هل من مصلحة الولايات المتحدة إسقاط النظام الإيراني الحالي؟
خاون القرداغي
٩ أبريل ٢٠٢٥
على الرغم من عقود من العداء الظاهري بين الولايات المتحدة والنظام الإيراني، لم تتخذ واشنطن في أي مرحلة خطوات حاسمة تهدف إلى إسقاط النظام الإيراني بشكل كامل، سواء عسكريًا أو من خلال دعم ثورة داخلية. وهذا يطرح سؤالًا أساسيًا:
هل إسقاط النظام الإيراني يخدم بالفعل المصالح الأمريكية؟
الجواب، ببساطة، معقّد. فالمعادلة الأمريكية تجاه طهران ليست ثنائية “عدو/صديق”، بل قائمة على منطق “الردع دون الانهيار”، و”الاحتواء دون التفكك”.
1. إيران كعامل توازن إقليمي
رغم الخطاب العدائي، لعب النظام الإيراني دورًا موضوعيًا في ضبط ميزان القوى في الشرق الأوسط، خصوصًا في وجه خصوم واشنطن الإقليميين.
• طهران ساهمت، دون قصد، في إضعاف العراق بعد 2003 عبر دعم ميليشيات طائفية مزقت النسيج الاجتماعي والسياسي.
• وجودها العسكري غير المباشر في سوريا ولبنان واليمن، شكّل غطاءً مبررًا لتوسيع النفوذ الأمريكي والإسرائيلي.
الخلاصة: استمرار إيران في وضعها الحالي يبرر بقاء القواعد الأمريكية، وتعميق علاقاتها الأمنية مع دول الخليج، دون الحاجة إلى مواجهة مباشرة.
2. الفوضى بعد السقوط… أسوأ من الوضع القائم
إسقاط النظام الإيراني يعني فراغًا سياسيًا في دولة يبلغ عدد سكانها نحو 85 مليون نسمة، بمكونات إثنية ومذهبية معقدة (فرس، عرب، كورد، بلوش، تركمان…).
• أي انهيار مفاجئ قد يؤدي إلى حرب أهلية، تقسيم فعلي، صعود ميليشيات متطرفة، أو حتى سيطرة جماعات جهادية.
• هذا السيناريو يُعد كارثيًا للمنطقة، ويفتح الباب أمام روسيا أو الصين أو حتى داعش وأذرع القاعدة لاستغلال الفوضى.
الخلاصة: إسقاط النظام دون بديل جاهز ومستقر، سيخلق أزمة إقليمية تتجاوز حدود إيران.
3. البرنامج النووي كأداة تفاوض لا ذريعة حرب
الولايات المتحدة تراقب الملف النووي الإيراني كأداة ضغط لا كخط أحمر يستوجب الحرب.
• تم استخدام هذا الملف لتعزيز العقوبات الاقتصادية، وتحقيق تنازلات في ملفات إقليمية.
• حتى في أقصى لحظات التصعيد، لم تُفعّل واشنطن خيار “الضربة الشاملة”، ما يعني أن الردع النووي متبادل ومفهوم.
الخلاصة: واشنطن لا تريد حربًا شاملة، بل اتفاقًا طويل الأمد يضمن استقرار المصالح الحيوية دون تغيير النظام.
4. واشنطن بحاجة لعدو دائم
استمرار النظام الإيراني بشكله الحالي يخدم سردية “العدو الثابت”، التي تحتاجها الولايات المتحدة:
• لتبرير صفقات السلاح مع الخليج.
• لبناء تحالفات أمنية جديدة (مثل اتفاقات التطبيع).
• لإبقاء إسرائيل ضمن سياق “محاصر ومُهدد” يعطيها غطاءً دوليًا واسعًا.
الخلاصة: النظام الإيراني، رغم عدائه، يلعب دور “العدو المحسوب” الذي لا يجب إزالته تمامًا.
5. ما هي خطوط واشنطن الحمراء؟
رغم عدم سعيها لإسقاط النظام، هناك ثلاثة خطوط حمراء تتعامل معها الولايات المتحدة بجدية:
1. تخصيب اليورانيوم لمستوى تسليحي فعلي.
2. استهداف مباشر للمصالح الأمريكية في الخليج أو العراق أو إسرائيل.
3. نقل تكنولوجيا نووية أو صاروخية إلى جهات غير دولية (مثل الحوثيين أو حزب الله).
ما دون ذلك، يبقى ضمن نطاق “الاحتواء المدروس”.
الاستنتاج النهائي:
الولايات المتحدة لا تسعى حاليًا لإسقاط النظام الإيراني، ولا تعتبر ذلك خيارًا يخدم مصالحها طويلة الأمد.
بل تفضّل إدارة الصراع معه ضمن قواعد ثابتة تسمح لها بفرض نفوذها، وتوظيف التهديد الإيراني كأداة لتعزيز مواقعها الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة.
إيران الحالية… خطر مضبوط، لا ينبغي كسره بالكامل.
أنا خاون القرداغي وهذا تحليل سياسي بحت لا يدعو لأي موقف، وإنما يقرأ المشهد كما هو وهذا جل ما أعرفه حالياً في عالم السياسة