في ظل التوترات القائمة بين إيران وإسرائيل وتصاعد المخاوف من أي سيناريو نووي محتمل، برزت تساؤلات عدة حول مخاطر الإشعاع النووي وتأثير المواد المشعة على الصحة في حالات التعرض المباشر أو غير المباشر. كما زادت الحاجة إلى معرفة الإجراءات الواجب اتباعها في حالات الطوارئ الإشعاعية، خاصة لمن يتواجدون في محيط الانفجارات النووية.
دليل السلامة في الطوارئ النووية:
الآثار الصحية المباشرة
رغم أن محطات الطاقة النووية مصممة بأنظمة حماية متقدمة لمنع تسرب المواد المشعة، فإن حوادث معينة قد تؤدي إلى انبعاث مواد إشعاعية تشكل خطرًا على السكان في المناطق المجاورة. ويعتمد مستوى الخطر على كمية الإشعاع الممتصة، ونوع المادة المشعة، وطريقة دخولها إلى الجسم، ومدة التعرض لها.
في حال التعرض لكمية كبيرة من الإشعاع خلال فترة قصيرة، قد تظهر أعراض مثل الحروق الجلدية والغثيان والقيء، فيما يعرف بـ"متلازمة الإشعاع الحادة"، وقد تبدأ الأعراض في الظهور خلال دقائق أو أيام. يتطلب المصاب حينها رعاية طبية عاجلة لعلاج الأعراض ومنع المضاعفات.
أما التعرض لكميات صغيرة أو على مدى زمني طويل فقد لا يُظهر أعراضًا فورية، لكنه يبقى مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بأمراض كالسرطان على المدى البعيد.
الآثار الصحية طويلة المدى
الأشخاص الذين يتعرضون لجرعات عالية من الإشعاع يواجهون خطرًا أكبر للإصابة بالسرطان مع تقدم العمر، بحسب الجرعة التي امتصها الجسم. ومع ذلك، تشير مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن التعرض لنسب منخفضة من الإشعاع لا يختلف كثيرًا عن المخاطر الناتجة عن التدخين أو سوء التغذية.
ما المكان الآمن للاختباء؟
يوصى سكان المناطق القريبة من مواقع انفجار نووي أو محطات نووية بالبقاء داخل المباني لمدة لا تقل عن 24 ساعة، حتى يصدر إعلان رسمي يؤكد انخفاض خطر المواد المشعة. يُفضل اللجوء إلى القبو أو منتصف البناية، والابتعاد عن الجدران الخارجية والأسطح، كون المواد المشعة عادة ما تنتشر حول المباني من الخارج، وإغلاق جميع المنافذ لتقليل دخول الغبار المشع.
وفي حال كان الشخص في مركبة، يُنصح بإغلاق النوافذ وفتحات التهوية وتشغيل نظام الهواء الداخلي إن وُجد، إلى حين التمكن من الوصول إلى مأوى آمن.
إذا كان الشخص في الخارج وقت الانفجار، عليه أن يستلقي أرضًا، ويغطي رأسه ووجهه، ويوجه قدميه نحو موقع الانفجار لتقليل الأضرار الناتجة عن الموجة الانفجارية والشظايا المتطايرة.
ماذا عن النساء الحوامل والأطفال؟
ينبغي على الحوامل تطبيق تعليمات الحماية والإخلاء بدقة، والحرص على الحصول على رعاية طبية لاحقة. أما في ما يخص الرضاعة، فيُفضل استخدام الحليب الصناعي أو الحليب الطبيعي المخزن مسبقًا. أما الأطفال، فهم أكثر عرضة لخطر الإشعاع بسبب نمو أنسجتهم السريع، ما يعزز ضرورة التزامهم بتعليمات الحماية.
كيفية إزالة التلوث الإشعاعي؟
بما أن المواد المشعة تسقط من الهواء مثل الأتربة، فإن خلع طبقة الملابس الخارجية يمكن أن يساعد في إزالة نسبة كبيرة منها، لذلك ينصح بخلع الملابس والاغتسال جيدا، لكن من الضروري تغطية الجروح والحروق لمنع المواد المشعة من الدخول الى الجسم.
هل القناع مفيد؟
يساعد القناع أو تغطية الأنف والفم بقطعة قماش نظيفة في تقليل استنشاق المواد المشعة أثناء التواجد بالخارج في حالات الطوارئ الإشعاعية.
هل يكون الطعام والماء آمنين؟
معرفة أن الطعام والماء في مناطق طوارئ إشعاعية آمنان تقع على عاتق الجهات المسؤولة التي تقيس نسبة التلوث، ولحين معرفة الإجابة يمكن أن تكون الأطعمة المعلبة والمياه المعبأة أو الأطعمة المحفوظة في الأدراج والثلاجة والمبرد بديلا جيدا من الأطعمة الطازجة أو مياه الصنبور، وفق مكافحة الأمراض والوقاية منها.
لماذا يستخدم اليود؟
اليود أو اليود المستقر أو اليود غير المشع أو يوديد البوتاسيوم (KI) هو مادة كيميائية مهمة للجسم لينتج هرمونات الغدة الدرقية ويمنع دخول اليود المشع الذي ينتج بعد الإشعاع النووي إليها، ونظرا لأن معظم اليود المستقر في أجسامنا يأتي من الطعام الذي نتناوله أو الأدوية والمكملات، يحتاج الشخص في محيط إشعاع ليود غير مستقر أو يود مشع أن يتناول يودا مستقرا أو يوديد البوتاسيوم.
في الواقع، لا تميز الغدة الدرقية بين اليود المستقر والمشع وتمتص كليهما، وفي حالة امتصت كمية كافية من اليود المستقر وامتلأت به لا تكون هناك مساحة امتصاص للمزيد من اليود، ورغم ذلك لا يعتبر يوديد البوتاسيوم حاميا بنسبة 100% من امتصاص الغدد لليود المشع، نظرا لاعتماد ذلك على مدى سرعة امتصاص اليود المستقر في الدم، والوقت بين التلوث باليود المشع وتناول اليود المستقر، وكمية اليود المشع التي يتعرض لها الشخص مقارنة بكمية اليود المستقر التي يتناولها.
وقد تكون جرعة واحدة من اليود المستقر كافية لحماية الغدة الدرقية لمدة 24 ساعة، وتناول المزيد من الجرعات لا يضمن توفير المزيد من الحماية، فضلاً عن احتمالية عدم مناسبته للأشخاص الذين يعانون من حساسية اليود، والأهم أنه يحمي الغدة الدرقية فقط من التعرض لليود المشع، وليس جميع التأثيرات الفورية للإشعاع.