الاعلام تحت الضغط
أحمد عبدالسلام
١ مايو ٢٠٢٥
تحولت وسائل الاعلام الرسمي العراقي الى مجرد مؤسسات دعاية لرئيس مجلس الوزراء محمد السوداني، وتتزايد شكاوى وانتقادات أصحاب الرأي والكتاب من هيمنة اتجاه واحد على اعلام الدولة الذي تمثله شبكة الاعلام العراقي (قنوات العراقية، جريدة الصباح، وكالة الانباء....) بضغط من السوداني وحاشيته الذين لا يطيقون سماع أي صوت غير صوتي التطبيل والتزمير للمنجزات الوهمية.
لم يحدث منذ عام 2003 ان تعرض الاعلام العراقي، الرسمي وغير الرسمي الى حالة من الاستغلال الحكومي والمطاردة والقمع والاسكات والشراء كما يحدث اليوم، ويتجاهل السوداني وحاشيته ان الاعلام الرسمي هو اعلام الدولة وليس اعلام مجلس الوزراء، واعلام الدولة مكلف بالتغطية المتوازنة والعادلة لنشاطات الدولة وكذلك فسح المجال للأصوات الناقدة والمعارضة مادامت تتحرك ضمن الدستور والقوانين واللياقة الإعلامية، ويمنح مساحة كبيرة للمواطن لعرض مطالبه وانتقاداته واعتراضاته، لأن اعلام الدولة ممول من المال العام ويخضع لسلطة مجلس النواب.
لقد استحوذ السوداني على شبكة الاعلام العراقية بطرق غير دستورية ولا قانونية، ابتداء من تشكيل مجلس أمناء للشبكة بدون عرضه للتصويت في البرلمان ثم فرض لون معين من التوجهات واقصاء شخصيات وتوجهات بدرجة دفعت المواطن الى النفور من الاعلام الرسمي والبحث عن بدائل وهو ما يتسبب بهدر المال العام نتيجة الإدارة غير المهنية، وتضييع فرص التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين وكذلك تقديم صورة جيدة عن النظام السياسي العراقي الذي يسمح لجميع الأصوات بالظهور في الاعلام الرسمي بما يحقق أفضل صور التنوع والتعددية.
ان استيلاء السوداني على الاعلام الرسمي يعيد الى الاذهان صورة الاعلام البعثي الصدامي الذي تتصدر فيه صورة المسؤول واخباره صفحات الجرائد ونشرات الاخبار، وهو نموذج سيء يؤدي غالبا الى نتائج عكسية ومردودات سلبية ليس فقط على الحاكم وانما على موقف الشعب من الدولة ككل بعدما يصل الشعب الى قناعة ان الدولة مختزلة بشخص واحد لا يحقق نتائج جيدة في العمل ولا يتخذ القرارات الصائبة ومع ذلك يريد اقناع المواطنين بأن كل شيء بخير، حتى يندفع المطبلون وراءه الى تزييف الحقائق والعبث حتى بالسياقات المهنية لتحرير الخبر من اجل تضخيم كل ماهو صغير وبهرجة كل ما هو عادي ليتحول الكلام بديلا عن الأفعال والعمل الحقيقي.
لقد أفرغ السوداني شبكة الاعلام من دورها ومضمونها وسلبها ارادتها وافقدها جمهورها وهو يسعى اليوم بشتى الطرق للاستيلاء على الاعلام الخاص عبر الترغيب والتمويل واسكات وملاحقة المعترضين والمنتقدين وهذا دليل على الدكتاتورية والتفرد والنرجسية وحب الذات، وهي كلها صفات لا تنسجم مع النظام الديمقراطي ولا تليق بالحياة المعاصرة، ولذلك يجب إيقاف هذا المنهج التدميري لحرية التعبير.