نجحت إسرائيل في اغتيال القائد العسكري الإيراني وأحد أبرز المشاركين في الحرب العراقية الإيرانية اللواء محمد حسين أفشردي المعروف بمحمد باقري، الذي نجا من الحرب مع العراق، فمن هو؟

ولد محمد حسين أفشردي (المعروف بمحمد باقري) عام 1958 في منطقة هريس بمحافظة أذربيجان الغربية شمال غربي إيران وتولى على مدار خدمته العسكرية مناصب مختلفة ومسؤوليات بالغة الأهمية في المجالات العسكرية والأمنية، فشغل منصب مساعد القيادة العامة للقوات المسلحة لشؤون الاستخبارات والعمليات، وكان مساعدا لرئيس هيئة الأركان للشؤون المشتركة في القوات المسلحة، ومنسقا بين الحرس الثوري والقوات المسلحة.

خبرة من الحرب مع العراق في زمن صدام حسين
اكتسب الجنرال باقري تجارب كبيرة في المسائل العسكرية والأمنية بسبب الأعمال الأمنية والاستخباراتية والعسكرية التي تولاها، فهو من المشاركين في الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وخاض تجربة طويلة في التعامل مع المنظمات الكردية الإيرانية المسلحة بحكم عمله في أجهزة المخابرات.
كما انضم إلى الحرس الثوري الإيراني بعد اندلاع التمرد العسكري الكردي شمال غربي البلاد عقب قيام الثورة الإسلامية عام 1979 واستمر هذا التمرد حتى أواخر 1983، وكان مسؤولاً عن شؤون الاستخبارات خلال العمليات التي نفذها الحرس الثوري في تسعينيات القرن الماضي ضد قواعد الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وحزب "كوملة" الكردي الواقعة على الجبال بين إيران والعراق، وعمل كذلك مع الأكراد العراقيين ضد بغداد حيث كانت كل من الدولتين تدعمان مجموعات كردية ضد الأخرى.
تولى باقري إدارة إحدى مؤسسات التصنيع الحيوية التابعة للحرس الثوري الإيراني. وكان نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية. وفي يوم الثلاثاء 28 يونيو 2016 عينه المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي رئيسا لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية خلفا للواء حسين فيروز آبادي الذي شغل هذا المنصب منذ 1989. وهو أخو حسن باقري الذي كان نائبا لقائد القوة البرية لحرس الثورة الإسلامية.
محمد باقري مع ثلاثة عسكريين آخرين هم محمد علي جعفري وعلي فدوي وغلام علي رشيد قد عرفوا باسم الشبكة القيادية لحرس الثورة الإسلامية.
ساهم الجنرال في تطوير القدرات القتالية الإيرانية، لا سيما في مجالات الحرب السيبرانية والطائرات المسيرة، وشارك في إعادة هيكلة منظومة القيادة العسكرية لتصبح أكثر تكاملا وفاعلية، مع تعزيز التنسيق بين أجهزة الأمن والحرس الثوري.

عقل المخابرات الإيرانية الخارجية
يمثل باقري العقل المُخطط وراء الكثير من العمليات الإيرانية الخارجية، كما أن موقعه أشبه برأس "الأركان التنفيذية" للمشروع الأمني الإيراني، ما يجعله ثاني أبرز قائد يُستهدف بعد قاسم سليماني، رئيس الحرس الثوري الإيراني الراحل، ولم يكن فقط عسكريا ميدانيا، بل مهندسا لعمليات التنسيق بين الأجهزة، وصاحب نفوذ قوي في رسم العقيدة القتالية الإيرانية الحديثة.
وفي 13 يونيو 2025 نجح الجيش الإسرائيلي في اغتيال باقري بالعاصمة طهران في غارة نفذت ضمن سلسلة من الضربات الجوية على مناطق مختلفة في إيران.

أخر تصريح له: الصدام القادم مع إسرائيل سيكون أشد وطأة وتدميرا
ومن أبرز تصريحات باقري قبل أن تنجح الصواريخ الإسرائيلية في قتله كان تحذيره الصارم من المساس بأمن الجمهورية الإيرانية الذي قال فيه: "سرعة تطور قوتنا الصاروخية أسرع بكثير من سرعة إصلاح نقاط الضعف لدى العدو، وسوف يتخلف العدو بالتأكيد عن الركب. الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست دولة تسعى إلى الحرب، لكنها لن تقبل بالبلطجة والهيمنة، وستقف في وجهها"، مؤكدا: "ردنا على أي اعتداء على سيادة ومصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيكون قاسيا ولا يمكن تعويضه".
وأضاف: "لقد تجاوز الاسرائيليون الخطوط الحمراء التي وضعتها الجمهورية الإسلامية، وردنا على عدوانهم الأخير مخطط بنحو يفوق تصور قادة هذا الكيان الإسرائيلي"، مشددا على أنه "إذا ارتكب الاحتلال الإسرائيلي أي خطأ فسيكون أمن الكيان الصهيوني وداعميه في خطر".
كما حذر قائد الحرس الثوري الإسلامي حسين سلامي قبل يوم واحد فقط من نجاح إسرائيل في اغتياله أيضا إن "الصدام القادم مع إسرائيل سيكون أشد وطأة وتدميرا".

13 يونيو يوم سيخلده التاريخ
وفي السياق ذاته، أشار المحلل الإسرائيلي آفي أشكنازي متحدثا عن عمليات الاغتيال الإسرائيلية الناجحة، إلى أنه "كما يبدو حتى الآن، تعمل إسرائيل في إيران مثل وحدة النخبة التي أُرسلت لتنفيذ عمليات تخريبية، وتحييد خط دفاع العدو بأقل قدر من الاحتكاك والتأثير".
وأكد أشكنازي أن "إسرائيل وحدها قادرة على تنفيذ خطوة شملت في المقام الأول تقليص قدرات إيران الهجومية والأمنية، وإحداث فوضى في صفوفها العسكرية"، واصفا إسرائيل بـ "الطفل الصغير والوقح القادر على الوصول إلى كل زاوية للتحرك بسرعة والانتقال إلى الفعل المشاغب التالي".
كما لفت المحلل إلى أن "الجيش الإسرائيلي حذا حذو حزب الله في لبنان وحماس في غزة منذ بدء الحرب. أولا، إلحاق الضرر بالقيادة العسكرية والسياسية، وإضعاف المعرفة من خلال القضاء على مصادر المعرفة التنظيمية، وإبطال القوة النارية والصواريخ بعيدة المدى، وتعطيل الأصول الاستراتيجية كالمطارات، التي يهاجمها سلاح الجو الإسرائيلي بقوة كبيرة".

وأضاف أشكنازي أن "الإيرانيين شعب فريد ويتحلون بصبر طويل جدا"، مؤكدا أنهم "لا يعملون بطيش بل بحكمة مطلقة. يتحلون بالصبر اللازم"، محذرا من أن "الإيرانيين سيردون، ومن المرجح أن يكون ردهم مؤثرا وقويا، وربما يأتي من مكان غير متوقع".
واختتم المحلل قائلا: "الساعات القليلة القادمة ستحدد مستقبل الشرق الأوسط. ليس من الواضح كيف سينتهي هذا اليوم، لكن من الواضح أن يوم الجمعة 13 يونيو، سيخلد في التاريخ.