للعراق وجمال عبد الناصر وأم كلثوم تاريخ في معركة 'الفالوجة'.. فما قصتها؟
٥ نوفمبر ٢٠٢٣
٥ نوفمبر ٢٠٢٣
تحدثت تقارير إعلامية السبت، عن "الصدمة" التي شكلها إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مفاوضات مع إيران، بالنسبة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة لواشنطن.
وقال تقرير لوكالة "رويترز" إن ترامب فاجأ نتنياهو في أبريل 2025 بقراره التحول من دعم الخيار العسكري ضد إيران إلى الدخول في مفاوضات مباشرة معها حول برنامجها النووي.
وجاء هذا التحول بينما كان نتنياهو في واشنطن يسعى للحصول على دعم أمريكي لشن ضربات عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية، إلا أنه أبلغ قبل أقل من 24 ساعة من مؤتمر صحفي مشترك في البيت الأبيض بأن المحادثات الأمريكية-الإيرانية ستنطلق خلال أيام، ما شكل صدمة كبيرة لنتنياهو وللجانب الإسرائيلي.
وأشارت المصادر وفق التقرير إلى أن إدارة ترامب رأت أن الرهان على المسار الدبلوماسي قد يكون أكثر فعالية في كبح طموحات إيران النووية، خاصة مع تزايد الشكوك الأمريكية حول جدوى الخيار العسكري.
وبالفعل، عقدت واشنطن وطهران ثلاث جولات من المحادثات خلال ثلاثة أسابيع فقط، بهدف منع إيران من تطوير سلاح نووي مقابل تخفيف العقوبات، مع توقع عقد جولة رابعة قريبا في روما.
وطالبت إسرائيل من جانبها، بما تسميه "تخصيب صفري" لليورانيوم وتفكيك كامل للبنية التحتية النووية الإيرانية.
وأوضح تقرير "رويترز" أن نجاح هذه "المقامرة النووية" لترامب يتوقف على قدرة المفاوضين على تجاوز خطوط حمراء حساسة، أبرزها حق إيران في تخصيب اليورانيوم ومستوى الرقابة الدولية، مع استمرار قلق طهران من احتمال شن هجوم إسرائيلي حتى في حال التوصل لاتفاق.
وقالت ثمانية مصادر إن إطارا مبدأيا قيد المناقشة حاليا يبقي على جوهر خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، وهي الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018 خلال ولاية ترامب الأولى.
وقد لا يشهد الاتفاق الجديد اختلافات جذرية عن سابقه الذي وصفه ترامب بأنه الأسوأ في التاريخ، لكن جميع المصادر أشارت إلى تمديد أجله إلى 25 عاما وتشديد إجراءات التحقق وتوسيع ما يطلق عليها "بنود الانقضاء" التي تعلق جوانب بالبرنامج النووي الإيراني ولكنها لا تفككه تماما.
وذكرت جميع المصادر أنه بموجب الشروط الجاري مناقشتها، ستحد إيران من مخزون اليورانيوم وأنواع أجهزة الطرد المركزي وستخفف أو تصدر أو تحفظ مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، بوجود رقابة غير مسبوقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وخلص التقرير إلى أن ترامب فاجأ نتنياهو بانتقاله المفاجئ إلى طاولة المفاوضات مع إيران، مفضلا الرهان على اتفاق نووي جديد يقيد برنامج طهران مقابل تخفيف العقوبات، وهو مسار أثار قلقا ورفضا إسرائيليا، وترك المنطقة أمام سيناريوهات مفتوحة بين الدبلوماسية والتصعيد العسكري.
اتهمت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي معهد دراسات أمريكي، يوم الجمعة، الحكومة العراقية بمحاولة "إضفاء الشرعية" على الفصائل المسلحة الموالية لإيران، من خلال دمجها بهيئة الحشد الشعبي وتشريع قوانين خاصة بها في البرلمان، مؤكدة أ أعداد منتسبي الهيئة ازدادت بمعدل 20 ألفاً مع ارتفاع موازنتها إلى 3.5 مليار دولار.
وأشار التقرير، إلى أنه "بعد أشهر من ضغوط واشنطن على العراق لنزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران، تتوالى التقارير عن اندماج المزيد من المسلحين في قوات الحشد الشعبي، ويسعى العراق على الأرجح لإرضاء إدارة ترامب بترويج هذا الاندماج على أنه تفكيك للفصائل المسلحة ووضع الأسلحة تحت سيطرة الدولة، حيث أفادت وسائل إعلام عراقية بانضمام 20 ألف مسلح إلى قوات الحشد الشعبي وغيرها من فروع الأمن التابعة للحكومة العراقية".
وبين أن "قوات الحشد الشعبي هي تكتل من الميليشيات، مدعومة بشكل شبه حصري من إيران، والتي تشكلت لمحاربة تنظيم (داعش) عام 2014 كجزء من الحكومة العراقية، وهي تخضع أسمياً لسلطة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلا أن أعضائها يخضعون بشكل كبير لإيران، بل إن قائد إحدى ميليشيات الحشد الشعبي قال إنه سيُسقط الحكومة العراقية إذا طلب المرشد الأعلى الإيراني ذلك".
ولفت إلى أن "المقاومة الإسلامية في العراق بمثابة واجهة للميليشيات المدعومة من إيران لشن هجمات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل تضامناً مع حركة حماس، وقد سارع المتحدثون الرسميون باسم هذه الجماعات إلى نفي التصريحات التي أدلت بها الى وكالة رويترز في وقت سابق".
وأوضح أن "إدارة ترامب تضغط على العراق لنزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران، في إطار تركيزها على الحد من نفوذ إيران الخبيث في العراق والمنطقة، وقد صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن الحكومة تسعى لإقناع الميليشيات بنزع سلاحها في كانون الثاني/ يناير 2025، إلا أن ما يُزعم عن دمج 20 ألف مسلح في قوات الحشد الشعبي هو أول مؤشر على ما يعتبره القادة العراقيون تقدماً".
وأكد التقرير أن "القادة العراقيين لا يعارضون المطلب الأمريكي بتحكّم الدولة في الأسلحة، حيث صرّح عمار الحكيم، القيادي في ائتلاف الإطار التنسيقي، قائلاً: لا شكّ في أن القوة العسكرية بيد الدولة، وأن حيازة السلاح يجب أن تكون حصريةً لها، مع ذلك، يصف القادة قوات الحشد الشعبي بأنها مؤسسةٌ أساسيةٌ للدولة، وفي كانون الثاني/ يناير 2025، قال رئيس الوزراء، إن قوات الحشد الشعبي تشكل اليوم قوةً أساسيةً في الدفاع عن العراق".
واعتبر التقرير أن "العراق يحاول تصوير اندماج هذه الجماعات في قوات الحشد الشعبي على أنه تحسن عن وضعها كميليشيات مارقة، بوصفها بأنها غير تابعة لأي جهة أو مناقشة تورطها في أنشطة غير مصرح بها، لكن في الواقع لا يمنح الانضمام إلى قوات الحشد الشعبي هذه الميليشيات سوى غطاء شرعي".
وأشار إلى أن "غطاء الدولة سيمكّنها من تنفيذ أنشطة إرهابية بإيعاز من راعيها الإيراني بأسلحة مرخصة وممولة من الحكومة العراقية، التي وافقت على ميزانية قدرها 3.5 مليار دولار لقوات الحشد الشعبي"، على حد وصفه.
وتابع التقرير "قدّم المشرّعون العراقيون تشريعين بشأن قوات الحشد الشعبي في العام الحالي، لكن الأول سُحب، وتوقف الثاني، ولم يكن الهدف من أيٍّ منهما إصلاح قوات الحشد الشعبي، بل ترسيخها في القانون العراقي لمنع الإدارات المستقبلية من حلها".
ولفت إلى أن "النظام الحالي في العراق لا يسعى إلى إصلاح المشهد الميليشياوي المدعوم من إيران، بل يسعى فقط إلى إضفاء الشرعية على النفوذ والأسلحة الإيرانية التي زعزعت استقرار البلاد لسنوات، وترسيخها".
وسط جبال كردستان العراق، تقع قرية سيرجال التي لطالما اعتمد سكانها على الزراعة وجمع الثمار البرية، إلا أن ملامح الحياة فيها بدأت تتغير مع تصاعد التواجد العسكري التركي في المنطقة، الذي حوّلها إلى ما يُعرف بـ"المنطقة المحظورة".
وتبعد قرية سيرجال نحو 16 كيلومتراً عن الحدود التركية، وتحيط بها اليوم قواعد عسكرية تركية من جميع الجهات، إحداها تطل مباشرة على القرية من الجهة الغربية، بينما تُشيَّد أخرى في الجهة الشرقية. وخلال العامين الماضيين، أُنشئت سبع قواعد على الأقل، إحداها قرب سد صغير يُعد مصدراً أساسياً لمياه القرية، مما جعل الوصول إليه محظوراً.
وأصبحت سيرجال في صلب النزاع المسلح بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، حيث تستهدف الطائرات التركية الجبال المحيطة بالقرية بشكل شبه يومي، ما أدى إلى احتراق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية. يقول شيروان سيرجال، أحد سكان القرية: "كلما بنوا قاعدة جديدة، ازدادت معاناتنا".
وبحسب منظمة فرق صنّاع السلام الحقوقية، قُتل مئات المدنيين داخل المنطقة المحظورة أو بالقرب منها، جراء الضربات الجوية والهجمات بالطائرات المسيّرة. وتفيد بيانات برلمان كردستان بأن آلاف السكان أُجبروا على النزوح، في حين أُفرغت عشرات القرى.
وتشير تحليلات لصوَر أقمار صناعية ومصادر ميدانية إلى أن الجيش التركي بنى، حتى كانون الأول 2024، ما لا يقل عن 136 منشأة عسكرية ثابتة داخل الأراضي العراقية، منتشرة على أكثر من 2000 كيلومتر مربع. كما تم شقّ ما لا يقل عن 660 كيلومتراً من الطرق الجبلية لربط هذه القواعد، ما أسفر عن أضرار بيئية كبيرة.
ورغم أن بعض هذه القواعد أُنشئ في تسعينيات القرن الماضي، إلا أن 89% منها شُيّد بعد عام 2018، أي منذ أن بدأت تركيا بتوسيع وجودها العسكري بشكل لافت في كردستان العراق، بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه كمنظمة إرهابية.
وبلدة قاني ماسي، التي تبعد 4 كيلومترات فقط عن الحدود مع تركيا، تقدم نموذجاً لما قد تُواجهه قرية سيرجال مستقبلاً. كانت البلدة معروفة بإنتاج التفاح، لكنها اليوم شبه خالية من السكان.
سلام سعيد، مزارع من قاني ماسي، لم يتمكن من زراعة أرضه منذ ثلاث سنوات. يقول: "بمجرد أن تصل إلى هنا، تحلق فوقك طائرة مسيّرة، وإذا بقيت، سيطلقون النار عليك".
ويشير إلى أن تركيا تسعى لطرد السكان من هذه المناطق، مضيفاً: "كل ما يريدونه هو أن نغادر هذه الأراضي".
وبالقرب من قاني ماسي، اضطر حرس الحدود العراقي إلى التراجع من مواقعهم الأصلية، بعدما أصبحت القوات التركية أقرب إلى الحدود من الجانب العراقي نفسه. يقول اللواء فرهاد محمود: "النقاط التي ترونها على الجبال هناك تركية، ولا يمكننا الوصول إلى الحدود".
ورغم الإدانة العلنية من الحكومة العراقية للوجود التركي، إلا أن عام 2024 شهد توقيع مذكرة تفاهم بين بغداد وأنقرة لمحاربة حزب العمال الكردستاني، دون أن تتضمن أية قيود على التمدد العسكري التركي داخل العراق.
ويبدو أن الاعتماد العراقي على تركيا في مجالات المياه والتجارة، إلى جانب الانقسامات السياسية الداخلية، يُضعف قدرة بغداد على التصدي لهذا التوسع.
ومن قرية سيرجال إلى قاني ماسي، يتكشف واقع جديد في شمال العراق، حيث باتت القرى محاصرة، الأراضي مشتعلة، والسكان بين مطرقة النزاع وسندان النزوح، وسط صمت دولي وتوازنات سياسية معقدة.