في سوريا، تجدد الجدل حول مستقبل سوريا الذي يمر من مسار الاندماج الوطني عقب الاشتباكات التي اندلعت بين الدروز والقبائل البدوية في محافظة السويداء جنوبي البلاد.

ووفقاً لما نقله فريق تحرير منصة كوزال نت، فإن قائد “قوات سوريا الديمقراطية” التي تسيطر على شمال شرق البلاد، مظلوم عبدي، أدلى بتصريحات للصحافة السعودية، حيث أكد دعمه لمبدأ “جيش واحد وعلم واحد”، مشيرًا في الوقت ذاته إلى رغبتهم في نظام لا مركزي يُتيح للإدارات المحلية صلاحيات حقيقية في بعض الملفات.

وفي تصريح لقناة “HaberTürk“، قال السفير الأمريكي لدى أنقرة والمبعوث الخاص لسوريا، توم بارّاك، إن مظلوم عبدي “يقود هذا المسار بمسؤولية وذكاء كبيرين”، مؤكدًا أن “الاندماج سيحدث في سوريا”.

يُذكر أن “وحدات حماية الشعب” الكردية (YPG) تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، في حين تعتبرها تركيا امتدادًا لمنظمة “بي كا كا” وتصنفها كتنظيم إرهابي.

وتتابع أنقرة عن كثب تطورات مسار الاندماج في سوريا.

مظلوم عبدي عن مستقبل سوريا: “ستنضم قوات سوريا الديمقراطية إلى وزارة الدفاع السورية!

وأدلى قائد “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي، بتصريحات عن مستقبل سوريا في 29 يوليو/تموز  لِقناتي “الحدث” و”العربية” السعوديتين، عقب تأجيل المفاوضات التي كان من المقرر عقدها في باريس بين قواته والنظام السوري.

وأكد عبدي أن “قسد” يجب أن تكون جزءًا من منظومة الدفاع السورية، مشيرًا إلى أن الاتفاق المبرم مع الحكومة السورية المركزية في 10 مارس/آذار ينص على توحيد البلاد تحت “علم وجيش واحد”، ويشمل ضم “قسد” إلى وزارة الدفاع السورية.

ومع ذلك، شدد عبدي على أن أي عملية اندماج بدون تقديم ضمانات دستورية للأكراد تُعدّ مثيرة للقلق بالنسبة لهم.

وأشار إلى أن دمشق تبدي مرونة فيما يتعلق باللغة والثقافة، لافتًا إلى أنهم طالبوا باعتبار اللغة الكردية لغة رسمية إلى جانب العربية في المناطق ذات الغالبية الكردية.

كما أوضح عبدي أن لديهم مطالب رسمية بدمج المؤسسات المحلية في مناطق مثل الرقة والحسكة ودير الزور ضمن هيكل الإدارة المركزية، مشيرًا إلى استمرار المحادثات في هذا الاتجاه.

وأضاف أن لدى “قسد” قنوات تواصل دائمة مع تركيا، مؤكدًا أن هدفهم هو “تحويل وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا إلى سلام دائم”.

واختتم عبدي بالقول إن تأجيل اللقاء المقرر في باريس جاء بناءً على طلب من دمشق.

عقب مقابلة مظلوم عبدي التي تحدث فيها عن مستقبل سوريا، أدلى السفير الأمريكي في أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، بتصريحات حول مسار الاندماج في سوريا.

باراك اقتبس عبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي تصريحات عبدي، مشيدًا بدوره في العملية، ومؤكدًا أن جهود “قسد” ودمشق، والتي ترتكز على مبدأ “جيش واحد، حكومة واحدة، دولة واحدة”، تُعدّ بالغة الأهمية من أجل تحقيق الاستقرار في سوريا.

وقال: “نُقدّر الحوار البنّاء الذي يجري لتعزيز الاندماج والوحدة لأجل مستقبل سوريا، ونتطلع إلى استمرار المفاوضات من أجل مستقبل آمن”.

وفي مقابلة مع قناة “خبر تُرك” بتاريخ 30 يوليو/تموز 2025 ، أكد باراك أن الاندماج في سوريا سيتم، مشيدًا بقيادة مظلوم عبدي للعملية، واصفًا إياها بـ”المسؤولة والذكية للغاية”.

وأضاف: “أشعر بالفخر تجاه نهج الحكومة السورية في التعامل مع هذه العملية، وأيضًا بموقف مظلوم عبدي”، لافتًا إلى أن عبدي لا يُشكّل تهديدًا لتركيا.

كما أشار باراك إلى أن تركيا تقدم مساهمة “توجيهية وبنّاءة” في هذا المسار، وأن النظام السوري يُظهر التزامًا واضحًا في إشراك الأقليات ضمن عملية الاندماج لضمان مستقبل سوريا.

وأضاف: “المجموعة الصغيرة التي تدير الحكم تحاول أن تُسيطر على الوضع بمسؤولية، لكن الموارد محدودة، ويتوجب على المجتمع الدولي أن يمدّ يد العون ويوفر الدعم ويمنحهم الفرصة”.

وكان باراك قد شدد، في تصريحات سابقة أدلى بها لقناة “روداو” في 10 يوليو/تموز 2025، على مبدأ “شعب واحد، أمة واحدة، جيش واحد، سوريا واحدة”، مؤكدًا أن الحكومة السورية أظهرت مرونة كبيرة وجادة في التوصل إلى توافق.

ما موقف تركيا؟

تتوقع أنقرة من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، أن تتخلى عن سلاحها وتندمج في صفوف الحكومة السورية.

وبحسب ما أفادت به قناة ” TRT HABER“، أكدت مصادر في وزارة الدفاع التركية  أن اتفاق 10 مارس/آذار ينص على ضرورة استكمال عملية اندماج قسد مع نهاية العام، مشددة على أهمية التزام جميع الأطراف بهذا الجدول الزمني.

وكانت وزارة الدفاع التركية قد صرحت في وقت سابق بأن دمشق طلبت من أنقرة تقديم دعم في مجال “مكافحة الإرهاب”، بما يشمل التدريب والاستشارات والمساعدة التقنية، وأن تركيا قدمت هذا الدعم بالفعل.

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في مقابلة مع قناة “NTV” بتاريخ 25 يوليو/تموز، إن على “قسد” أن تتوصل إلى اتفاق مع الحكومة المركزية دون إبطاء وبشكل طوعي.

وشدد فيدان على ضرورة وجود تركيا كشاهد على هذه العملية من أجل ضمان الأمن، مضيفًا: “من غير المقبول استمرار وجود تشكيلات مسلحة في البلاد تحت ذرائع مختلفة. نحن ننتظر من وحدات حماية الشعب (YPG) أن تلقي سلاحها.”

وفي تصريح سابق أدلى به في أنقرة بتاريخ 22 يوليو/تموز 2025، حذّر فيدان من أن تركيا ستتدخل في حال جرى اتخاذ خطوات لتقسيم سوريا بالقوة أو تهديد استقرارها، مؤكدًا:
“إذا تم استخدام العنف في محاولة لتقسيم البلاد وزعزعة استقرارها، فسنعتبر ذلك تهديدًا مباشرًا لأمننا القومي، وسنتصرف بناءً عليه.”