في الثاني عشر من آب/أغسطس من كل عام، يلتفت العالم إلى مخلوق عملاق بملامح طيبة وعيون حزينة.. إنه "الفيل"، الذي خصص له هذا اليوم لرفع الوعي بخطر انقراضه، وتسليط الضوء على حياته المعقدة والمذهلة، التي لا يعرف عنها كثيرون سوى صورته الضخمة في كتب الأطفال أو حدائق الحيوان.

لكن خلف تلك الضخامة، تختبئ روح رقيقة، وشخصية فريدة، وذكاء قد يفوق التوقعات.

يعود إطلاق "اليوم العالمي للفيل" إلى عام 2011، حين أطلقته المخرجة الكندية باتريشيا سيمز، بالتعاون مع ناشطين بيئيين ومؤسسة لإعادة توطين الفيلة في تايلاند. ومنذ ذلك الحين، تبنّت أكثر من 65 منظمة حول العالم هذه المبادرة.

ما الهدف؟ ببساطة: حماية الأفيال من الانقراض؛ فالفيلة الآسيوية اليوم مصنّفة "مهددة بالانقراض"، فيما تُعتبر الفيلة الإفريقية "ضعيفة ومعرّضة للخطر"، وفق القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.

لكن لماذا نحزن إن اختفى الفيل؟
لأننا حين نفقده، لا نخسر مجرد "حيوان"، بل نخسر أحد أكثر الكائنات تعقيدًا ودهشة على وجه الأرض.. حقائق مدهشة عن الفيلة:

كائنات لها ذاكرة... وعلاقات وولاء
الفيلة لا تنسى! حرفيًا؛ لقد أثبتت الدراسات أن ذاكرة الفيل قد تتفوّق على ذاكرة البشر. يتذكر الأماكن، وجداول المياه، وحتى الأفراد الذين تعامل معهم قبل سنوات طويلة. وعندما يموت أحد أفراد القطيع، لا تمر الحادثة بصمت: يتجمع باقي الفيلة حول الجثة، يلمسونها بجذوعهم، ويقفون في حالة من السكون... وكأنهم يودعون رفيقًا عزيزًا.

وما قد لا يعرفه كثيرون، هو أن الفيلة تبكي، وتحزن، وتؤنس بعضها عند الخوف. إنها كائنات اجتماعية لأبعد حد، تعيش في قطعان تقودها "الأم الكبرى" بحكمة وحزم، تحمي الصغار وتعلّمهم. هيكل اجتماعي لا يشبه الكثير في مملكة الحيوانات.

أدمغة عملاقة.. وقلوب حقيقية
وزن دماغ الفيل قد يصل إلى 5 كيلوغرامات، وهو الأكبر بين جميع الحيوانات البرية؛ لكنه لا يتميّز بالحجم فقط، بل بتركيبته المعقدة. يستطيع الفيل أن يستخدم أدوات، ويتواصل باستخدام الأصوات، والإيماءات، وحتى الروائح. بل وأكثر من ذلك، هو قادر على التعرّف إلى نفسه في المرآة — علامة نادرة على "الوعي الذاتي" لا نجدها إلا عند قلة من الكائنات.

وفي دراسة أجريت حديثًا، تبيّن أن للفيلة شخصيات مميزة: بعضها اجتماعي وفضولي، وبعضها خجول ومتحفظ. ليست نسخًا متكررة، بل أفرادًا لهم ميولهم، ومزاجهم، وصداقاتهم.

الفيل... كائن يحتاج الماء، والظل، والسلام
الفيلة تشرب ما يصل إلى 200 لتر ماء يوميًا. تحتاج مساحات مفتوحة، وبيئة آمنة، وغذاء نباتي وفير. تعيش في أماكن حارة، لذلك طورت طرقًا فريدة للتبريد، مثل رش الطين على أجسادها، واستخدام آذانها الكبيرة لتبديد الحرارة.

لكن في السنوات الأخيرة، ضاقت تلك المساحات؛ بين فقدان المواطن الطبيعية بفعل الزحف البشري، وبين الصيد الجائر بحثًا عن العاج، يقف الفيل في مواجهة خطر صامت.