والذي احتضن الاتفاق مع ايران بالقرار 2231 في 20 يوليو تموز من العام 2015.
انسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق لم يقضِ عليه، فحسب وانما وجه ضربة قوية لمجلس الامن الدولي وللمجموعة الدولية التي احتضنته في حل النزاعات الدولية وتسويتها بالوسائل السلمية؛ الأمر الذي زرع فايروسة النزاع داخل هذا المجلس، الذي وصل راهنا لهيكل عظمي يفتقد لقدرة معالجة المشكلات، التي تتعلق بالسلام في العالم خصوصا بعد نشوب الحرب الأوكرانية، حيث اصبحت روسيا وهي عضو دائم في هذا المجلس طرفا نديا للولايات المتحدة.
ويسود الاعتقاد أن منصة مجلس الامن الدولي زرع فيها داء التصدع منذ انسحاب الولايات المتحدة من "الاتفاق النووي"، واستمرت عندما نشبت الحرب الاوكرانية، وكان من تداعياتها ما حدث في السابع من اكتوبر في داخل الاراضي الفلسطينية ولازالت الخيارات مفتوحة بما في ذلك تداعيات الانتخابات الرئاسية الامريكية.
واذا ما فاز المرشح دونالد ترامب بالانتخابات الامريكية؛ هل أنه يريد إعادة الاعتبار لمجلس الامن الدولي أم أنه يريد إعادة صياغته، بشكل اخر كما يتحدث راهنا عن حلف شمال الاطلسي "الناتو"؟.
إن خطوة الانسحاب من الاتفاق النووي، الذي اقدمت عليها الولايات المتحدة تتناقض مع المهمة الاساسية لمجلس الامن الدولي، وهي احلال السلام في المجتمع الدولي وهي بالتاكيد لم تجعل المنطقة ولا العالم اكثر امنا بل انها وضعت هذه المنطقة، التي تقف علی صفيح ساخن في مواجهة عديد التحديات والاحتمالات ؛ وهي بالتاكيد لن تكون كما كانت قبل السابع من اكتوبر مهما كانت نتائج الحرب التي يشنها الكيان الاسرائيلي ضد المدنيين في غزة.
ولا يمكن استبعاد هذه الخطوة عن ظروف نشوب الحرب الاوكرانية ولا عن امكانية تفاهم مجلس الامن الدولي لايقاف هذه الحرب التي وضعت الدول الاوربية امام تحد امني واقتصادي وسياسي، قل نظيره في التاريخ الحديث وتحديدا بعد الحرب العالمية الثانية.
إن الظروف التي يمر بها مجلس الامن الدولي نتيجة الهيمنة وعدم احترام هذه المؤسسة الدولية تنسجم مع التوقعات والنظريات التي تتحدث عن النظام العالمي الجديد، الذي يريد التغير الجذري في الفكر السياسي العالمي وتوازن القوى على الساحة الدولية لتعريف وفهم ومعالجة المشكلات، التي يواجهها العالم والتي يخرج حلها عن سعة الدول بمفردها ويتطلب تنسيقاً بين دول العالم.
تعقد الجلسة الأولى لمجلس النواب برئاسة اكبر الأعضاء سنا، وخلال هذه الجلسة يعلن الرئيس المؤقت للمجلس فتح باب الترشيح لمنصب رئيس المجلس ومن ثم نائبيه، وبعد غلق باب الترشيح يتم انتخاب رئيس للمجلس ثم نائب أول ونائب ثانٍ، وبالأغلبية المطلقة لكامل عدد أعضاء المجلس، ويتم ذلك بالانتخاب السري المباشر.
ويعلن الرئيس المؤقت للمجلس نتيجة الاقتراع السري، ويدعو الرئيس الفائز ونائبيه لتبوئ المكان المخصص لكل منهم على منصة رئاسة المجلس، وينظم عمل مجلس النواب نظاما داخليا، تتم إدارة الجلسات وفق ما ورد فيها من نصوص
ويتم الاشراف والرقابة على جميع الموظفين والعاملين في المجلس وفقا لذلك، ويدعو رئيس المجلس إلى الاجتماعات الدورية أو الطارئة، ويكون الاجتماع صحيحا بحضور رئيس المجلس واحد نائبيه أو بحضور نائبي الرئيس والاغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، وفي حالة تعذر قيام الرئيس أو عدم قدرة أو وجود نائبيه يكون رئيس الجلسة من يتم انتخابه بشكل مؤقت بأغلبيه الحاضرين للجلسة ذاتها. وعند تقديم رئيس المجلس أو أحد نوابه الاستقالة من المنصب يتم عرضها على المجلس للقبول من عدمها، والقبول يقترن بأغلبيه عدد الحاضرين من أعضاء مجلس النواب، كما ان لمجلس النواب اقالة رئيس المجلس أو احد نائبيه وفقا للقانون، وفي حال الموافقة على الاستقالة أو الإقالة يعود رئيس المجلس أو احد نائبيه أعضاء في مجلس النواب ضمن الدورة الانتخابية، واذا خلا منصب رئيس المجلس أو اي من نائبيه (لأي سبب كان) يجري انتخاب المجلس خلفا للرئيس أو احد نوابه بالأغلبية المطلقة خلفا لهم في أول جلسة يعقدها المجلس لسد الشاغر، وتنطبق الحالة على الحكم الصادر بإعفاء رئيس المجلس السابق من منصبه واقالته من عضوية مجلس النواب لارتكابه مخالفات قانونية، ما يجعل الامر ملزما لانتخاب بديل عنه لسد الشاغر، وكان النظام الداخلي للمجلس يشير إلى الفقرة (ثالثا) من المادة (12) إلى الانتخاب بالأغلبية المطلقة، وفقا لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل.
ولمنصب رئيس مجلس النواب أهمية كبيرة، فهو الذي يمثل المجلس ويتحدث باسمة، وبذلك فانه يمثل رئاسة السلطة التشريعية العليا في البلاد، ويحرص على تطبيق أحكام الدستور والقوانين ويلتزم بتطبيق نصوص النظام الداخلي للمجلس، وفي حال غيابه المشروع أو تعذر قيامه بمهامه فسيحل محله النائب الأول، ويمثل صوته عند اصدار القرارات ثقلا حين تتساوى الأصوات في حال طرح مشروعات القوانين، فتنجح الكفة التي يكون رئيس المجلس ضمنها.
وتقدم عدد من أعضاء مجلس النواب للترشيح إلى منصب رئيس المجلس (الشاغر)، وفعلا تمت الجولة الأولى من الانتخاب، وتمَّ إظهار النتائج الأولية، ويفترض أن يتم اجراء الجولة الثانية من الانتخاب، إلا أن نائب الرئيس المكلف برئاسة المجلس وإدارة الجلسة رفع الجلسة المنعقدة لحدوث صخب واعتراضات ومشاجرات، ثم قرر تأجيل جلسة الانتخاب حتى اشعار آخر، ومن الجدير بالذكر ان المطلوب في الانتخاب حصول العضو المرشح على (166) صوتا من عدد الأعضاء البالغ (329 )، ويبدو ان التوافق السياسي لم يحصل بالاتفاق على البديل عن رئيس مجلس النواب.
وبالرغم من الإشارة التي أشار اليها نص المادة ( 12/ ثالثا ) من النظام الداخلي للمجلس لم ترد في الدستور باي شكل من الاشكال، وبالنظر لإقامة دعاوى امام المحكمة الاتحادية العليا من قبل عدد من أعضاء المجلس ما توجب تعطيل البت بانتخاب رئيس جديد للمجلس إلى حين صدور الاحكام بهذه الطعون، ومع أن الأمر يشكل خرقا للمدد القانونية، التي أشار اليها الدستور والنظام الداخلي للمجلس، فان على القوى السياسية أن تترفع عن خلافاتها وترتقي لمستوى المسؤولية التشريعية وتتفق على مرشح يصلح لرئاسة السلطة التشريعية، وأن يتم النأي عن الاتهامات والشائعات التي تضعف الثقة بالمجلس وسبل انتخاب رئاسة المناصب العليا، وتبسيط عملية اختيار رئيس للمجلس ليؤدي دوره الوطني بنزاهة ومهنية ومقدرة وأن يكون رئيسا لأعلى سلطة تشريعية لكل العراق وليس لقومية معينة أو مذهب معين أو طائفة، فالعراق اكبر من كل ذلك، وجميعنا ننتظر أن يلتئم شمل المجلس خلال الأيام القادمة مع جديد رئيس لمجلس النواب.
في كتابه «تجديد الفكر العربي» طرح زكي نجيب محمود فكرة التجديد بوضوح، عبر محاولته ربط موضوعة «الأصالة» = «التراث مع «المعاصرة» =الحداثة، فاشتغل على موضوعات في التراث، لم تكن من صميم اهتماماته من قبل، فهو (داعية الوضعية المنطقية) بامتياز، بل وداعية اللحاق بالغرب، وتقليده في رسم خطوات التقدم لنا على وفق ما رسمها مفكروه، وقد كان ذلك بائناً في كتابه «خرافة الميتافيزيقا» الذي غير عنوانه بعد النقودات العنيفة لـ «موقف من الميتافيزيقا»
وهناك كتابه «المنطق الوضعي» وكتب أخرى كثيرة أكدَ فيها منحاه العلمي والمنطقي المُنبهر بتحولات العقل الغربي ونزوعه نحو التمسك بالعلم والمنطق، ولكنه في كتابه «تجديد الفكر العربي»، حاول العودة للتراث والبحث فيه عما يؤيد نزوعه العلمي، وقراءة التجديد بنظارة غربية يرى فيها التراث العلمي إذ يقول « ينبغي أن نأخذ من تراث الأقدمين ما نستطيع تطبيقه اليوم عمليا، فيضاف إلى الطرائق الجديدة المستحدثة»، فنجده يقسم التراث إلى قسمين «المعقول واللامعقول»، وهذا ما بدا واضحاً في كتابه، الذي يحمل العنوان ذاته (المعقول واللامعقول).
ولكن هذه المرَة ليس برفض التراث برمته كما فعل في كتابه «خرافة الميتافيزيقا»، ورميه في زوايا العُتمة لعدم صلاحيته، إنما بالبحث فيه عمَّا يُثبت به نزوعه العلمي والمنطقي ونزعته التحليلية، فكانت للمعتزلة حصتهم، وللغزالي حصته في نقده لقانون السببية واقتراب (ديفيد هيوم) منه في نقده للسببية وقوله بقانون تداعي المعاني، ورفضه للقول بالتلازم الضروري بين العلّة والمعلول.
وبحثه في جهود (الجاحظ) و(ابن جني) اللغوية، وجهود (ابن رشد) الفلسفية وتأثره بالفلسفة الأرسطية بطابعها البرهاني ومنطقها العقلاني، أو ما أسماها «مرحلة تواصل النشاط النظري للعقل» بدقة عالية وربط للقوانين العلمية بعضها ببعض، وهذه المرحلة بدأت مع ظهور الفلسفة الإسلامية، واختار جابر بن حيان بوصفه من أوائل العلماء العرب، الذين اهتموا بالعلم وضع أسس لمنهج البحث التجريبي، فضلا عن اهتمامه بمبحث الألفاظ والحدود، وهذه من الأمور التي ركزت عليها الوضعية المنطقية التي ينتمي لها محمود، ثم درس إخوان الصفا وركز أيضا على اهتمامهم بالمعرفة الحسية، إذ يمكن مقارنة إنتاجهم مع معطيات الفلسفة المعاصرة، لاسيما في إصرارهم على النظرة العقلية الحسية وتأسيس المعرفة الصحيحة على أساس إدراك الحواس منطلقا في قراءته لفلسفة أخوان الصفا ولكل تراثنا الفكري من فلسفته التجريبية المنطقية، فما كان منسجما معها أخذ به وما كان مخالفا ضربه عرض الحائط.
الأمر الذي يهم محمود ذا النزعة التجريبية. وجريا مع اهتمامه بمنطق اللغة نجده يقف عند كتابات ابن جني.
أجد أن مقولة (التجديد بوصفه تجاوزًا) مُتحققة عند دعاة «التغريب» الذي يؤمن أصحابه بأن كل ما جاء من الغرب يجب الأخذ به، وإن سبب تخلفنا هو تمسكنا بالعادات والتقاليد الماضية والتراث القديم. أبرز من مثلهم: (يعقوب صروف) و (شبلي شميل) و(فرح انطون) و(سلامة موسى)، اذ وجد هؤلاء أن الأخذ بالتراث والتمسك بالماضي أدى إلى تخلف الفكر العربي وتراجعه. فقد تبنى أصحاب هذا الاتجاه «مواقفًا تتبنى التجديد مقولة، ولكنها تُخفي بين طياتها نزعة «نغريبية» تدعو إلى تبني الأنموذج الغربي المعاصر بوصفه أنموذج الخلاص الذي نُحقق «النهضة المرجوة».
لقد تخلص أغلبهم من تبني (النزعة انتقائية) وإن تخللت بعض كتاباتهم، فنجد هذه العودة للتراث وكأنها (من باب ذرَ الرماد في العيون)، كما فعل (فرح أنطون) في كتابه «ابن رشد وفلسفته»، إذ يقول (ألبرت حوراني) «إن السبب الذي دعا أنطون للاهتمام بابن رشد هو بتأثير من أرنست رينان عليه والذي كتب عن كتاب (ابن رشد والرشدية)»، ويقصد حوراني أن فرح أنطون أراد أن يؤكد ما ذهب إليه (أرنست رينان)، من أن لا وجود لفلسفة عربية، ولا فضل لهم سوى أنهم كانوا «نقلة» أو مترجمين، وواسطة لنقل التراث اليوناني!.
لقد كان (سلامة موسى) منبهراً بحضارة مصر الفرعونية، ولم يكن انبهاره بهذه الحضارة من باب ايمانه بضرورة العودة للتراث، بل لأنه ينظر لها بوصفها شكلت عمقاً فكرياً وحضارياً للحضارة الأوربية اليوم، وبالتالي، لذلك دعا إلى تجاوز التراث العربي والإسلامي واحياء (النزعة الفرعونية)، فألّف دفاعاً عن هذه الفكرة كتاب: مصر أصل الحضارة، لأنه يعتقد أن دراسة التاريخ الفرعوني إنما هو «في الحقيقة ليس تايخ مصر وحدها، بل هو تاريخ الحضارة الأولى للعالم»، ومصر هي أصل حضارة البحر الأبيض المتوسط، وهي منبع من منابع الحضارة الغربية تمثلت في مدرسة الاسكندرية.
بهذا المعنى نجد أن مقولة «تجديد» التراث ما هي إلا محاولة لتوظيفه وفق أيديولوجيا المفكر إما لغرض تجاوزة أو لتكريس مقولاته.
غالبا ما تسعى الحكومات إلى تقديم ماهو أفضل لمواطنيها من جميع النواحي، فهي إذا ما سعت إلى ضمان حياة كريمة، فلها أن تفخر بمثل هكذا منجز، وبالتالي سيزيد من الأواصر والروابط بين الحكومة والشعب.
دائما ما نركز على ايجابيات المرحلة التي نعيشها اذا ما استحقت الإشادة، ونحاول أن نبرزها ونسعى للتأكيد عليها اذا ما أدت مؤداها الساعية للمنفعة العامة، وفي الوقت ذاته نشخص السلبيات، والتي هي بطبيعة الحال نتيجة تراكم السنوات السابقة والتخبطات القديمة، والتي تحتاج إلى ثورة إصلاح حقيقية، واذا ما أشرنا إلى إيجابيات الوقت الراهن، فلا بد من الإشارة إلى قانون التقاعد الضمان الاجتماعي، الذي صوت عليه مجلس النواب العراقي في الــ 17 ايار من هذه السنة، والذي يعتبر طفرة نوعية للقوانين، التي شرعت وانعطافة كبيرة نحو تعزيز العجلة الاقتصادية وحماية شريحة المتقاعدين من العمال في القطاع الخاص، وبالتالي أن مثل هكذا قوانين ستعزز الأواصر والروابط بين الحكومة والشعب، باعتبار أن شريحة المتقاعدين ولسنوات خلت يعدون من المنسيين وتعتبر حقوقهم غائبة.
الفجوة التقاعدية المالية إن صحت تسميتها التي كان يعيشها المتقاعد، باتت تؤرق المتقاعدين، فالفرق الشاسع بين الحد الأدنى والحد الأعلى يكاد يكون كبيرا جداً حتى وإن قامت الحكومة بزيادة طفيفة على رواتب الحد الأدنى، لكن لم تفِ بالغرض لانه وبطبيعة الحال أكثر المتقاعدين يعيشون حياة صحية غير مستقرة، فبالتالي الزيادة على مرتباتهم لا تجدي نفعا بسبب زيادة الأسعار بصورة عامة والعلاج بصورة خاصة، الحلول وإن ساهمت وبشكل بسيط لحل شيء من معاناتهم، لكنها وفي ظل الغلاء المعيشي الذي نعيشه تقى حلول ترقيعية، اذن فلنتفق أن المشكلة بنيوية، وتحتاج إلى حلول واقعية، فمتى ما استطعنا أن نسيطر على السوق وعدم تلاعب ضعاف النفوس على أسعاره نكون قد أوجدنا حلا واقعيا، ومتى ما سيطرنا على جشع بعض الأطباء الذين امسوا ينهشون بأجساد مرضاهم باسعار كشفياتهم الخيالية وعلاجهم باهظ الثمن هنا نكون قد أوجدنا حلاً واقعيا، وتشجيعا منا وتثمينا لخطوات الحكومة الساعية لإنجاح برنامجها الحكومي نعتقد بوجود حل، بالإضافة إلى ما تم ذكره سابقا بأنه بالإمكان بناء مستشفيات خاصة في بغداد على غرار مدينة الطب، تعنى بالمرضى المتقاعدين، تكون مؤهلة بكوادر مختصة لرعايتهم وبأسعار مدعومة.
نتشر في بغداد وعدد كبير من المحافظات ما يسمى (العشوائيات والتجاوزات)، وهو مظهر سلبي من جملة المظاهر السلبية التي تنتشر في العراق وتتجاوز الأنظمة، من دون أن تجد الحكومة حلولا لها، إلا باتخاذ قرارات سريعة وقاسية ومجحفة بحق شرائح عديدة من المواطنين الذين يعيشون في قاع المدينة.
الا ان ما حدث بعد 2003 ؛ كل ظاهرة سلبية باتت تتسع يوما بعد اخر، وبتنا نجد العديد من الشوارع وقد تم اقفالها، بعد أن تحولت إلى أسواق شعبية، واختفت الأرصفة بسبب استغلالها من قبل سكنة الدور أو الباعة الجوالين..
وتمَّ البناء على أراضٍ زراعية أو آثارية، وتحول البيت الواسع الواحد إلى أربعة أو سبعة بيوت !
وقد اتخذت الحكومة سلسلة إجراءات، ووجهت الكثير من الإنذارات للمخالفين تحثهم وتلزمهم على إزالة التجاوزات والعشوائيات والبناء غير النظامي، والذي لا يحمل إجازة بناء ولا خارطة بناء معتمدة رسميا.
إلا أن كلَّ هذه الإجراءات باءت بالفشل، فشلٌ على صعيد الحكومة، وعلى صعيد المواطنين المخالفين كذلك. وهذا يعني أن القرارات الملزمة التي تتخذها الحكومة، لم تلق صداها لدى المخالفين، وخشية المنفذين من الصدام مع المواطنين، الذين يرفضون رفضا قاطعا تنفيذ القرارات التي يعدونها (تعسفية) وخالية من الرحمة والإنسانية والعدالة إزاء شريحة اجتماعية تعاني من الفاقة ومن البطالة.
ولو تمت دراسة هذا الواقع الذي نشهده في كل شارع وفي كل زقاق؛ لتبينا أن بغداد على وجه التحديد قد تحولت من مدينة حضارية وعاصمة تاريخية تزهو بنظافتها، إلى مدينة تثقل عليها العشوائيات والتجاوزات ومن ثم تمتلئ بالنفايات من دون أن تجد الحكومة حلولا لها، وكان من الممكن للحكومة ان تنجح في تنفيذ قراراتها، لو انها تمكنت من اقناع كل مواطن، من ان النظافة ـ نظافة الشوارع والاحياء والازقة ـ لا تقل أهمية عن تنظيف بيوتهم وأماكن أعمالهم.
انها ليست مسؤولية الحكومة وحدها ؛ وانما يتطلب من المواطن تحمل مسؤوليته كذلك في نشر النظافة والنظام.
ولعل انتشار هذه العشوائيات والتجاوزات، يعود بالدرجة الأساس إلى انتشار البطالة بعد ان أغلقت كل المصانع أبوابها، مثلما جفت الأراضي الزراعية، وانتقال حياة الريف المتواضعة والفقيرة والتي يسودها الجهل إلى المدينة؛ لتصبح متخلفة بدلا من تمدنها ورقيها.
هنا.. يبدأ عمل الحكومة:
ـ انشاء أسواق شعبية خاصة بكل مهنة وبكل نوع من البضاعة المباعة، وهذا أمر غير عسير التنفيذ على حكومة خدمات.
ـ والعمل على إعادة فتح المصانع المحلية ودعمها وتيسير عملها.. وهذا ليس صعبا اذا ما كانت النوايا سليمة.
ـ ودعم الفلاح عن طريق تزويده بالاراضي والاسمدة والاليات والمياه؛ ولا يمكن للحكومة ان تقف عاجزة عن تنفيذه.
ـ وبناء بيوت رخيصة للسكن ؛ يمكن ان تخفف كثيرا من وطأة ازمة السكن التي تعاني منها شرائح اجتماعية عديدة.. وكمثال على ذلك بناء مدينة الثورة (الصدر حاليا ) في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم.
ـ واعداد شروط ميسرة وملزمة للبناء وعلى أراض معدة على هذا الغرض، امر ممكن كذلك.
ـ اما تجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى اراض سكنية خارج الضوابط والقوانين فهذا امر يفترص إيقافه وبقوة.
ـ اما اشغال الأرصفة وتوسيع رقعة السكن عليها، أو اشغالها من قبل الباعة الجوالين ؛ فأن هذا الامر يتطلب تعريف المواطن بحقه وحق سواه من الناس، لكي يتم اتخاذ الإجراءات الحاسمة بعدئذ، مع مراقبة المنفذين خشية وقوعهم في الرشا من جهة، وحمايتهم أمنيا من كل اعتداء وتهديد.
ـ كما ان العمل على فرض غرامات على كل من يهمل العناية بنظافة شارعه وحيه.. لا بد من تفعيل الاجراء الصارم بحقه في حال امتنع أو تقاعس عن اعمام هذه النظافة.
(العشوائيات والتجاوزات) لا يمكن وضع حد لها بالأمنيات وحدها ولا بتثقيف الناس حولها حسب؛ وإنما تكون الغرامة أحيانا ضرورية ولتكون آخر الحلول الناجعة، التي تجعل المواطن ملزما بالتنفيذ.
إن المجازر التي جرت وتجري في غزة يندى لها جبين الإنسانية، فقوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت فظائع مروعة ضد شعب مسلوبة أرضه وسط موقف دولي باهت.
رغم أن المادة 99 من ميثاق الامم المتحدة قد نصت على ما يلي: للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن على أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والآمن الدولي.
وقد عمد الأمين العام للأمم المتحدة إلى دعوة مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد لاصدار قرار ينص على وقف إطلاق النار في غزة، لكن دون جدوى.
فما هو دور الأمم المتحدة في إيقاف هذه المجزرة هل تكتفي بالتنديد وتقديم المقترحات؟ هل إن ميثاق الأمم المتحدة مجرد حبر على ورق؟ لماذا تنفذ مواد هذا الميثاق اذا كانت المشكلة تتعلق بمصالح الدول الكبرى؟ وتصدر قرارات لصالح الدول الكبرى؟
بينما تتراخى إذا كانت المشكلة تتعلق بمجازر ترتكب ضد شعوب مستضعفة؟
هل نسيَّ العالم ما تعرض له مسلمو الروهينغا من مجازر في بورما عام 2017؟ بينما كانت مواقف الأمم المتحدة خجولة وليست بمستوى الطموح؟ ماذا عن المجزرة التي ارتكبها الجيش الكونغولي ضد المتظاهرين المنددين بإجراءات الامم المتحدة في الكونغو، بسبب ضعف أداء حفظ السلام المتواجدة في الكونغو منذ عشرين عاما، والتي لم تنجح في أداء مهامها في حفظ السلام في الكونغو، وكيف أن الجماعات المتمردة ارتكبت مجازر مروعة بحق المدنيين العزل دون أن تنجح قوات حفظ السلام من التصدي لها؟
ولا ننسى ما جرى في العراق بعد احتلاله من قبل القوات الأمريكية، وكيف ارتكبت عدة مجازر منها مجزرة ساحة النسور.
واليوم نجد أن موقف منظمة الأمم المتحدة موقف متراخٍ تجاه ما يجري في غزة من مجازر وترحيل للسكان وتشريدهم.
فلا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب المجازر في غزة، بينما تتباكى منظمة الامم المتحدة لكن دون جدوى.
كان من المفترض إرسال قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة لتكون حاجزا لحماية السكان في غزة، لكن للأسف لا تزال الحرب قائمة دون إيقاف لها.
فهل إن منظمة الأمم المتحدة التي يجب ان تعكس الإرادة الدولية عاجزة عن إيجاد الحل؟...
وهو إجراء تأخر كثيراً خلال الأعوام المنصرمة التي نهبت خلالها عشرات مليارات الدولارات من دون أي مساءلة، تحشيد الفعاليات الرسمية والمجتمعية احد المظاهر المهمة في مواجهة تفشي الفساد المستشري بشكل علني بلا تخوف من المساءلة والقانون، فالامر اصبح شبيها بواقع حال في اغلب المؤسسات والدوائر سواء في القطاع العام أو الخاص.
ولعل نشاط هيئة الـنـزاهـة فـي كشف ملفات الفساد ومطاردة الفاسدين وعمليات إلقاء القبض التي تطال افراداً وجماعات، ولا سيما ما يخص مسؤولين مهمين في الدولة، يؤكد توجه الحكومة الجاد في محاربة الفساد، فحسب البيانات التي اعلنت عنها الهيئة بلغت عمليات الضبط الكلية أكثر من 570 عملية منذ مطلع العام الحالي، وتم اصدار 89 أمر قبض واستقدام بحق كبار المسؤولين في الشهرين الماضيين فقط، وضع رؤية ستراتيجية تشمل اشراك المجتمع وتثقيفه للحد من الفساد، امر مهم برغم صعوبة المهمة امام تفشي فاسد مضاد يحارب من اجل مصالحه غير المستحقة على حساب المال العام ومصلحة المواطن.
لكن الاهم في سياسة الدولة في محاربة الفساد هو عقد اتفاقات مع الدول الإقليمية والدولية التي ينشط فيها المال المنهوب تهدف إلى وضع رؤية وإطار متكامل للحد من الفساد وإلقاء القبض على الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة، الـعـراق إحدى الدول المنضمة لـ (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد)، و(الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، ولذلك لايمكن للغطاء السياسي أو السلطوي أن يحمي الفاسدين ممن تثبت إدانتهم بالدليل القاطع سواء كانوا خارج العراق أو داخله.
كما تحتاج الدولة العراقية أن يكون قانونها واضحا وصريحا لا لبس فيه في ما يخص تداخل الصلاحيات في توفير متطلبات التحقيق ومنح الصلاحية للجهة المختصة الوحيدة كهيئة النزاهة، فما زال بعض التداخل موجودا بين الهيئة والامن القومي، وهذا الامر قد يؤدي إلى الالتباس في التعامل مع الاجراءات القانونية مع الدول التي تنشط فيها اموال الفاسدين، بقانون مكتمل خاص بهيئة النزاهة يمكن أن تطبق المساءلة (من أين لك هذا) على الجميع وليس على فئة من دون أخرى.
واجب الحكومة والمواطن محاصرة ظاهرة الفساد، وواجب المجتمع والعشيرة رفض مظاهر المباهاة والغنى على حسب العادات والقيم والتقاليد، وواجب القضاء والدولة تطبيق القانون بصرامة على الجميع سواسية من دون محاباة أو محسوبيّة أو جهويّة.