في وقت تتأرجح فيه العملية السياسية بين الجمود والانتظار، اختار رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف رشيد أن يُبادر. لم ينتظر توازنات اللحظة، بل وجّه رسالة واضحة إلى السيد مقتدى الصدر، يدعوه فيها للعودة إلى الميدان الانتخابي، إيمانًا منه أن أي مشروع وطني سيكون ناقصًا دون حضور أحد أكبر التيارات الشعبية في البلاد.

الرسالة لم تكن فقط دعوة للمشاركة، بل كانت تعبيرًا عن حرص رئاسي دائم على لَمّ الشمل الوطني، وعلى فتح الأبواب لا غلقها، مهما اشتدت الخلافات وتباينت الرؤى.

وفي المقابل، جاء رد السيد مقتدى الصدر حاسمًا: “لن نشارك في انتخابات تُشرعن الفساد.” وهو موقف منسجم مع خط التيار الصدري الذي يرى أن الإصلاح لا يبدأ من صناديق اقتراع محكومة بصفقات ما قبل التصويت، بل من بنية سياسية جديدة.

لكن خلف هذا السجال العلني، ثمة مؤشرات لا يمكن تجاهلها: نشاط غير معلن داخل التيار، تحركات تنظيمية، وتحديث لبيانات بعض قواعده. كل ذلك يُوحي أن الباب لم يُغلق تمامًا… وأن هناك من يراقب المشهد، ويُعيد حساباته.

هل كانت رسالة الرئيس استباقية؟ أم محاولة جادة لإعادة التوازن؟

ما نعرفه أن رئيس الجمهورية، بخبرته الطويلة، يدرك أن العراق لا يُبنى بالإقصاء، بل بالحوار… وأن القوة تكمن في جمع المختلفين لا إقصائهم.
وما نراه من جانب السيد الصدر هو تمسّك برؤية إصلاحية جذرية، لا تقبل أن تُستعمل كغطاء لممارسات تُناقض ما خرج من أجله جمهور تشرين وكل من آمن بالتغيير.

إنها ليست مواجهة، بل مشهد من مشاهد العقلاء في زمن الانقسام.

أنا خاون القرداغي، أقرأ المواقف كما هي،
وأكتبها كما يفكر بها جمهور لا تُخدعه الشعارات…
والباقي… يقرره الزمن الانتخابي.