أدى الجفاف غير المسبوق الذي ضرب بحيرة الحبانية إلى اضطراب خطير في التوازن البيئي، ما دفع الخنازير البرية وغيرها من الحيوانات المفترسة إلى ترك موائلها الطبيعية والتوجه نحو المناطق السكنية بحثًا عن الماء والمأوى.

وشهدت عدة مناطق في الأنبار، حالات متزايدة من هجمات الخنازير البرية على السكان والمزارع، في ظاهرة وصفها خبراء البيئة بأنها ناقوس خطر يهدد التنوع الإحيائي والأمن المجتمعي في المحافظة.

يأتي ذلك في ظل تحذيرات بضرورة التدخل العاجل للحفاظ على البحيرة ومنع تفاقم الأضرار الاقتصادية والبيئية الناجمة عن هذا الانخفاض المستمر.

وأكد قائمقام قضاء الحبانية، علي داوود، في تصريح صحفي تابعه موقع كوردسات عربية، أن "بحيرة الحبانية تعاني من انخفاض منسوب المياه بسبب قلة الإطلاقات المائية، مما أثر سلبًا على الجانب السياحي والقرى المحيطة بها، مثل المجر والعنكور".

وأوضح داوود أن "هناك تحسنًا طفيفًا في منسوب المياه خلال هذا الشتاء، مع توقعات بتحسن أكبر في الأيام القادمة"، مشيرًا إلى أن "المسؤولية الأساسية تقع على عاتق وزارة الموارد المائية باعتبارها وزارة سيادية تُصدر تعليماتها مركزيًا".

وأضاف أنه "تم توجيه كتاب رسمي إلى محافظ الأنبار للمطالبة بزيادة الإطلاقات المائية إلى البحيرة، بالإضافة إلى وجود تواصل بين الحكومة المركزية والجانب التركي بشأن هذا الملف".

وشدد قائمقام قضاء الحبانية على أن "انخفاض مستوى المياه في المدينة السياحية بالحبانية يؤثر على النشاط الاقتصادي والسياحي في المنطقة، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لضمان استقرار الوضع".

من جهته، حذّر المتخصص في الشأن البيئي، صميم الفهداوي، من "التداعيات الخطيرة لانخفاض منسوب مياه بحيرة الحبانية وخروجها عن الخدمة"، مؤكداً أن "الأزمة تجاوزت التأثيرات البيئية لتصل إلى تهديد الأمن المجتمعي والاقتصادي في المنطقة".

وأوضح الفهداوي، أن "البحيرة لم تعد قادرة على دعم الحياة الطبيعية في محيطها، مما أدى إلى اضطراب التوازن البيئي وتهديد التنوع الإحيائي"، مشيراً إلى أن "العديد من الحيوانات البرية، مثل الثعالب، الذئاب، والخنازير البرية، بدأت بالهجرة نحو المناطق السكنية والمستنقعات القريبة، مثل الصراة والبزل، فضلاً عن البساتين ونهر الفرات في حصيبة، بحثاً عن مصادر جديدة للمياه".

وأضاف أن "هذه الظاهرة تمثل إنذاراً خطيراً على عدة مستويات، فهي تعكس تدهور الأنظمة البيئية، وتجبر الحيوانات على البحث عن بيئات جديدة، فضلاً عن كونها تهديداً مباشراً للتنوع الإحيائي في الأنبار".

وأشار الفهداوي إلى أن "محاولات إنعاش البحيرة لا تزال شبه معدومة، فيما تواصل وزارة الموارد المائية تأكيد خروجها عن الخدمة بشكل رسمي، ما ينذر بمزيد من التدهور مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة".

وتابع المتخصص في الشأن البيئي، أن "الجهات الحكومية في الأنبار على دراية بخطورة الوضع، إلا أن الإجراءات المتخذة حتى الآن لا تتناسب مع حجم الكارثة البيئية التي تهدد السكان ومصادر رزقهم، لا سيما أن البحيرة كانت تعد مورداً حيوياً للصيد والزراعة".

إلى ذلك، أكد علي هاشم، مدير شعبة التغيرات المناخية في بيئة الأنبار، أن "التحديات المناخية المتزايدة أسهمت في تفاقم التلوث والمشاكل البيئية في المحافظة".

وأوضح هاشم لوكالة شفق نيوز أن "التصحر وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، إلى جانب قلة التساقط المطري، زادت من تعقيد الأزمة البيئية"، مشيرًا إلى أن "مناسيب بحيرة الحبانية تشهد انخفاضًا ملحوظًا بسبب تراجع الإيرادات المائية".

وتواجه الأنبار كغيرها من المحافظات العراقية، تحديات بيئية متزايدة نتيجة التغيرات المناخية، وسط مطالبات بجهود حكومية للحد من تداعياتها.