سلط تقرير بريطاني، الضوء على الهدنة "الهشة" التي أعلنتها الفصائل العراقية المسلحة مع الولايات المتحدة ‎أواخر العام 2024، لافتاً إلى أن عودة سياسة "الضغط الأقصى" للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب تجاه إيران أثارت حالة من عدم اليقين بشأن إمكانية انهيار الهدنة واندفاع بغداد نحو الصراع مجدداً.

وبحسب تقرير لموقع "أمواج" البريطاني،  فإن ترامب كثف جهوده لتفكيك النفوذ الإقليمي الإيراني، وقد استتبع ذلك بمجموعة من السياسات والعقوبات التي تهدف إلى إضعاف العلاقات الاقتصادية والسياسية لطهران مع بغداد".

ونبه التقرير البريطاني، إلى أن "الحد الأدنى المالي للفصائل العراقية أصبح تحت مجهر الإدارة الأميركية الحالية بشكل متزايد، نظرا لاعتماد الفصائل على العديد من الكيانات والقطاعات الاقتصادية المستهدفة".

‎ووفق التقرير، يهدد تحول سياسة ترامب بتقويض عمل التوازن الدقيق في بغداد، بين طهران وواشنطن، وفي حين أن وقف إطلاق النار الهش مع الفصائل ما يزال مستمرا، فإن النهج الأمريكي الحالي يهدد بفك هذا الانفراج، مما يدفع العراق إلى حافة الصراع المتجدد، في حين أن الصفقة المحتملة بين إيران والولايات المتحدة قد تحبط هذا السيناريو، فمن المحتمل حدوث مواجهة إذا اشتبكت طهران وواشنطن.

‎تحت ضغط ترامب

‎أصدرت إدارة ترامب أمرا تنفيذيا في أوائل فبراير/شباط، بفرض مجموعة من العقوبات الشاملة التي تستهدف الوصول الإقليمي لطهران، ووضع قيود على البنوك العراقية المتهمة بتسهيل المعاملات بالدولار لطهران.

‎وفي مارس/آذار، لم يتم تجديد التنازل عن العقوبات على الواردات العراقية من الكهرباء الإيرانية، دون وضوح بشأن ما إذا كانت واردات الغاز الطبيعي ستستهدف أيضاً.

وفي تطور لافت، نقل التقرير البريطاني، عن مصادر دبلوماسية أمريكية لم يسمها قولها إن واشنطن تخطط لعقوبات شاملة ومرحلية على الأفراد والكيانات العراقية المرتبطة بالمؤسسات الحكومية والفصائل السياسية والجماعات المسلحة.

‎وأضاف: "تدعي تقارير أخرى أن واشنطن تضع عقوبات مستهدفة على أكثر من 2000 شخص في العراق، حيث ينظر إلى منظمة بدر والجهات الفاعلة الأخرى على أنها قريبة من إيران في مرمى البصر، بينما يضغط ترامب الآن على بغداد لتقليص علاقاتها الاقتصادية مع طهران، يمكن أن تتغير هذه الديناميكية إذا رأت الجماعات المسلحة أن خطوطها الاقتصادية والسياسية تحت التهديد.

الفصائل تختنق

ولفت تقرير "أمواج" البريطاني، إلى أن "شبكات التهريب المربحة التي تكفل تمويل العديد من الفصائل الموالية لإيران، باتت تواجه اليوم تهديدات وجودية، فرؤية أنفسهم محاصرين ماليا وفي المجال العسكري، قد يتم استفزاز بعضهم ويدفعهم للعودة إلى الديناميكية التي تعبها الصراع والتي سادت في عام 2024، والتي شهدت هجمات على كل من القوات الإسرائيلية والأمريكية بين جولات التصعيد ووقف التصعيد.

‎واشار التقرير، إلى أن "التوازن الذي يجمع بين الإضرابات المعايرة والجزر الاقتصادي، عاد الآن إلى جدول الأعمال في إطار حملة ضغط ترامب على إيران.

‎وأدت عقوبات الإدارة الأمريكية الحالية إلى تفاقم أزمة السيولة في العراق، حيث ورد أن البنك المركزي يحظر سحب الدولار في الخارج ويقيد التحويلات اليومية إلى 5000 دولار أمريكي، وفقاً لتقرير أمواج.

‎وفي حين أن الفصائل المسلحة العراقية لم ترد علنا على الضغط الاقتصادي، فقد صعد البعض خطابهم ضد الوجود الأمريكي في العراق، بعد أن تعهدوا سابقا باستئناف الهجمات ما لم تنسحب القوات الأمريكية تماما، بحسب التقرير.

‎وخلص التقرير البريطاني، إلى أن "الحكومة العراقية ستواصل النضال من أجل التنقل في الضغوط من طهران وواشنطن - خاصة في عام الانتخابات، على الرغم من غموض النتيجة النهائية للمحادثات النووية الإيرانية الأمريكية".

‎وختم التقرير بالقول: "بينما تسعى بغداد إلى إيجاد بدائل للطاقة الإيرانية وقمع تهريب الدولار، من المرجح أن تفسر الفصائل المدعومة من إيران تنفيذ المزيد من العقوبات الأمريكية على أنها أعمال حرب، وقد تكون الفصائل هذه المرة مستعدة لاستئناف حملتها، مما قد يؤدي إلى انهيار عمل التوازن الدقيق لإدارة السوداني.