تقارير

حذرت منظمات إنسانية من أن سياسة التجويع الممنهجة التي تنتهجها إسرائيل ضد أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة قد تسفر عن وفاة نحو 14 ألف رضيع خلال اليومين المقبلين، ما لم يتم إدخال مساعدات غذائية عاجلة وبشكل كافٍ.

ورغم ما أُعلن عن سماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدخول 5 شاحنات إغاثة محملة بأغذية ومساعدات للأطفال إلى القطاع المحاصر، وصف خبراء هذه الخطوة بأنها مجرد "قطرة في بحر الاحتياج".

وقال مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، إن الكمية التي دخلت القطاع لا ترقى إلى مستوى الاستجابة المطلوبة، مضيفا أن غزة تشهد "مستويات مرتفعة جدا من سوء التغذية الحاد"، إذ يهدد الجوع ربع مليون إنسان يعانون من حرمان غذائي شديد.

وفي مقابلة مع محطة "بي بي سي"، أوضح فليتشر أن فرق الإغاثة تقدر احتمال وفاة 14 ألف رضيع خلال 48 ساعة في حال لم تصلهم مساعدات غذائية فورية.

كما بيّن أن الشاحنات التي دخلت عبر معبر كرم أبو سالم أول أمس الاثنين -وهو عدد ضئيل مقارنة بـ600 شاحنة يومية كانت تدخل خلال فترات التهدئة- لم تصل إلى السكان بعد.

وأمس الثلاثاء، سمحت إسرائيل بدخول 100 شاحنة إضافية، لكن فليتشر عبّر عن مخاوف من نهب محتمل لهذه الشاحنات وسط حالة فوضى ويأس متزايدة في القطاع.

ويأتي ذلك في ظل حصار كامل على قطاع غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، حيث نفدت مخزونات الغذاء لدى المنظمات الدولية بعد مرور 79 يوما من الحصار.

الموقف الأوروبي
من جهته، قال واسم مشتهى من منظمة أوكسفام إن "إسرائيل حرمت سكان غزة من الغذاء والماء والدواء، وتواصل قصفها العشوائي والوحشي"، مضيفا: "هناك مليونا إنسان على شفا المجاعة يعانون من الجوع والمرض والصدمة والتشريد".
 
واعتبر مشتهى أن السماح المحدود بدخول المساعدات لا يمثل تقدما حقيقيا، بل هو "تنازل ضيق" يعكس تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل.

وفي تطور سياسي لافت، أصدرت كل من بريطانيا وكندا وفرنسا بيانا مشتركا الاثنين أدانت فيه "المستوى غير المقبول من المعاناة البشرية" في غزة، مهددة بفرض عقوبات محددة على إسرائيل في حال استمر الحصار.

وأعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أمام البرلمان تعليق المفاوضات التجارية مع إسرائيل، بينما صرح نظيره الفرنسي جان نويل بارو أن باريس تدعم مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، قائلا: "العنف الأعمى والحصار المفروض على المساعدات حوّل غزة إلى مقبرة. يجب أن يتوقف هذا فورا… إنه انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية".

وتعد هذه المواقف الأوروبية خروجا عن الخطاب الغربي السائد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي اعتبر حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة "دفاعا عن النفس".

ومع تزايد حجم الكارثة الإنسانية، ارتفعت أصوات منظمات حقوقية ونواب غربيين يطالبون بوقف الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل، التي تُواجه دعوى إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية.

بدورها، أكدت مسؤولة السياسات في أوكسفام للأراضي الفلسطينية، بشرى الخالدي، أن المطلوب الآن هو: "فتح كل المعابر فورا لتأمين استجابة إنسانية شاملة وآمنة تحترم القانون الدولي".

كما شدّدت على أن "قافلة رمزية لا تمثل تقدما"، وأن "وقف القصف وتحقيق العدالة والمساءلة" يمثلان شرطين أساسيين لإنهاء المأساة المتصاعدة.

اقرأ المزيد

تضج وسائل اعلام اجنبية وعربية منذ ساعات، بتصريحات السفير الأمريكي الاسبق في سوريا روبرت فورد، والتي تحدث فيها عن لقائه بأحمد الشرع عدة مرات، بينها المرة الأولى في 2023 أي قبل سقوط الأسد بعام وعندما كان الشرع يحمل اسم الجولاني بعد، فيما نقل عن لسان الشرع حديثه حول نشاطاته في العراق سابقا.

وفي محاضرة بعنوان "انتصر الثوار في سوريا.. والان ماذا"، قال فورد انه "ابتداء من عام 2023، دعتني مؤسسة بريطانية غير حكومية، متخصصة في حل الصراعات، من أجل مساعدتهم في إخراج هذا الشرع من عالم الإرهاب وإدخاله إلى عالم السياسة التقليدية".

وتابع: "عندما التقيته للمرة الأولى، حين كان اسمه الحركي الجولاني جلست بجانبه وقلت له باللغة العربية: خلال مليون سنة لم أكن أتخيل أنني سأكون جالسا بجانبك... ونظر إلي وتحدث بنبرة ناعمة قائلا: ولا أنا".

وأشار فورد إلى أنه أجرى مع الشرع حوارا "سلسا" وقال إن ما لفت نظره خلال اللقاء أن الشرع "لم يعتذر عن العمليات الإرهابية في العراق وسوريا" لكنه قال إن "التكتيكات والقواعد التي كان يتبعها في العراق لا تصلح عندما تحكم 4 ملايين شخص (في إدلب)".

لكن الرئاسة السورية نفت من جانبها حدوث أي لقاء سري بين فورد والشرع، مشيرة الى ان زيارة فورد كانت ضمن مجموعة وفود أوروبية وامريكية ولم يحصل لقاء انفرادي او سري بين الجانبين.

اقرأ المزيد

كشف تقرير خطير، ان اكثر من 200 اسرة عراقية تقوم بتربية حيوانات مفترسة غالبيتها من الأسود.

ورغم تحذيرات الخبراء من الانتشار المقلق لهذه الظاهرة، فإن القوانين العراقية تتضمن بالفعل نصوصًا تُجرّم مثل هذه الممارسات، بيد أن الإشكالية تكمن في ضعف تنفيذ تلك النصوص، مما يجعلها شبه غائبة على أرض الواقع.

وقال مدير الإعلام والعلاقات في منظمة المناخ الأخضر العراقية مهدي ليث، انه "لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة لأعداد الأسود التي تتم تربيتها في العراق"، مبينا ان "المنظمة تقدر وجود ما بين 100 إلى 200 عائلة في مناطق مختلفة من العراق تربي هذه الحيوانات، سواء داخل المنازل أو في مزارع تحولت إلى محميات لتربية الحيوانات المفترسة وغير المفترسة".

وذكر ان "المنظمة ترى عدم وجود جهة حكومية مسؤولة بشكل مباشر عن مراقبة ومنع تربية الحيوانات المفترسة داخل المنازل"، مشيرا إلى أن "التحرك الرسمي يقتصر على حالات رفع دعاوى قضائية من قبل المواطن على مربي تلك الحيوانات داخل المنازل".

وأكد أن "المشكلة الأساسية تكمن في كيفية دخول هذه الحيوانات إلى العراق وطرق تسويقها وبيعها علنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما شجع الأفراد المقتدرين على شرائها من دون إدراك العواقب الخطرة المحتملة عليهم وعلى محيطهم وأسرهم"، لافتا الى ان "حوادث كثيرة سجلت لكنها لم تصل إلى حد القتل باستثناء النجف، بل تضمنت إصابات خطيرة وجروحا كبيرة وبترا للأعضاء نتيجة هجمات الحيوانات المفترسة".

كما حذر الخبير البيئي موفق صالح "من المخاطر الكبيرة التي ترافق تربية الحيوانات البرية والمفترسة داخل المنازل في العراق، مثل الأفاعي والأسود والنمور والقرود والتماسيح"، مشددا على أن "هذه الظاهرة تشكل تهديدا مباشرا للسلامة العامة".

وأوضح أن "بعض الأشخاص يلجؤون إلى تربية هذه الحيوانات بدافع التميز أو الشعور بالفخر، غير أن هذا التصرف يحمل في طياته أخطارا جسيمة، نظرًا لصعوبة التنبؤ بسلوك هذه الكائنات، حتى وإن بدت مروّضة، فطبيعتها الغريزية قد تطغى في أي لحظة، مما يجعلها متأهبة لمهاجمة البشر أو الحيوانات الأخرى دون سابق إنذار".

وأشار إلى أن "الخطر لا يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل يمتد ليشمل آثارا صحية وبيئية، إذ يمكن أن تسهم هذه الحيوانات في نقل أمراض خطيرة، كما أن فقدان السيطرة عليها قد يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي بافتراسها أنواعا حيوانية أخرى"، مشددا "على ضرورة منع تربية الحيوانات المفترسة بشكل قاطع إلا في حدائق خاصة مهيأة لهذا الغرض وتخضع للإشراف الكامل من قبل المسؤولين المختصين".

وأكد أن "هذا الإجراء ضروري لضمان السيطرة التامة على هذه الحيوانات وحماية المجتمع من المخاطر المحتملة".

وسجلت في السنوات الأخيرة عمليات اقتناء حيوانات مفترسة كالأسود والنمور والكلاب البوليسية داخل أقفاص من قبل أصحاب المحال التجارية والمطاعم، فضلا عن حالات اصطحاب تلك الحيوانات داخل السيارات من قبل أصحابها، وأحيانا التجول معها مشيا في الأسواق أو هروب بعضها، وهو ما يسبب ذعر المواطنين.

أما الخبيرة القانونية مريم النعيمي فأكدت "وجود نصوص قانونية واضحة في قانون العقوبات العراقي تحذر بشدة من تربية الحيوانات المفترسة أو البرية داخل المدن والتجمعات السكنية، لما تشكله من خطر حقيقي على سلامة المواطنين وأمنهم".

وبينت ان "المادة (495) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 تتضمن عقوبات واضحة في هذا الشأن، ففي الفقرة الخامسة من هذه المادة، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر واحد أو بغرامة كل من لم يتخذ الاحتياط الكافي إزاء حيوان في حيازته أو تحت مسؤوليته وترتب على ذلك حدوث أي خطر أو ضرر"، لافتة الى "الفقرة الرابعة من المادة نفسها التي تنص على معاقبة من أطلق في الطريق العام مجنونا يخشى منه أو حيوانا مفترسا أو ضارا بأي وجه من الوجوه، وذلك بالحبس مدة لا تزيد على شهر أو بغرامة".

و تناولت الخبيرة القانونية النعيمي ظاهرة التباهي باصطحاب الحيوانات المفترسة في الأماكن العامة، معتبرة أن "اصطحاب الأسود في السيارات لأغراض التفاخر يندرج ضمن المادة (493) من قانون العقوبات العراقي، التي تنص على معاقبة كل من يقود حيوانا أو وسيلة نقل في الطرق والساحات العامة دون مراعاة لسلامة الآخرين، بالحبس لمدة لا تتجاوز 10 أيام وغرامة مالية".

كشف تقرير خطير، ان اكثر من 200 اسرة عراقية تقوم بتربية حيوانات مفترسة غالبيتها من الأسود.

Advertisement: 0:12
ورغم تحذيرات الخبراء من الانتشار المقلق لهذه الظاهرة، فإن القوانين العراقية تتضمن بالفعل نصوصًا تُجرّم مثل هذه الممارسات، بيد أن الإشكالية تكمن في ضعف تنفيذ تلك النصوص، مما يجعلها شبه غائبة على أرض الواقع.
وقال مدير الإعلام والعلاقات في منظمة المناخ الأخضر العراقية مهدي ليث، انه "لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة لأعداد الأسود التي تتم تربيتها في العراق"، مبينا ان "المنظمة تقدر وجود ما بين 100 إلى 200 عائلة في مناطق مختلفة من العراق تربي هذه الحيوانات، سواء داخل المنازل أو في مزارع تحولت إلى محميات لتربية الحيوانات المفترسة وغير المفترسة".
وذكر ان "المنظمة ترى عدم وجود جهة حكومية مسؤولة بشكل مباشر عن مراقبة ومنع تربية الحيوانات المفترسة داخل المنازل"، مشيرا إلى أن "التحرك الرسمي يقتصر على حالات رفع دعاوى قضائية من قبل المواطن على مربي تلك الحيوانات داخل المنازل".
وأكد أن "المشكلة الأساسية تكمن في كيفية دخول هذه الحيوانات إلى العراق وطرق تسويقها وبيعها علنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما شجع الأفراد المقتدرين على شرائها من دون إدراك العواقب الخطرة المحتملة عليهم وعلى محيطهم وأسرهم"، لافتا الى ان "حوادث كثيرة سجلت لكنها لم تصل إلى حد القتل باستثناء النجف، بل تضمنت إصابات خطيرة وجروحا كبيرة وبترا للأعضاء نتيجة هجمات الحيوانات المفترسة".
كما حذر الخبير البيئي موفق صالح "من المخاطر الكبيرة التي ترافق تربية الحيوانات البرية والمفترسة داخل المنازل في العراق، مثل الأفاعي والأسود والنمور والقرود والتماسيح"، مشددا على أن "هذه الظاهرة تشكل تهديدا مباشرا للسلامة العامة".
وأوضح أن "بعض الأشخاص يلجؤون إلى تربية هذه الحيوانات بدافع التميز أو الشعور بالفخر، غير أن هذا التصرف يحمل في طياته أخطارا جسيمة، نظرًا لصعوبة التنبؤ بسلوك هذه الكائنات، حتى وإن بدت مروّضة، فطبيعتها الغريزية قد تطغى في أي لحظة، مما يجعلها متأهبة لمهاجمة البشر أو الحيوانات الأخرى دون سابق إنذار".
وأشار إلى أن "الخطر لا يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل يمتد ليشمل آثارا صحية وبيئية، إذ يمكن أن تسهم هذه الحيوانات في نقل أمراض خطيرة، كما أن فقدان السيطرة عليها قد يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي بافتراسها أنواعا حيوانية أخرى"، مشددا "على ضرورة منع تربية الحيوانات المفترسة بشكل قاطع إلا في حدائق خاصة مهيأة لهذا الغرض وتخضع للإشراف الكامل من قبل المسؤولين المختصين".
وأكد أن "هذا الإجراء ضروري لضمان السيطرة التامة على هذه الحيوانات وحماية المجتمع من المخاطر المحتملة".
وسجلت في السنوات الأخيرة عمليات اقتناء حيوانات مفترسة كالأسود والنمور والكلاب البوليسية داخل أقفاص من قبل أصحاب المحال التجارية والمطاعم، فضلا عن حالات اصطحاب تلك الحيوانات داخل السيارات من قبل أصحابها، وأحيانا التجول معها مشيا في الأسواق أو هروب بعضها، وهو ما يسبب ذعر المواطنين.
أما الخبيرة القانونية مريم النعيمي فأكدت "وجود نصوص قانونية واضحة في قانون العقوبات العراقي تحذر بشدة من تربية الحيوانات المفترسة أو البرية داخل المدن والتجمعات السكنية، لما تشكله من خطر حقيقي على سلامة المواطنين وأمنهم".
وبينت ان "المادة (495) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 تتضمن عقوبات واضحة في هذا الشأن، ففي الفقرة الخامسة من هذه المادة، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر واحد أو بغرامة كل من لم يتخذ الاحتياط الكافي إزاء حيوان في حيازته أو تحت مسؤوليته وترتب على ذلك حدوث أي خطر أو ضرر"، لافتة الى "الفقرة الرابعة من المادة نفسها التي تنص على معاقبة من أطلق في الطريق العام مجنونا يخشى منه أو حيوانا مفترسا أو ضارا بأي وجه من الوجوه، وذلك بالحبس مدة لا تزيد على شهر أو بغرامة".
و تناولت الخبيرة القانونية النعيمي ظاهرة التباهي باصطحاب الحيوانات المفترسة في الأماكن العامة، معتبرة أن "اصطحاب الأسود في السيارات لأغراض التفاخر يندرج ضمن المادة (493) من قانون العقوبات العراقي، التي تنص على معاقبة كل من يقود حيوانا أو وسيلة نقل في الطرق والساحات العامة دون مراعاة لسلامة الآخرين، بالحبس لمدة لا تتجاوز 10 أيام وغرامة مالية".

اقرأ المزيد

بينما تتجه الأنظار إلى مستقبل العلاقة الأميركية – السورية في أعقاب زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن ورفع العقوبات الأميركية عن دمشق، عاد إلى الواجهة أحد أعقد الملفات الأمنية في البلاد، وهو إدارة سجون عناصر تنظيم "داعش" في شمال شرق سوريا.

ففي بيان مقتضب نشرته المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على منصة "أكس"، حدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب خمس نقاط رئيسية طلب من الشرع تنفيذها، كان أبرزها تولي الإدارة السورية مسؤولية معتقلات "داعش" الواقعة حاليا تحت إدارة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

واشنطن تطالب.. ودمشق تعد

ترامب أظهر بوضوح رغبته في أن تتحمل الحكومة السورية الجديدة المسؤولية الكاملة عن هذا الملف الأمني الحساس، في خطوة قد تعيد رسم خطوط النفوذ والسيطرة في منطقة يغيب عنها الوجود العسكري المباشر للدولة السورية، لكنها لا تخلو من الحسابات الجيوسياسية المعقدة، سواء بالنسبة لدمشق أو واشنطن أو القوى الكوردية في المنطقة.

مدير مركز العدالة والمساءلة السوري في واشنطن، محمد العبدالله، يرى أن هذه الخطوة تثير تساؤلات قانونية وتنفيذية بالغة الحساسية.

ويقول العبدالله، إن "تسلُّم إدارة سجون داعش، هل هو شرط مسبق لرفع العقوبات أم نتيجة مترتبة عليه؟ لا أحد يعلم بدقة كيف يفكر ترامب في هذه المرحلة، ولا ما إذا كانت هناك آلية واضحة لضمان قدرة الدولة السورية على تنفيذ ذلك فعلياً، لا سيما في ظل غياب قواتها عن تلك المناطق".

تحديات ميدانية وواقعية

رئيس "معهد الدراسات العالمية" في واشنطن، باولو فان شيراك، يقول من جانبه، لوكالة شفق نيوز، إن "الحكومة السورية الجديدة تواجه تحديات بنيوية تحول دون تسلّمها هذا الملف بسهولة".

ويشير إلى "ضعف الموارد المالية والعسكرية، إضافة إلى واقع معقد في المخيمات التي تدار حاليا من قبل قسد".

ويتابع شيراك: "من غير الواضح إذا ما كانت دمشق قادرة فعلا على السيطرة والإدارة. هذه المخيمات تعاني من انفلات أمني وتجاوزات خطيرة. وفي حال أعلنت الحكومة تسلمها للمسؤولية، فالسؤال الجوهري هو: كم من العناصر سيتم إرسالهم؟ من سيراقبهم؟ ومن يضمن التنفيذ؟".

وفيما يتعلق بمستقبل العلاقة بين دمشق والمكوّن الكوردي، يعتبر شيراك أن الأمور لا تزال غير محسومة: "الكورد طالبوا سابقاً بالحكم الذاتي، فهل ستقبل دمشق بذلك ضمن أي تفاهم مستقبلي؟ لا إجابات واضحة حتى الآن".

ويمثل مخيم الهول هاجسا أمنيا كبيرا للسلطات العراقية حيث سعت في السنوات القليلة الماضية الى اغلاقه لما يضم من عشرات الآلاف من زوجات وأبناء مسلحي تنظيم "داعش" ومناصرين للتنظيم، بهدف الحد من المخاطر الأمنية على الحدود السورية.

ويعد مخيم الهول، الواقع جنوب مدينة الحسكة السورية، مركزاً لتجمع أُسر التنظيم وهو تحت سيطرة وإدارة قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

وبعد سقوط نظام الأسد يخشى العراق عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.

الوجود الأميركي و"قسد"

من جهته، كشف الباحث في المركز العربي بواشنطن، رضوان زيادة، أن "التحركات الجارية تهدف إلى إعادة ترتيب ملف السجون من الزاوية المالية والأمنية معاً".

ويوضح أن "إدارة بايدن كانت تدفع لقسد نحو 235 مليون دولار سنوياً لإدارة هذه السجون، بينما يسعى ترامب حالياً لوقف هذا التمويل دون الإخلال بالتوازن الأمني".

ويضيف زيادة، أن "الإدارة السورية أبدت استعداداً لتولي المهمة، بل جرى اتفاق فعلي بين دمشق و"قسد" قبل نحو شهر ونصف، لكن الكورد يتلكأون في التنفيذ، في ظل ضغوط أميركية متزايدة تدفع نحو تسريع العملية".

انسحاب أميركي

ورغم الأصوات التي تربط بين رفع العقوبات وبدء انسحاب أميركي من شمال شرق سوريا، إلا أن شيراك يستبعد حدوث ذلك قريباً، قائلاً: "الوجود العسكري الأميركي هناك رمزي، لكنه يعكس التزاماً أمنياً متواصلاً. الحديث عن انسحاب فوري غير واقعي، ما لم تحدث تغييرات ملموسة على الأرض".

ويختم شيراك بالقول: "بعض الأصوات تتهم واشنطن باستخدام ملف داعش كمبرر للبقاء، لكن الواقع أن بضع مئات من الجنود لا يشكّلون قوة احتلال. الانسحاب الكامل مرهون باستقرار فعلي وإعادة هيكلة شاملة للوضع السوري، وهذا أمر لا يبدو قريب المنال".

وكانت وزارة الدفاع السورية، أكدت لوكالة شفق نيوز، في نيسان/ أبريل الماضي، عدم وجود أي ترتيبات لانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، في حين أكدت انضواء جميع الفصائل المسلحة في الوزارة.

وقال متحدث من الوزارة، لوكالة شفق نيوز، إنه "لم يتم وضع أي ترتيبات تخص انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، أو تحديد الوقت لذلك"، مبيناً أنه "يتم الآن العمل على هيكلة الجيش السوري".

وتابع: "بالنسبة لأعداد الفرق والألوية في الجيش السوري، وتوزيعها، فإن جميع الفصائل المسلحة انضوت في وزارة الدفاع، ولم يبق أي فصيل خارجها بعد قرار اللواء الثامن حل نفسه والاندماج ضمن هياكل وزارة الدفاع وتسليم سلاحه".

يشار إلى أن مسؤولين عسكريين، أفادوا لشبكة "CNN" إن الجيش الأمريكي يخطط لسحب ما يقرب من نصف قواته من سوريا خلال الأشهر المقبلة، وذلك في الشهر الماضي.

ويوجد حالياً حوالي 2000 جندي أمريكي هناك، معظمهم في شمال شرق سوريا ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. وبحلول نهاية عملية السحب، سيكون هذا العدد أقل بقليل من 1000 جندي، وفقًا للمسؤولين.

وأضاف المسؤولون أن تغيير وضع القوات سيؤدي أيضًا إلى تقليل انتشار القوات الأمريكية في جميع أنحاء سوريا، عقب محادثات السلام بين الحكومة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.

وصرّح مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية لشبكة "CNN"، ردًا على سؤال حول التغييرات المخطط لها، قائلاً: "تعيد وزارة الدفاع توزيع القوات بشكل روتيني بناءً على الاحتياجات العملياتية والطوارئ".

وكانت رويترز، نقلت سابقا عن اثنين من المسؤولين الأمريكيين أن الجيش الأمريكي يستعد لدمج قواته في سوريا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، في خطوة قد تُقلص عددها إلى النصف.

وقال أحد المسؤولين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن هذا الدمج قد يقلل عدد القوات في سوريا إلى ألف تقريبا.

وللجيش الأمريكي نحو ألفي جندي في سوريا موزعين على عدد من القواعد، معظمها في الشمال الشرقي.

وتعمل القوات الأمريكية مع القوات المحلية لمنع عودة ظهور تنظيم داعش، الذي استولى في عام 2014 على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، قبل دحره لاحقا.

ويجري وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث مراجعة عالمية للقوات العسكرية الأمريكية حول العالم.

اقرأ المزيد

أكدت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، انه سيترتب على منح ملف طباعة الوثائق الرسمية لتركيا خروقات عدّة للقوانين المحلية والدولية لما لهذه الخطوة من أثر على جوانب مختلفة من أمن المواطنين السوريين وكذلك سيادة سوريا واستقلالها.


وذكرت المنظمة في تقرير مطول انه تترتب على احتمالية تسليم الملف لتركيا، خروقات عدة للقوانين المحلية والدولية، لما لها من أثر على جوانب مختلفة من أمن المواطنين السوريين، وكذلك سيادة سوريا واستقلالها.

وفي حال قيام حكومة تصريف الأعمال السورية بتسليم ملفات السوريين الشخصية إلى الحكومة التركية، فهذا سيشكل تنازلاً واضحاً عن السيادة السورية لدولة أخرى، هذه السيادة التي تم التأكيد عليها في الدساتير السورية المتعاقبة، وذلك لأن بيانات المواطنين السوريين تعتبر من "الوثائق الوطنية الأساسية الدائمة"، ومن يفرط بالوثائق الوطنية يكون قد فرط بالسيادة الوطنية للدولة حتماً، وكذلك يكون تصرف الحكومة السورية مخالفاً لما تنص عليه قوانين الأحوال المدنية المتعاقبة التي أكدت على وجوب الحفاظ على وثائق السجلات المدنية وتأمين سلامتها وحمايتها من الضياع، ولا شك إن إخراج هذه السجلات إلى خارج الحدود السورية وتسليمها لدولة أخرى يشكل انتهاكاً واضحاً للقوانين السورية المذكورة، بحسب المنظمة.

وتقول المنظمة، "كذلك نصت قوانين الأحوال المدنية المتعاقبة في سوريا (قانون الأحوال المدنية رقم 13 لعام 2021، وقانون الأحوال المدنية رقم 26 لعام 2007) على عدم جواز نقل سجلات الأحوال المدنية إلى خارج مراكز السجل المدني. حتى في حال وجود دعوى تزوير تتعلق بمحتويات سجل معين، فعلى هيئة المحكمة الانتقال إلى أمانة السجل المدني والاطلاع على السجل في مكان وجوده، فإذا كان نقل السجلات إلى مبنى محكمة سورية موجودة في نفس المنطقة الجغرافية التي تتواجد فيها أمانة السجل المدني أمراً محظوراً قانوناً، فكيف لنا أن ننقل محتويات هذه السجلات إلى خارج الحدود وتسليمها لدولة أخرى؟".

كذلك نصت قوانين الأحوال المدنية السورية على إن استصدار الوثائق المدنية كالبطاقات الشخصية والأسرية وإخراجات القيود المدنية تكون عن طريق مراكز السجل المدني السورية حصراً، ولم تسمح باستصدارها من مراكز أخرى، ولا سيما إذا كانت غير سورية، كون الوثائق المذكورة تعتبر، كما ذكرنا، من "الوثائق الوطنية الأساسية".

وتضيف، "ثم إنه في حال وجود خطأ أو تزوير في قيود الأحوال المدنية وتم تصحيح ذلكْ من قبل المحكمة المختصة بقرار مبرم، أو في حال تصحيح الخطأ المادي الموجود في تلك القيود من قبل رئيس مركز السجل المدني المختص، وفق ما نصت عليه قوانين الأحوال المدنية السورية، فهل سيكون هذا القرار ملزماً للدوائر الرسمية التركية لتعديل بيانات قيود الأحوال المدنية الموجودة في حوزتها؟ وإذا افترضنا أن الدوائر الرسمية التركية التي سيتم تفويضها بإصدار الوثائق الشخصية للسوريين/ات رفضت، لسبب أو لآخر، اصدار وثيقة لشخص ما، فما هي الوسائل القانونية المتاحة للمتضرر للتظلم ضد الجهة المذكورة؟ وهل سيلزم المواطن السوري بالسفر إلى الدولة التركية لمتابعة هذا الأمر أمام سلطاتها؟ الأجوبة برسم حكومة تصريف الأعمال".

وتوضح انه ينبغي التأكيد أيضاً على أن الدولة السورية تلتزم، بموجب القانون الدولي وإعمالًا لسيادتها، باحترام وحماية حقوق الإنسان والوفاء بها. وقبل اتخاذ الدولة قرار تسليم دولة أخرى مسؤولية إصدار الأوراق الثبوتية للمواطنين السوريين، يجب تقييم هذا القرار في ضوء الواجب في احترام حقوق هؤلاء المواطنين، أي الامتناع عن التدخل في تمتعهم بحقوقهم أو الحدّ منها، وكذلك واجبها في حماية حقوق هؤلاء المواطنين من الانتهاكات من أي طرف، بالإضافة إلى واجب اتخاذ إجراءات إيجابية لتسهيل تمتع هؤلاء المواطنين بحقوقهم. ولا يجوز التذرع بالإيفاء بأي من هذه الواجبات للتنصّل من احترام الواجبات الأخرى. وبالتالي لا يمكن تبرير تسليم تركيا مسؤولية إصدار الأوراق الثبوتية باعتبار ذلك "تدبيرًا إيجابيًا" لتسهيل تمتع السوريين بحقوقهم طالما أن هذا "التدبير" لا يفي بواجبات الدولة في احترام وحماية تلك الحقوق.

وفي هذا السياق، فإن تسليم الوثائق الشخصية للسوريين إلى دولة أخرى – بحسب المنظمة - يعتبر فشلًا واضحاً في إعمال واجب احترام وحماية الحق في الخصوصية، حيث أكدت المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه لا يجوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته. وانطلاقًا من واجب الدولة في حماية هذا الحق، فهي ملزمة بضمانه "في مواجهة جميع تلك التدخلات والاعتداءات، سواء أكانت صادرة عن سلطات الدولة أم عن أشخاص طبيعيين أو قانونيين".
وتجدر الإشارة إلى أن "تشريعات الدولة هي في المقام الأول عين ما يجب النص فيه على حماية (هذا الحق)، مما يؤكد سموّ التشريعات الوطنية التي تم ذكرها في الفقرات السابقة على أية تدابير لا تتوافق معها. بناءً على ذلك، يعتبر تسليم بيانات السوريين للحكومة التركية انتهاكاً لخصوصياتهم وإغفالًا عن إنفاذ التزامات الدولة تجاه هذا الحق وفق القانون الدولي والوطني. علاوة على ذلك، "يكفل الحق في الأمن الشخصي حماية الأفراد من تعمد إلحاق الأذى البدني أو الضرر العقلي بهم، بغض النظر عما إذا كان الضحية محتجزاً أو غير محتجز". ويتوجب على الدولة اتخاذ التدابير المناسبة لحماية الأفراد من المخاطر المتوقعة وكافة أشكال العنف من قبل أية أطراف فاعلة حكومية أو خاصة، بحسب قول المنظمة.

وفي ظل غياب قدرة الدولة على ممارسة سيادتها وما ينبثق عنها من سلطة وفق القانون في حال نُقلت مسؤولية إصدار الوثائق إلى تركيا، فقد يشكّل هذا الإجراء تهديداً لأمن المواطنين السوريين المتأثرين به بالتزامن مع انعدام أية فرصة للدولة السورية في إعمال واجباتها بهذا الصدد نظراً لعدم ممارستها سلطاتها السيادية على السلطات التركية، وبالتالي ستخالف حكومة تصريف الأعمال التزاماتها الدولية المفروضة بموجب العهود والمواثيق الدولية، ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كون سوريا دولة طرف في هذه الاتفاقية.

وقد تطال التهديدات أيضاً، حق السوريين في المساواة أمام القانون والوصول للقضاء، والحق في الانتصاف الفعال. فمثلاً، كيف يمكن لمواطن سوري أن يتحدى ويتظلم بخصوص انتهاك لخصوصيته قامت به السلطات التركية التي تعالج أوراقه الثبوتية؟ ومن يتحمل المسؤولية القانونية: سوريا أم تركيا؟ أين هو مجال الاختصاص القانوني والقضائي الذي يجب أن يلجأ له ذلك المواطن؟ في هذا السياق الضبابي، إن موافقة الدولة السورية على عملية طباعة الوثائق في تركيا، تعني ضياع حق المواطن السوري وإلقاء العبء على كاهله بالنسبة لالتزامات الدولة تجاهه.

وفقًا للقانون الدولي، يحق للدولة أن تفعّل لصالح مواطنيها إجراءات الحماية الدبلوماسية عندما تتسبب دولة أخرى بضرر بحقهم وذلك لضمان حمايتهم وحصولهم على الجبر على الفعل الخاطئ دوليًا الذي ارتكب بحقهم. وقد عبّرت المحكمة الدائمة للعدالة الدولية – ومحكمة العدل الدولية من بعدها – عن هذا الترابط بين حق الدولة وحق مواطنيها باعتباره يعكس شكلًا رئيسيًا من الإنصاف واحترام قواعد القانون الدولي. وقد نصّ أحد قرارات المحكمة على "إن من المبادئ الأولية في القانون الدولي أن الدولة لها الحق في حماية رعاياها عندما تتضرر من أعمال مخالفة للقانون الدولي ترتكبها دولة أخرى، ولم تتمكن من الحصول على تعويض منها بالطرق العادية. ومن خلال تولي قضية أحد رعاياها واللجوء إلى الإجراءات الدبلوماسية أو القضائية الدولية نيابة عنه، فإن الدولة تؤكد في الواقع على حقوقها الخاصة – حقها في ضمان احترام قواعد القانون الدولي في شخص رعاياها". وبالتالي، إذا قامت الدولة الأخرى، تركيا في هذه الحالة، بإلحاق الضرر بمواطنين سوريين، ما هي إجراءات وقانونية الحماية الدبلوماسية التي ممكن أن تنفذها سوريا طالما أن الدولة السورية قد أباحت لدولة أخرى ممارسة جانب من سلطتها السيادية – إصدار الأوراق الثبوتية؟ وفي سياق ذي صلة، تجدر الإشارة إلى أنه لا يحق للدول الأطراف في اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 أن يعقدوا أية اتفاقات ذات طبيعة أو علاقة قنصلية إضافية إلا إذا كانت تؤكد أو تدعم أو تكمّل أحكام اتفاقية فيينا وفقًا للمادة 73(2) منها. بناءً على ذلك، فإن أي اتفاق بخصوص إصدار أو طباعة الأوراق الثبوتية للمواطنين السوريين من شأنه أن يحدّ أو يخالف أحكام الاتفاقية يعتبر مخالفًا لهذه المادة ولأحكام محكمة العدل الدولية المتعددة بهذا الخصوص.

وتتابع المنظمة، ان تفويض تركيا بعملية طباعة الأوراق الرسمية السورية سينجم عنه ارباكاً على مستوى علاقات الدول مع السوريين بخصوص وثائقهم الرسمية، ففي حال حاجة دولة ما إلى الوثائق الشخصية لشخص سوري يسكن على أراضيها، لأي سبب كان، فهل ستقوم بمخاطبة الحكومة السورية أم التركية؟.

 

اقرأ المزيد

حذر "معهد واشنطن" الامريكي، من ان تزايد شرائح بالمجتمع لا تغلب الهوية الوطنية الجامعة، ينذر بـ"تصدع السياسة العراقية"، و يشكل مؤشرا على أن الانتخابات البرلمانية المقبلة، لن تكون حاسمة في ظل تشرذم الأحزاب على الأسس الطائفية والعرقية، عوضا عن التنافس استنادا الى البرامج السياسية.

وأوضح التقرير الأمريكي، انه في ظل توجه العراق نحو الانتخابات، تظهر مواقف متعارضة في الرأي العام العراقي، حيث يتزايد الشعور الإيجابي للعراقيين تجاه الحكومة الوطنية ورضاهم عن ادائها، الا انه يوجد ايضا توجه مقلق حيث أن نحو نصف العراقيين يعرفون عن انفسهم بهوياتهم الفرعية، وخاصة انتمائهم العرقي او الطائفي، وليس على هويتهم كمواطنين عراقيين.

وبعدما حذر التقرير من ان الميل نحو التماهي مع الهويات الطائفية، ارتبط سابقا باضطرابات أو صراعات، استعان ببيانات موقع "مقياس الرأي العام العراقي" الذي يتخذ من عمان مقرا له، والذي يرصد الاسس الاجتماعية اللازمة لنجاح العراق كديمقراطية ليبرالية، بما في ذلك من خلال مقاييس مثل مدى رضاهم عن حياتهم، وتقييمهم للاداء الديمقراطي، وفعالية حكم النخبة الحاكمة، بالاضافة الى مستوى التفكير الطائفي بين السكان، ومدى تعريف العراقيين بهويتهم العراقية، مقارنة بالهويات المحلية والعابرة للهوية الوطنية.

وتحدث التقرير عن تحسن الاساس العام للمواقف تجاه استقرار الديمقراطية العراقية بشكل محدود، وهو ارتفاع مرتبط بتنامي الايجابية تجاه مؤشرات "الحوكمة" بدءا من منتصف العام 2023، خلال ولاية رئيس مجلس الوزراء شياع السوداني، مضيفا انه سواء ارتبط الأمر بالثقة في الحكومة، أو تقييم اداء رئيس مجلس الوزراء نفسه، او طريقة عمله، فان العراقيين عبروا عن اتجاهات ايجابية واضحة.

واوضح التقرير ان نسبة من يعبرون عن ثقتهم بالحكومة الاتحادية، ارتفعت من 26% في بداية العام 2022 (قبل انتخاب السوداني) الى 54% حاليا، في حين تزايدت نسبة من يقولون ان الوضع الامني جيد نوعا ما او جيد جدا، من 22% الى 70%، بينما ارتفعت نسبة من يقولون ان العراق يسير في الاتجاه الصحيح من 18% الى 53% خلال الفترة نفسها.

الا ان التقرير نبه إلى وجود تحذير واحد ومؤشر تحذيري محتمل يتمثل في تحول المواقف فيما يتعلق بالهوية الوطنية، حيث أن 53% من العراقيين يمنحون الأولوية لهوياتهم الفرعية (الدينية، والعرقية، والطائفية وغيرها) مقابل هويتهم العراقية الأوسع.

وأشار التقرير الى أن من شملهم الاستطلاع سئلوا "كيف تفضل تعريف نفسك؟"، وهو سؤال يطرح منذ العام 2004 عندما ظهر شبح الحرب الطائفية حيث وصف أقل من ربع العراقيين انفسهم وقتها بأنهم "عراقيون بالدرجة الاولى"، لكن هذه النسبة ارتفعت الى الثلثين بعد الحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة، ثم تراجعت مرة اخرى الى الحد الادنى خلال العام 2012 مع بدء داعش في احتلال مساحات واسعة من العراق.

واضاف التقرير انه بعد تحرير العراق من داعش، ارتفع الشعور بالهوية الوطنية، ليصل الى 58% في العام 2022.

لكن التقرير حذر من أن مؤشر الهوية الوطنية تراجع مجددا في بداية هذا العام، وكان العامل الرئيسي خلف ذلك هو ان وسائل الاعلام العراقية، القائمة بدرجة كبيرة على أسس طائفية وعرقية، تتحدث بلغة طائفية متزايدة خلال العام الماضي، وذلك في محاولة لاستقطاب المشاهدين من خلال قضايا تتلاعب بمشاعرهم، مذكرا بأن التنافس الطائفي كان تقليديا قضية تستخدم من أجل تعبئة المجتمعات المختلفة في البلد.

وتابع التقرير أن هذه المواقف تكون متباينة مع اختلاف المجموعة الطائفية او العرقية، فمثلا يقول 60% من العرب السنة أن هويتهم العراقية هي الاولوية القصوى، مقابل 52% من العرب الشيعة. الا ان التقرير لفت إلى أن نسبة العرب السنة الذين فضلوا الهوية الوطنية الموحدة لم تتخطَ الـ 40% في العام 2007، مقارنة بأكثر من 60% للعرب الشيعة.

واضاف التقرير ان الغالبية العظمى من الكورد لا تزال تؤكد على الهوية الكوردية بشكل عام، مشيرا إلى ان غياب الهوية العراقية لدى معظم الكورد، ادى الى دعوات للاستقلال او مزيد من الحكم الذاتي بين العديد منهم، ولكنه ادى ايضا الى شعور مماثل بالإحباط تجاه ما تمكنت حكومة اقليم كوردستان من تحقيقه على مستوى الإقليم، مثلما اظهرته الانتخابات الكوردية الاخيرة.

واشار التقرير الى ان الفترة التي تلت تحرير الموصل من داعش، شهدت انقلابا كاملا، حيث اصبح السنة اكثر تفاؤلا وايجابية في ارائهم مقارنة بالعرب الشيعة والكورد، والذين أظهروا انخفاضا واضحا في رضاهم عن السياسة في العراق، مضيفا أن الصدام بين اقليم كوردستان والحكومة العراقية في ايلول/ سبتمبر 2017 بعد استفتاء الاستقلال، وما تلاه من انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 2019 في بغداد والجنوب ، أظهر الآثار التي يمكن أن تخلقها مثل هذه التحولات في الرأي العام على النظام السياسي في العراق.

واعتبر التقرير أن من بين التفسيرات لذلك، هو أن العرب السنة قد تقبلوا وضعهم الجديد في عراق ما بعد صدام بعد أهوال داعش ومع تكيف النظام السياسي العراقي الى حكومة تستوعب المجتمع العربي السني. وفي المقابل، قال التقرير ان العرب الشيعة والكورد لم يشاهدوا تحقق توقعاتهم العالية لنظام سياسي جديد في ظل التطورات السياسية والاقتصادية الحاصلة.

ولهذا، أوضح التقرير ان المخاوف بشأن مستقبل البلد تتزايد حدة بين الكورد، وانه بينما يعتقد 62% من السنة و56% من الشيعة ان العراق يسير في الاتجاه الصحيح، تنخفض هذه النسبة بشكل حاد الى 11% فقط بين الكورد.

ولفت التقرير إلى انه عند سؤال العراقيين عن مستوى ثقتهم بالحكومة الاتحادية، اظهر 62% من السنة ثقتهم بها، مقارنة بـ 57% من الشيعة و33% فقط من الكورد.

خلاصة

وبعدما قال التقرير ان "الطائفية تمثل آفة في العراق"، ذكر بأن صعود داعش كان بمثابة المثال الاكثر وضوحا على التداعيات الطائفية، الا ان هناك عواقب سلبية اخرى ناجمة عن عدم تشارك العراقيين في الهوية الوطنية المشتركة، حيث تسبب منح الاولوية للهويات الفرعية على الهوية الوطنية بـ"تصدّع السياسة العراقية"ن بينما صارت الأحزاب السياسية متشرذمة بقوة على أسس هويات طائفية وعرقية في معظمها، بدلا من البرامج السياسية القائمة على رؤى متنافسة.

نبه المعهد الامريكي ان هذا الوضع "جعل اقامة التحالفات امرا بالغ الصعوبة بعد الانتخابات، وهي مشكلة يرجح تكرارها في الجولة الانتخابية المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2025"، مضيفا ان "غياب الهوية المشتركة ادى الى قيام نظام سياسي مبني على ضمان تعاون مختلف الجماعات الفرعية في صنع السياسات وتنفيذها" من خلال "المحاصصة".

ووفقا لتقرير المعهد فان "الولاءات المحلية، الحقت الضرر بفرص البلد في ان يصبح نظاما سياسيا ديمقراطيا فعالا".

وخلص التقرير الأمريكي إلى أنه في ظل حالة التشرذم في المشهد الحزبي السياسي، والقائم على هويات دون وطنية وأحزاب مبنية حول قادة محددين بدلا من المرتكز الايديولوجي، فإن المرجح في الانتخابات المقبلة، الا يتمكن اي حزب من الفوز بأغلبية الاصوات، وهو ما يعني انه في العام 2025، مثلما كان الحال منذ ان أجرى العراق انتخابات وطنية، ستكون هناك مرحلة طويلة من المفاوضات حول الاحزاب والافراد الذين سيكونون جزءا من الحكومة الجديدة، مما يعني ان القرارات المتعلقة بمن يمارس السلطة في العراق سيتم اتخاذها خلف الأبواب المغلقة.

اقرأ المزيد

أثار انتشار أخبار عن نية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تغيير اسم "الخليج الفارسي" إلى "الخليج العربي" ردود فعل غاضبة وواسعة من الإيرانيين، سواء من المؤيدين أو المعارضين للنظام، إلى حد دفع ترامب بعد يوم واحد من هذه الردود إلى التصريح بأنه لم يتخذ قراراً نهائياً، وأنه لا ينوي إغضاب أحد.

ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية عن مسؤولين أميركيين أن "ترامب يعتزم، خلال جولته المرتقبة التي تشمل الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر بين 13 أيار/مايو الجاري و16 منه، الإعلان عن أن الولايات المتحدة ستعتمد تسمية "الخليج العربي" أو "خليج العرب" بدلاً من "الخليج الفارسي".

يُذكر أن ترامب سبق أن استخدم مصطلح "الخليج العربي" في عام 2017 خلال ولايته الأولى، وقد قوبل ذلك حينها باعتراضات وانتقادات شديدة من إيران.

من جانبه، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي القرار بأنه "ذو دوافع سياسية"، معتبراً أنه "يعكس نية عدائية تجاه إيران وشعبها".

وأضاف: "اسم الخليج الفارسي، شأنه شأن كثير من التسميات الجغرافية، له جذور عميقة في تاريخ البشرية"، موضحا ان "إيران لم تعارض يوماً استخدام أسماء مثل بحر عمان، المحيط الهندي، البحر العربي، أو البحر الأحمر. هذه الأسماء لا تعبّر عن ملكية لدولة معينة، بل عن احترام مشترك للتراث الإنساني الجماعي".

وأصدرت بعثة إيران في الأمم المتحدة بياناً قالت فيه إن "الجميع يجب أن يواجه تشويه الحقائق، ففهم التاريخ والجغرافيا أمر ضروري لاتخاذ القرارات، والحقائق لا تتغير بقرارات تُتخذ في المكتب البيضوي".

ردود الفعل لم تقتصر على المسؤولين الحاليين في الجمهورية الإسلامية، إذ وصف رضا بهلوي، نجل الشاه السابق، قرار ترامب بأنه "إهانة للشعب الإيراني وحضارته العريقة"، مضيفاً: "لآلاف السنين، كان الإيرانيون والعرب والغربيون يعرفون هذا الممر المائي الواقع بين إيران وشبه الجزيرة العربية باسمه الحقيقي والوحيد: الخليج الفارسي".

وقد تداول العديد من الإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للشاه محمد رضا بهلوي، يُظهره وهو يرد على صحافي استخدم كلمة "الخليج" بدلاً من "الخليج الفارسي"، حيث سأله الشاه: "ألم تذهب إلى المدرسة؟ ما الإسم الذي علّموك إياه؟"، فأجاب الصحافي: "الخليج الفارسي".

أما وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف، فعلق على الخبر بقوله: "سنثبت للعالم ولسكان البيت الأبيض أن الإيرانيين سيقفون صفاً واحداً في وجه مثل هذه القرارات".

كذلك، نشر مستخدمون آخرون صوراً لشواهد قبور جنود أميركيين كُتب عليها أن مكان مقتلهم عام 1991 كان في "الخليج الفارسي".

وعبّر الإيرانيون عن رفضهم لتغيير الإسم من خلال استخدام وسم "الخليج الفارسي" باللغتين الفارسية والإنكليزية.

ونشر بعضهم خرائط ووثائق تاريخية، مثل خريطة للشرق الأوسط تعود إلى القرن الثامن عشر من مكتبة الكونغرس الأميركي، وخريطة أخرى من متحف الملاحة الوطني في لندن تعود لعام 1663، وكلها تستخدم تسمية "الخليج الفارسي".

وشارك كثير من المستخدمين صوراً ومقاطع فيديو دعماً لتسمية "الخليج الفارسي"، وكتبوا: "حتى لو كان بوسع ترامب أن يحدد التسمية التي تستخدمها الولايات المتحدة في وثائقها الرسمية، إلا أنه لا يمكنه فرض ذلك على الدول الأخرى".

ورغم أن الوثائق والخرائط التاريخية استخدمت تسمية "الخليج الفارسي" لهذا الممر المائي، فإن بعض الدول العربية بدأت خلال العقود الأخيرة باستخدام مصطلح "الخليج العربي"، وهو ما قوبل باعتراضات شديدة من الإيرانيين.

وفي الوقت الحالي، يظهر على خرائط "غوغل" في أميركا الشمالية اسم "الخليج الفارسي"، وتُذكر تسمية "الخليج العربي" بين قوسين. وكانت الحكومة الإيرانية قد هددت بمقاضاة "غوغل" عام 2012 بسبب إزالة اسم "الخليج الفارسي" من خرائطها. أما في تطبيق "آبل"، فيُدرج الإسم "الخليج الفارسي" فقط.

اقرأ المزيد

بينما أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديداً واضحاً باستخدام القوة العسكرية ضد إيران إذا لم تتخل عن طموحاتها النووية، تتعدد التحليلات والتقديرات في واشنطن بشأن جدوى هذا التصعيد، وسط انقسام واضح بين من يدفع نحو مواجهة مفتوحة ومن يحذر من عواقبها.

ففي تصريحات إعلامية، قال ترامب إنه "بالتأكيد" قد يلجأ إلى ضرب منشآت إيران النووية، في حال فشلت الجهود الدبلوماسية.

وجاءت تصريحات ترامب في وقت تتواصل فيه المفاوضات بين البلدين، والتي هي بمثابة الأعلى مستوى منذ انسحاب واشنطن في 2018 من الاتفاق النووي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" في الولاية الأولى لترامب، الذي اعتبر الاتفاق "غير كافٍ" للحد من قدرات إيران النووية، ووسع لاحقاً سياسة "الضغط الأقصى" لتشديد العقوبات على طهران.

ورغم هذه الأجواء المشحونة، تتباين آراء الخبراء والمحللين الأميركيين حول واقعية تنفيذ ضربة عسكرية، أو إمكانية دخول الولايات المتحدة في مواجهة جديدة في الشرق الأوسط.

قال عميد كلية الشؤون العامة في جامعة بالتيمور، إيفان ساشا شيهان، إن سلوك ترامب "يصعب التنبؤ به"، لكنه أشار إلى أن "الرئيس أعلن استعداده لاستخدام القوة العسكرية الحاسمة ضد الجمهورية الإسلامية"، مضيفاً "أصدّقه في ذلك. لا أعتقد أن الخيار العسكري قد أُزيل من الطاولة".

وأكد شيهان أن السيناريو الأكثر ترجيحاً، في ظل عدم رغبة الإدارة الأميركية في نشر قواتها في الشرق الأوسط، سيكون "ضربات جوية محددة ولكن كبيرة التأثير، مصحوبة بدعم قوي للمعارضة الديمقراطية الإيرانية، وعمليات سرية داخل البلاد".

وأشار إلى أن النظام الإيراني لطالما خشي من أن تتحول المعارضة الداخلية إلى حركة تغيير شاملة تقوض أركان النظام من الداخل، مرجحاً أن تكون هناك خطط يجري تجهيزها لتفعيل هذا المسار خلال أشهر الصيف المقبلة.

كما لفت إلى أن "الكونغرس يضغط لضمان التزام الإدارة الأميركية بنزع السلاح النووي الكامل والتحقق التام من وقف التخصيب في أي اتفاق قادم مع طهران"، معتبراً أن أي حل دون هذه الشروط "سيتعرض للنقد الشديد في واشنطن".

وفيما تعاني إيران من أزمة اقتصادية خانقة، تتجلى في انهيار قيمة الريال، وارتفاع معدلات البطالة، والتضخم المتسارع، يرى شيهان أن "كل إشارات الإنذار مضاءة باللون الأحمر بالنسبة للنظام".

لكن هذا الرأي لا يحظى بإجماع داخل الأوساط البحثية الأميركية.

 استبعد الباحث في مركز الشرق الأوسط بواشنطن، سمير التقي، تماماً قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية.

وقال "أنا أستبعد تماماً توجيه الولايات المتحدة ضربة للمنشآت النووية الإيرانية. لأنه ماذا بعد اليوم التالي لضرب إيران؟".

واعتبر أن "ضرب المنشآت النووية الإيرانية لن ينهي البرنامج، بل سيمنحه شرعية جديدة"، مضيفاً "إيران تمتلك المعرفة والتقنية، وأي ضربة لن توقف قدرتها، بل ستدفعها لإطلاق مشروع نووي عسكري معلن".

ووصف التقي تصريحات ترامب بأنها "إعلامية"، ولا يُعوّل عليها كخيار إستراتيجي حقيقي.

من جهته، قدم الأستاذ السابق في جامعة نورث وسترن في شيكاغو، محيي الدين قصار، رؤية أعمق لأبعاد الأزمة، قائلا: "لا أعتقد أن إدارة ترامب قادرة على فتح جبهة عسكرية جديدة، حتى وإن كانت محدودة، في الشرق الأوسط. وإذا قررت إسرائيل أن تقصف المفاعلات الإيرانية، فستفعل ذلك وحدها".

وأشار قصار إلى أن "الأزمة الاقتصادية العميقة التي تمر بها الولايات المتحدة والعالم، قد تجعل من ضرب إيران محاولة لصرف الأنظار داخلياً، لكن ذلك لا يعني أن القرار قابل للتنفيذ بسهولة".

وأضاف "إسرائيل حصلت بالفعل على الصواريخ والطائرات طويلة المدى، لكنها لا تستطيع تنفيذ الهجوم دون غطاء أميركي إستخباراتي، ولوجستي، وإستراتيجي. أما بعد القصف، فماذا بعد؟ ومن يضبط ردود الفعل؟".

واعتبر أن "إيران، رغم خطابها العدائي، لا تسعى لاستخدام قنبلة نووية ضد إسرائيل، هذا وهم. النظام الإيراني يستخدم التهديد الخارجي لتبرير قمعه الداخلي ولسحق شعبه، وقد رأينا كيف تحولت دول مثل العراق ولبنان إلى أدوات بيده دون أن توفر لشعوبها أبسط الخدمات".

ويختتم قصار حديثه بالتأكيد على أن "الصورة المروجة في الإعلام العربي عن عداء إيديولوجي شامل بين إيران وإسرائيل، تخفي واقعاً أكثر تعقيداً، حيث المصالح تتشابك، والأنظمة توظف الخطاب العدائي لأغراض داخلية أكثر مما تسعى لتحقيق أهداف إستراتيجية حقيقية".

اقرأ المزيد

سلط تقرير بريطاني، الضوء على الهدنة "الهشة" التي أعلنتها الفصائل العراقية المسلحة مع الولايات المتحدة ‎أواخر العام 2024، لافتاً إلى أن عودة سياسة "الضغط الأقصى" للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب تجاه إيران أثارت حالة من عدم اليقين بشأن إمكانية انهيار الهدنة واندفاع بغداد نحو الصراع مجدداً.

وبحسب تقرير لموقع "أمواج" البريطاني،  فإن ترامب كثف جهوده لتفكيك النفوذ الإقليمي الإيراني، وقد استتبع ذلك بمجموعة من السياسات والعقوبات التي تهدف إلى إضعاف العلاقات الاقتصادية والسياسية لطهران مع بغداد".

ونبه التقرير البريطاني، إلى أن "الحد الأدنى المالي للفصائل العراقية أصبح تحت مجهر الإدارة الأميركية الحالية بشكل متزايد، نظرا لاعتماد الفصائل على العديد من الكيانات والقطاعات الاقتصادية المستهدفة".

‎ووفق التقرير، يهدد تحول سياسة ترامب بتقويض عمل التوازن الدقيق في بغداد، بين طهران وواشنطن، وفي حين أن وقف إطلاق النار الهش مع الفصائل ما يزال مستمرا، فإن النهج الأمريكي الحالي يهدد بفك هذا الانفراج، مما يدفع العراق إلى حافة الصراع المتجدد، في حين أن الصفقة المحتملة بين إيران والولايات المتحدة قد تحبط هذا السيناريو، فمن المحتمل حدوث مواجهة إذا اشتبكت طهران وواشنطن.

‎تحت ضغط ترامب

‎أصدرت إدارة ترامب أمرا تنفيذيا في أوائل فبراير/شباط، بفرض مجموعة من العقوبات الشاملة التي تستهدف الوصول الإقليمي لطهران، ووضع قيود على البنوك العراقية المتهمة بتسهيل المعاملات بالدولار لطهران.

‎وفي مارس/آذار، لم يتم تجديد التنازل عن العقوبات على الواردات العراقية من الكهرباء الإيرانية، دون وضوح بشأن ما إذا كانت واردات الغاز الطبيعي ستستهدف أيضاً.

وفي تطور لافت، نقل التقرير البريطاني، عن مصادر دبلوماسية أمريكية لم يسمها قولها إن واشنطن تخطط لعقوبات شاملة ومرحلية على الأفراد والكيانات العراقية المرتبطة بالمؤسسات الحكومية والفصائل السياسية والجماعات المسلحة.

‎وأضاف: "تدعي تقارير أخرى أن واشنطن تضع عقوبات مستهدفة على أكثر من 2000 شخص في العراق، حيث ينظر إلى منظمة بدر والجهات الفاعلة الأخرى على أنها قريبة من إيران في مرمى البصر، بينما يضغط ترامب الآن على بغداد لتقليص علاقاتها الاقتصادية مع طهران، يمكن أن تتغير هذه الديناميكية إذا رأت الجماعات المسلحة أن خطوطها الاقتصادية والسياسية تحت التهديد.

الفصائل تختنق

ولفت تقرير "أمواج" البريطاني، إلى أن "شبكات التهريب المربحة التي تكفل تمويل العديد من الفصائل الموالية لإيران، باتت تواجه اليوم تهديدات وجودية، فرؤية أنفسهم محاصرين ماليا وفي المجال العسكري، قد يتم استفزاز بعضهم ويدفعهم للعودة إلى الديناميكية التي تعبها الصراع والتي سادت في عام 2024، والتي شهدت هجمات على كل من القوات الإسرائيلية والأمريكية بين جولات التصعيد ووقف التصعيد.

‎واشار التقرير، إلى أن "التوازن الذي يجمع بين الإضرابات المعايرة والجزر الاقتصادي، عاد الآن إلى جدول الأعمال في إطار حملة ضغط ترامب على إيران.

‎وأدت عقوبات الإدارة الأمريكية الحالية إلى تفاقم أزمة السيولة في العراق، حيث ورد أن البنك المركزي يحظر سحب الدولار في الخارج ويقيد التحويلات اليومية إلى 5000 دولار أمريكي، وفقاً لتقرير أمواج.

‎وفي حين أن الفصائل المسلحة العراقية لم ترد علنا على الضغط الاقتصادي، فقد صعد البعض خطابهم ضد الوجود الأمريكي في العراق، بعد أن تعهدوا سابقا باستئناف الهجمات ما لم تنسحب القوات الأمريكية تماما، بحسب التقرير.

‎وخلص التقرير البريطاني، إلى أن "الحكومة العراقية ستواصل النضال من أجل التنقل في الضغوط من طهران وواشنطن - خاصة في عام الانتخابات، على الرغم من غموض النتيجة النهائية للمحادثات النووية الإيرانية الأمريكية".

‎وختم التقرير بالقول: "بينما تسعى بغداد إلى إيجاد بدائل للطاقة الإيرانية وقمع تهريب الدولار، من المرجح أن تفسر الفصائل المدعومة من إيران تنفيذ المزيد من العقوبات الأمريكية على أنها أعمال حرب، وقد تكون الفصائل هذه المرة مستعدة لاستئناف حملتها، مما قد يؤدي إلى انهيار عمل التوازن الدقيق لإدارة السوداني.

اقرأ المزيد

تحدثت تقارير إعلامية السبت، عن "الصدمة" التي شكلها إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مفاوضات مع إيران، بالنسبة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة لواشنطن.

وقال تقرير لوكالة "رويترز" إن ترامب فاجأ نتنياهو في أبريل 2025 بقراره التحول من دعم الخيار العسكري ضد إيران إلى الدخول في مفاوضات مباشرة معها حول برنامجها النووي.

وجاء هذا التحول بينما كان نتنياهو في واشنطن يسعى للحصول على دعم أمريكي لشن ضربات عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية، إلا أنه أبلغ قبل أقل من 24 ساعة من مؤتمر صحفي مشترك في البيت الأبيض بأن المحادثات الأمريكية-الإيرانية ستنطلق خلال أيام، ما شكل صدمة كبيرة لنتنياهو وللجانب الإسرائيلي.

وأشارت المصادر وفق التقرير إلى أن إدارة ترامب رأت أن الرهان على المسار الدبلوماسي قد يكون أكثر فعالية في كبح طموحات إيران النووية، خاصة مع تزايد الشكوك الأمريكية حول جدوى الخيار العسكري.

وبالفعل، عقدت واشنطن وطهران ثلاث جولات من المحادثات خلال ثلاثة أسابيع فقط، بهدف منع إيران من تطوير سلاح نووي مقابل تخفيف العقوبات، مع توقع عقد جولة رابعة قريبا في روما.

وطالبت إسرائيل من جانبها، بما تسميه "تخصيب صفري" لليورانيوم وتفكيك كامل للبنية التحتية النووية الإيرانية.

وأوضح تقرير "رويترز" أن نجاح هذه "المقامرة النووية" لترامب يتوقف على قدرة المفاوضين على تجاوز خطوط حمراء حساسة، أبرزها حق إيران في تخصيب اليورانيوم ومستوى الرقابة الدولية، مع استمرار قلق طهران من احتمال شن هجوم إسرائيلي حتى في حال التوصل لاتفاق.

وقالت ثمانية مصادر إن إطارا مبدأيا قيد المناقشة حاليا يبقي على جوهر خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، وهي الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018 خلال ولاية ترامب الأولى.

وقد لا يشهد الاتفاق الجديد اختلافات جذرية عن سابقه الذي وصفه ترامب بأنه الأسوأ في التاريخ، لكن‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬جميع المصادر أشارت إلى تمديد أجله إلى 25 عاما وتشديد إجراءات التحقق وتوسيع ما يطلق عليها "بنود الانقضاء" التي تعلق جوانب بالبرنامج النووي الإيراني ولكنها لا تفككه تماما.

وذكرت جميع المصادر أنه بموجب الشروط الجاري مناقشتها، ستحد إيران من مخزون اليورانيوم وأنواع أجهزة الطرد المركزي وستخفف أو تصدر أو تحفظ مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، بوجود رقابة غير مسبوقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وخلص التقرير إلى أن ترامب فاجأ نتنياهو بانتقاله المفاجئ إلى طاولة المفاوضات مع إيران، مفضلا الرهان على اتفاق نووي جديد يقيد برنامج طهران مقابل تخفيف العقوبات، وهو مسار أثار قلقا ورفضا إسرائيليا، وترك المنطقة أمام سيناريوهات مفتوحة بين الدبلوماسية والتصعيد العسكري.

اقرأ المزيد

اتهمت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي معهد دراسات أمريكي، يوم الجمعة، الحكومة العراقية بمحاولة "إضفاء الشرعية" على الفصائل المسلحة الموالية لإيران، من خلال دمجها بهيئة الحشد الشعبي وتشريع قوانين خاصة بها في البرلمان، مؤكدة أ أعداد منتسبي الهيئة ازدادت بمعدل 20 ألفاً مع ارتفاع موازنتها إلى 3.5 مليار دولار.

وأشار التقرير، إلى أنه "بعد أشهر من ضغوط واشنطن على العراق لنزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران، تتوالى التقارير عن اندماج المزيد من المسلحين في قوات الحشد الشعبي، ويسعى العراق على الأرجح لإرضاء إدارة ترامب بترويج هذا الاندماج على أنه تفكيك للفصائل المسلحة ووضع الأسلحة تحت سيطرة الدولة، حيث أفادت وسائل إعلام عراقية بانضمام 20 ألف مسلح إلى قوات الحشد الشعبي وغيرها من فروع الأمن التابعة للحكومة العراقية".

وبين أن "قوات الحشد الشعبي هي تكتل من الميليشيات، مدعومة بشكل شبه حصري من إيران، والتي تشكلت لمحاربة تنظيم (داعش) عام 2014 كجزء من الحكومة العراقية، وهي تخضع أسمياً لسلطة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلا أن أعضائها يخضعون بشكل كبير لإيران، بل إن قائد إحدى ميليشيات الحشد الشعبي قال إنه سيُسقط الحكومة العراقية إذا طلب المرشد الأعلى الإيراني ذلك".

ولفت إلى أن "المقاومة الإسلامية في العراق بمثابة واجهة للميليشيات المدعومة من إيران لشن هجمات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل تضامناً مع حركة حماس، وقد سارع المتحدثون الرسميون باسم هذه الجماعات إلى نفي التصريحات التي أدلت بها الى وكالة رويترز في وقت سابق".

وأوضح أن "إدارة ترامب تضغط على العراق لنزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران، في إطار تركيزها على الحد من نفوذ إيران الخبيث في العراق والمنطقة، وقد صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن الحكومة تسعى لإقناع الميليشيات بنزع سلاحها في كانون الثاني/ يناير 2025، إلا أن ما يُزعم عن دمج 20 ألف مسلح في قوات الحشد الشعبي هو أول مؤشر على ما يعتبره القادة العراقيون تقدماً".

وأكد التقرير أن "القادة العراقيين لا يعارضون المطلب الأمريكي بتحكّم الدولة في الأسلحة، حيث صرّح عمار الحكيم، القيادي في ائتلاف الإطار التنسيقي، قائلاً: لا شكّ في أن القوة العسكرية بيد الدولة، وأن حيازة السلاح يجب أن تكون حصريةً لها، مع ذلك، يصف القادة قوات الحشد الشعبي بأنها مؤسسةٌ أساسيةٌ للدولة، وفي كانون الثاني/ يناير 2025، قال رئيس الوزراء، إن قوات الحشد الشعبي تشكل اليوم قوةً أساسيةً في الدفاع عن العراق".

واعتبر التقرير أن "العراق يحاول تصوير اندماج هذه الجماعات في قوات الحشد الشعبي على أنه تحسن عن وضعها كميليشيات مارقة، بوصفها بأنها غير تابعة لأي جهة أو مناقشة تورطها في أنشطة غير مصرح بها، لكن في الواقع لا يمنح الانضمام إلى قوات الحشد الشعبي هذه الميليشيات سوى غطاء شرعي".

وأشار إلى أن "غطاء الدولة سيمكّنها من تنفيذ أنشطة إرهابية بإيعاز من راعيها الإيراني بأسلحة مرخصة وممولة من الحكومة العراقية، التي وافقت على  ميزانية قدرها 3.5 مليار دولار لقوات الحشد الشعبي"، على حد وصفه.

وتابع التقرير "قدّم المشرّعون العراقيون تشريعين بشأن قوات الحشد الشعبي في العام الحالي، لكن الأول سُحب، وتوقف الثاني، ولم يكن الهدف من أيٍّ منهما إصلاح قوات الحشد الشعبي، بل ترسيخها في القانون العراقي لمنع الإدارات المستقبلية من حلها".

ولفت إلى أن "النظام الحالي في العراق لا يسعى إلى إصلاح المشهد الميليشياوي المدعوم من إيران، بل يسعى فقط إلى إضفاء الشرعية على النفوذ والأسلحة الإيرانية التي زعزعت استقرار البلاد لسنوات، وترسيخها".

اقرأ المزيد

وسط جبال كردستان العراق، تقع قرية سيرجال التي لطالما اعتمد سكانها على الزراعة وجمع الثمار البرية، إلا أن ملامح الحياة فيها بدأت تتغير مع تصاعد التواجد العسكري التركي في المنطقة، الذي حوّلها إلى ما يُعرف بـ"المنطقة المحظورة".

وتبعد قرية سيرجال نحو 16 كيلومتراً عن الحدود التركية، وتحيط بها اليوم قواعد عسكرية تركية من جميع الجهات، إحداها تطل مباشرة على القرية من الجهة الغربية، بينما تُشيَّد أخرى في الجهة الشرقية. وخلال العامين الماضيين، أُنشئت سبع قواعد على الأقل، إحداها قرب سد صغير يُعد مصدراً أساسياً لمياه القرية، مما جعل الوصول إليه محظوراً.

وأصبحت سيرجال في صلب النزاع المسلح بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، حيث تستهدف الطائرات التركية الجبال المحيطة بالقرية بشكل شبه يومي، ما أدى إلى احتراق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية. يقول شيروان سيرجال، أحد سكان القرية: "كلما بنوا قاعدة جديدة، ازدادت معاناتنا".

وبحسب منظمة فرق صنّاع السلام الحقوقية، قُتل مئات المدنيين داخل المنطقة المحظورة أو بالقرب منها، جراء الضربات الجوية والهجمات بالطائرات المسيّرة. وتفيد بيانات برلمان كردستان بأن آلاف السكان أُجبروا على النزوح، في حين أُفرغت عشرات القرى.

وتشير تحليلات لصوَر أقمار صناعية ومصادر ميدانية إلى أن الجيش التركي بنى، حتى كانون الأول 2024، ما لا يقل عن 136 منشأة عسكرية ثابتة داخل الأراضي العراقية، منتشرة على أكثر من 2000 كيلومتر مربع. كما تم شقّ ما لا يقل عن 660 كيلومتراً من الطرق الجبلية لربط هذه القواعد، ما أسفر عن أضرار بيئية كبيرة.

ورغم أن بعض هذه القواعد أُنشئ في تسعينيات القرن الماضي، إلا أن 89% منها شُيّد بعد عام 2018، أي منذ أن بدأت تركيا بتوسيع وجودها العسكري بشكل لافت في كردستان العراق، بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه كمنظمة إرهابية.

وبلدة قاني ماسي، التي تبعد 4 كيلومترات فقط عن الحدود مع تركيا، تقدم نموذجاً لما قد تُواجهه قرية سيرجال مستقبلاً. كانت البلدة معروفة بإنتاج التفاح، لكنها اليوم شبه خالية من السكان.

سلام سعيد، مزارع من قاني ماسي، لم يتمكن من زراعة أرضه منذ ثلاث سنوات. يقول: "بمجرد أن تصل إلى هنا، تحلق فوقك طائرة مسيّرة، وإذا بقيت، سيطلقون النار عليك".

ويشير إلى أن تركيا تسعى لطرد السكان من هذه المناطق، مضيفاً: "كل ما يريدونه هو أن نغادر هذه الأراضي".

وبالقرب من قاني ماسي، اضطر حرس الحدود العراقي إلى التراجع من مواقعهم الأصلية، بعدما أصبحت القوات التركية أقرب إلى الحدود من الجانب العراقي نفسه. يقول اللواء فرهاد محمود: "النقاط التي ترونها على الجبال هناك تركية، ولا يمكننا الوصول إلى الحدود".

ورغم الإدانة العلنية من الحكومة العراقية للوجود التركي، إلا أن عام 2024 شهد توقيع مذكرة تفاهم بين بغداد وأنقرة لمحاربة حزب العمال الكردستاني، دون أن تتضمن أية قيود على التمدد العسكري التركي داخل العراق.

ويبدو أن الاعتماد العراقي على تركيا في مجالات المياه والتجارة، إلى جانب الانقسامات السياسية الداخلية، يُضعف قدرة بغداد على التصدي لهذا التوسع.

ومن قرية سيرجال إلى قاني ماسي، يتكشف واقع جديد في شمال العراق، حيث باتت القرى محاصرة، الأراضي مشتعلة، والسكان بين مطرقة النزاع وسندان النزوح، وسط صمت دولي وتوازنات سياسية معقدة.
 

اقرأ المزيد

"حلقة لا تكفيني، قلتُ لك مراراً، أن أبي لن يزوجني بك بتلك السهولة، فمن دون أن تشتري لي طقم الذهب المتفق عليهِ، لن أكون لا أنا، ولا غيري، زوجةً لك". بصوتٍ مرتجف نقل لنا الشاب علي واصف – معلم تربوي – الحديث الذي دار بينه وبين الشابة التي يحبها، موضحاً أن "ارتفاع سعر الذهب بدد أحلامه في الزواج". 

علي، عبّر عن استيائه من الطريقة "غير الإنسانية" التي عامله بها أهل الشابة، مؤكداً أنه كان على وفاق معهم في كل شيء، إلا أنهم سرعان ما باعوه، مقابل المادة، بحسب وصفه. 

الشاب علي هو صورة مصغّرة لآلاف الشباب الذين يواجهون يومياً واقعاً لا يمكن تغييره، فالتصاعد الجنوني في أسعار الذهب، هذا المعدن النفيس، شكّل أزمة حقيقية أمام الزواج، بإعتباره متطلب أساس من متطلبات المهر المُقدم للفتاة عند خطبتها.

ركود يلف أسواق الذهب

وبينما تتلألأ قطع الذهب خلف واجهات المحال في الأسواق العراقية، يزداد بريقها بعداً عن متناول الكثيرين. فارتفاع الأسعار المتواصل حوّل هذا المعدن النفيس من رمز للفرح والاستقرار إلى عبء ثقيل على كاهل المقبلين على الزواج، وصدمة يومية للباعة والمتسوقين على حد سواء.

هذا الارتفاع، هو نتيجة جملة من عوامل اقتصادية عالمية ومحلية، أبرزها ارتفاع أسعار الدولار، واضطرابات الأسواق العالمية، وزيادة الطلب على الذهب كمخزون آمن في ظل الأزمات. 

وفي حديثه، أوضح محمد خضير، مالك محل ذهب في بغداد، أن "حركة السوق تشهد فتوراً واضحاً، وتغيراً في عادات الشراء، الناس باتوا يتجهون لشراء كميات أقل، أو نوعيات أقل جودة مثل ذهب عيار 18، رغم أنه يحتوي على نسبة عالية من النحاس والمعادن الأخرى، لكن بالنسبة لهم، هو الخيار المتاح في محاولة لتقليل العبء على ميزانياتهم".

ويشير خضير إلى أن "ظاهرة شراء المهر الذهبي لم تعد كما كانت في السابق، بل تحولت إلى مفاوضات طويلة حول الغرامات والنوعية، حيث أصبح التفاهم بين العوائل يدور حول خفض الكمية، أو الاكتفاء بخواتم رمزية فقط، ما يعكس أزمة مجتمعية تتجاوز حدود الاقتصاد".

وبنبرة مستغربة ذكر خضير "لقد لاحظت تحولاً في النظرة العامة تجاه الفضة، فعلى الرغم من أنها لا تتمتع بنفس قيمة الذهب التقليدية، إلا أن الناس بدأوا يقدرون جمالها ورونقها، خصوصاً مع تصاميمها الحديثة التي يمكن أن تشابه الذهب في المظهر. أصبح الكثير منهم يعتبر الفضة خياراً ذكياً، حيث تجمع بين الجمال والأناقة والسعر المعقول.. هذا التحول يشير إلى أن الناس باتوا أكثر مرونة في خياراتهم، وأصبحوا يبحثون عن بدائل تحفظ لهم قيمة ما يشترونه دون أن يرهقوا أنفسهم مالياً".

المعدن النفيس.. خصم الزواج

في زحمة التحضيرات لما يُفترض أن يكون "أجمل يوم في العمر"، يواجه كثير من الشباب العراقيين مفاجآت غير سارة، وأولها تقلبات أسعار الذهب.

وتقول انتصار عبدالأمير، وهي مختصة بالإرشاد النفسي والتوعية المجتمعية، إن ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العراقية بات له تأثير واضح ومباشر على الشباب المقبلين على الزواج، موضحة: "حين يتفق الشاب والفتاة على مهر معين، عادة ما يكون الرقم ثابتاً، ولا يتغير بسهولة. لكن ما يحدث أن الأسعار تقفز فجأة في فترة تجهيز العرس، فيفاجأ الشاب بأن عليه دفع مبلغ أكبر بكثير من قدرته".

هذا التحول المفاجئ لا يرهق الجيب فقط، بل يمتد إلى النفس. فالضغوط تزداد على الشاب، لا سيما مع شعور الفتاة بالإحباط أو القلق، ما يدفعها أحياناً إلى ممارسة ضغط إضافي عليه دون قصد. "هذه اللحظة التي يفترض أن تكون مليئة بالحب والدعم، تتحول إلى اختبار ثقيل، يترك آثاره النفسية على الطرفين"، والكلام للمرشدة النفسية.

وترى عبدالأمير أن المفهوم المادي بدأ يطغى على البعد الإنساني في العلاقات الزوجية، في ظل سلوك اجتماعي قائم على التفاخر والتباهي. وهي تحذّر من تحول هذا النمط إلى "أزمة مجتمعية واسعة"، إذ بدأت بعض الفتيات المتعلمات يجدن أنفسهن خارج دائرة الزواج، في وقت يتجه فيه بعض الشبان إلى الارتباط بفتيات من الريف، نظراً لانخفاض تكاليف الزواج. "هذا يحدث دون أن ينظر الطرفان إلى مدى التوافق الروحي أو الفكري، وهذا مؤلم".

وتشدد الخبيرة في الإرشاد النفسي على ضرورة إعادة النظر في القيم الأسرية: "على الأسر أن تراعي الواقع الصعب الذي يعيشه الشباب، من بطالة وغلاء معيشي، وأن تخفض من صوت الأنا داخلها، وتمنح مكاناً لصوت الإنسانية"، قائلة: "بناء عش زوجي ناجح لا يبدأ من محلات الذهب، بل من التفاهم والتنازل المتبادل".

توترات اقتصادية عالمية

وتشهد الأسواق العالمية حالة من الصعود القياسي في أسعار الذهب، حيث ارتفعت بنسبة 30% منذ بداية العام الحالي. هذه الارتفاعات تزامنت مع تصاعد التوترات في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، أمريكا والصين، مما دفع المستثمرين إلى التوجه نحو الذهب كملاذ آمن. ومنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية وفرض العقوبات الاقتصادية، تحرك الاتجاه التصاعدي للذهب، حيث تزايد الطلب عليه بشكل مستمر، مستفيداً من تراجع الثقة في الدولار الأميركي.

وفي هذا السياق، يلاحظ الخبراء أن البنوك المركزية حول العالم تتجه بشكل متزايد نحو شراء الذهب، حيث قامت بشراء أطنان إضافية خلال السنوات الأخيرة، مما يعكس القلق المتزايد من استقرار الدولار في ظل الأزمات الاقتصادية المستمرة.

أكرم عبدالرحمن، خبير اقتصادي، قال إن "مجلس الذهب العالمي" أشار في آخر تقرير له إلى توقعات بارتفاع غير مسبوق في أسعار الذهب في عام 2025، حيث من المتوقع أن يصل مؤشر أسعار البورصة العالمية إلى 3300 دولار للأوقية (31 غراماً). وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية، فإن السوق العراقي يتأثر بشكل كبير بالبورصة العالمية، وقد يصل هذا المؤشر إلى 3500 دولار، ما يعني زيادة كبيرة في أسعار الذهب على المستوى العالمي.

وأوضح عبدالرحمن أن "الأسواق العراقية لا تعتبر بورصة مستقلة، بل هي تابعة بشكل رئيس للبورصات العالمية، نظراً لأن العراق يعاني من قلة الصناعات المحلية في هذا المجال، فضلاً عن ضعف عمليات التعدين والتنقيب".

وأضاف أن "معظم الذهب المتداول في محلات الذهب بالعراق هو ذهب مستورد، ما يجعل السوق المحلي خاضعاً بشكل كامل لتقلبات الأسواق العالمية"، مشيراً إلى أن الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب يعود إلى تأثيرات فرض التعريفات الجمركية من قبل الولايات المتحدة، والتي تسببت في خلخلة كبيرة في أسواق التجارة العالمية. 

"هذا التحول أثر على كل جوانب الاقتصاد العالمي في زمن العولمة، ما أدى إلى تقلبات كبيرة في الأسواق المالية وأسواق الأسهم، مما دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب"، حسب قول الخبير الاقتصادي.

وفيما يتعلق بالاستثمار في الذهب، لفت إلى ضرورة التنويع في طرق الاستثمار، موضحاً: "يجب أن يدرس الشخص أولاً حجم التمويل المتاح له، ثم يقرر أي نوع من الاستثمار يناسبه. هناك أربع طرق رئيسة للاستثمار في الذهب: شراء الذهب بشكل مادي (سواء سبائك أو مشغولات)، الاستثمار في صناديق الاستثمار الذهبية، الاستثمار في شركات التعدين، وأخيراً الاستثمار في حسابات التوفير الذهبية".

وعن الفرق بين أساليب الاستثمار، قال: "الطريقة التقليدية هي شراء الذهب المادي والاحتفاظ به، لكن هذه الطريقة عادة ما تكون بطيئة من حيث رأس المال، حيث لا يمكن شراء الذهب وبيعه بسرعة. أفضل خيار هنا هو شراء السبائك، لأن مشغولات الذهب قد تفقد قيمتها مع مرور الوقت". وأضاف أن الاستثمار في صناديق التوفير الذهبية يعتبر الأكثر شيوعاً في الوقت الحالي على المستوى العالمي، حيث يوفر الأمان من السرقة أو التلف ويوفر فرصاً للربح أفضل من شراء الذهب المادي، بالإضافة إلى إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية.

وفيما يخص القطاع المصرفي في العراق، أشار عبدالرحمن إلى أن الثقة في المؤسسات المالية في العراق تراجعت بشكل كبير. "القطاع المصرفي العراقي يعاني من العديد من الإشكاليات، بدءاً من ضعف الرقابة على أسعار الصرف وصولاً إلى القوانين والتشريعات التي تؤثر سلباً على عمل البنوك والمصارف"، بحسب قوله، لافتاً إلى أن "العقوبات الأميركية قد تسببت في إعاقة تطور النظام المصرفي العراقي، مما أثر على قدرة المؤسسات المالية المحلية على مواجهة التقلبات العالمية".

فرصة لجني الأرباح

هذه التقلبات، فتحت الأبواب أمام الاستثمار في الذهب، للعديد من المستثمرين الذين يسعون إلى حماية أموالهم من مخاطر التضخم وتقلبات الأسواق المالية. ومن هذا المنطلق، يوضح المستثمر محمد فراس كيف أن هذا الصعود لم يكن مفاجئاً بالنسبة له، إذ أشار إلى أن الارتفاع القياسي لأسعار الذهب كان له تأثير إيجابي على العديد من المستثمرين الذين توقعوا هذا الصعود منذ فترة طويلة، بسبب الأحداث المتسارعة التي شهدها السوق. وأوضح أن الزيادة في الطلب على المعدن الأصفر كانت السبب الرئيس وراء هذا الارتفاع، وهو أمر طبيعي في أسواق تتأثر بالعرض والطلب.

ومع ذلك، بين أن هذا الارتفاع له تأثيرات اقتصادية سلبية على فئات معينة من المجتمع، مثل الشباب المقبلين على الزواج أو المؤسسات الصغيرة التي تسعى لشراء الذهب. رغم ذلك، اعتبر أن "الذهب يظل من أفضل الخيارات الاستثمارية كونه ملاذاً آمناً للمستثمرين في أوقات الاضطراب الاقتصادي"، مضيفاً أن العديد من التجار والمستثمرين استفادوا من هذه الارتفاعات وسجلوا أرباحاً كبيرة. 

رغم التوقعات بحدوث تصحيح هبوطي طفيف في الأسعار مع مرور الوقت، إلا أن الذهب يستمر في صعوده نحو قمم تاريخية جديدة، وفق قول فراس.

خوف من إضطراب القيادة النقدية

وخلف هذه الضجة، تقبع شخصيتين لهما دور محوري في تأجيج هذه الأزمة العالمية، وهو الصراع المحتدم بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. حيث يسعى ترامب لإقالة باول بسبب خلافه حول سياسة أسعار الفائدة. إذا تمت الإقالة، فإن هذا سيكون سابقة تاريخية، وستكون له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأميركي والعالمي.

إقالة باول ستكون بمثابة هجمة مالية تاريخية، حيث ستؤدي إلى انخفاض كبير في الدولار الأميركي، وهو ما سيتبعه انهيار في أسواق الأسهم الأميركية. وفي المقابل، سيرتفع الذهب بشكل غير مسبوق، حيث يحافظ المعدن الأصفر على مكانته كملاذ آمن في أوقات الأزمات. كما أن البيتكوين شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، حيث تخطت حاجز الـ 87,500 دولار، في علاقة قوية مع ارتفاع أسعار الذهب، ما أدى إلى تسميتها بـ "الذهب الرقمي".

من جهة أخرى، يعتقد بعض المحللين مثل يارديني ريسيرش، وبنك غولدمان ساكس، أن استمرار التوترات التجارية والأزمة الأميركية في السندات والعجز الحكومي قد يؤدي إلى وصول أسعار الذهب إلى 4000 دولار في المستقبل القريب، وربما تصل إلى 5000 دولار في العام المقبل.

وقد أطلقت وكالة Moody’s – واحدة من أكبر وأهم وكالات التصنيف الائتماني في العالم - تحذيرات من أن ارتفاع أسعار الذهب قد يتسارع في حال تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأميركية، أو إذا تفاقمت الأزمة مع الصين، أو اندلعت أزمة مصرفية جديدة، أو شهدنا هبوطاً حاداً في مؤشر داو جونز وستاندرد بورز، وهو ما قد يقود الأسواق إلى حافة الانهيار.

كما أن التاريخ يقدم لنا دروساً فيما يتعلق بحركة أسعار الذهب في فترات الأزمات الاقتصادية الكبرى. في عام 1979-1980، ارتفع الذهب بنسبة 254% نتيجة للتضخم والتوترات الجيوسياسية. كما شهد الذهب ارتفاعاً كبيراً بين عامي 2008 و2011 بنسبة 171% بسبب الأزمة المالية العالمية، وارتفع بنسبة 73% بين 2018 و2020 بسبب التوترات التجارية وجائحة كورونا. وفي الفترة الحالية، بين يناير 2024 وأبريل 2025، ارتفع الذهب بنسبة 89%، وهو ارتفاع يتجاوز وتيرة الارتفاعات السابقة.

وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أن السوق يبقى عرضة للذبذبات الحادة. وإن الاستثمار في الذهب على المدى القصير قد يكون محفوفاً بالمخاطر. تاريخياً، شهدنا تراجعات حادة في أسعاره بعد ارتفاعات كبيرة، كما حدث بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وفي أعقاب الأزمة المالية في 2008.

وفي هذا السياق، صرح الخبير المالي ضياء المحسن: "إن الاستثمارات في الذهب تظل خياراً ذو جدوى اقتصادية كبيرة في ظل التقلبات السياسية والاقتصادية العالمية. فالذهب يشكل الأمان في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، حيث يحافظ على قيمته بل ويرتفع حينما تنخفض قيمة الأصول الأخرى. كما يعتبر وسيلة فعالة للتحوط من التضخم، إذ تزداد قيمته حتى مع تقلبات القوة الشرائية للعملات الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك، يزداد الطلب عليه من قبل البنوك المركزية لدعم احتياطياتها من المعدن الأصفر".

وأضاف المحسن "رغم ذلك، يجب على المستثمر أن يكون على دراية بتقلبات أسعار الذهب المحتملة وأن يحدد نسبته في محفظته الاستثمارية. فالاستثمار في الذهب يوفر حماية من المخاطر والتضخم، لكنه لا يولد دخلاً دورياً، وتكاليف التخزين والتأمين قد تكون عائقاً في حال كانت الكميات كبيرة. مقارنة بالاستثمار في العقارات أو العملات الأجنبية، حيث العقارات توفر دخلاً دورياً ولكن تتطلب رؤوس أموال ضخمة، والعملات الأجنبية تتمتع بمخاطر مضاربة، يبدو أن الذهب يحتفظ بمزايا كبيرة كأداة استثمار". وأكد محسن على أهمية تنويع المحفظة الاستثمارية، قائلاً: "من الأفضل للمستثمر تنويع استثماراته بين عدة أصول لتقليل المخاطر وزيادة العوائد المحتملة".

 

 

 

النفط والسياسات الأميركية

 

ومن زاية أخرى، يقرأ الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن الشيخلي، المشهد من بعيد، ويشير إلى أزمة الولايات المتحدة التي انعكست بشكل سلبي على الاقتصاد العالمي. إذ يوضح أن "زيادة حجم الديون وطريقة معالجتها لم تعد بتلك السهولة المتوقعة. سحب الدول العالمية لائتماناتها الدولارية أثر بشكل كبير على اعتماد الدولار الأميركي كأمن احتياطيات العملات الأجنبية، وبدأت الدول في استبداله بالذهب، عائدة بذلك إلى ما قبل عام 1971، عندما سحب الرئيس نكسون الغطاء الذهبي للدولار، مما جعل الاقتصاد الأميركي أكثر وثوقاً وطمأنينة في ذلك الوقت للاقتصاديات العالمية".

 

وأضاف الشيخلي أن "ما حدث بعد ذلك هو انخفاض سعر برميل النفط عالمياً لمستويات أقل مما كان متوقعاً، وذلك لأسباب أميركية داخلية بحتة، بعد أن أطلقت أميركا بعض احتياطيات النفط والسماح في نفس الوقت بتوسع إنتاج النفط الصخري بأسعار أقل من السائد، قاصدة بذلك خفض أسعاره عالمياً".

 

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الذهب بأكثر من 03% عن أسعارها السائدة خلال الربع الأول من سنة 2025 كان أحد نتائج الإقبال على اعتماده كاحتياطي لغطاء الدولار بعد الأزمة التي تمر بها أميركا، حيث زاد سعر الأونصة عن 3000 دولار في شباط الماضي. 

 

وفيما يخص الجانب العراقي، ذكر الشيخلي أن "العراق مطمئن فيما يخص احتياطياته الذهبية، حيث يحتل المركز الرابع عربياً في احتياطيات الذهب، ولا يعاني من مشاكل على الأقل حتى نهاية العام الحالي".

اقرأ المزيد

كشف تقرير، عن امتلاك شركة G4S  البريطانية-الأمريكية، المختصة بالأمن، والعاملة في العراق بأكثر من موقع حساس، لسجون واتفاقيات مع وزارات دفاع، وباتت تشبه "دولة" وليس شركة أمنية، فضلا عن دورها في عمليات اغتيال.

وبحسب التقرير، الذي أعدته "روسيا اليوم"، فإن الشركة، التي تتولى أمن السفارات الأمريكية حول العالم وبعض المطارات والمنشآت الاستراتيجية والعسكرية في واشنطن ولندن، وحتى أجزاء من الحدود الأمريكية، تمتلك سجونا تحت تصرفها، وسرت عليها شبهات تعذيب وقتل فيها.

وتحصل شركة G4S على أرباحها الرئيسية من عقودها من الشركات العابرة للحدود، إضافة إلى طلبات حكومية من بريطانيا والولايات المتحدة، وقد انضم المدير السابق للشركة، آشلي مارتن ألمانزا، إلى الشركة العسكرية الخاصة قادما من منصبه كمدير المالي لمجموعة BG البريطانية، إحدى أبرز موردي الغاز الطبيعي المسال إلى الصين، والتي انضمت، عام 2016، مع أكبر شركة نفط وغاز في العالم (بريطانية أيضا) هي Royal Dutch Shell.

دورها في العراق

وفي العراق، تقدم شركة G4S خدمات الأمن لموظفي وعملاء شركة Barash Gas Company، أحد أكبر مشاريع معالجة الغاز في البلاد، وهو مشروع مشارك بين الحكومة العراقية وشلكة Shell البريطانية (حصرتها 44%).

كما أنه في أعقاب التحقيق في اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في العام 2021 ببغداد، فقد اتهم محققو طهران الجنائيون شركة G4S بتزويد البنتاغون ببيانات عن موقع سليماني لشن هجوم صاروخي، وكانت الشركة البريطانية هي التي وفرت الأمن للمسؤول الإيراني في مطار بغداد.

سيطرة الاستخبارات

وتقوم بريطانيا وأمريكا، بدمج الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في السياسات الخارجية والعسكرية لها، فيما تخضع تلك الشركات لسيطرة أجهزة الاستخبارات، وتحصل على عقود حكومية من وزارة الخارجية الأمريكية أو وزارة الخارجية البريطانية، وفقا لما أوضحه داركو تودوروفسكي، المتخصص في سوق الأسلحة العالمية، وفقا للتقرير.

وأكد "أولا، لدى قوات الشركات العسكرية الخاصة القدرة على الانتشار السريع، ويتميز أفرادها باحترافية أعلى من القوات الغربية النظامية في منطقة عمليات الشركات العسكرية الخاصة. وثانيا، لا ترتبط الشركات العسكرية الخاصة بالنخب المحلية أو الطوائف الدينية، ولها حرية اتخاذ القرارات عند تنفيذ مهام العميل".

إضافة إلى ذلك، يزعم تودوروفسكي أن الدعم اللوجستي والفني لهذه الهياكل أفضل من الدعم الذي تقدمه العديد من الجيوش، وتتمتع الشركات العسكرية الخاصة بمرونة في الإدارة التشغيلية ولا تعاني من البيروقراطية التي تعاني منها الجيوش النظامية، وفقا له.

السجون

ومن المجالات الأخرى التي نجحت فيها شركة G4S في أن تحل محل الدولة جزئيا هي مجال السجون، حيث بدأت تجربة خصخصة المرافق الإصلاحية في بريطانيا حينما تولت G4S إدارة مركزين لترحيل المهاجرين و6 سجون، بما في ذلك ضاحية أوكوود بلندن وبرمنغهام، وقد أعيد الأخير إلى الحكومة في أغسطس 2018، بعد أن كشفت عملية تفتيش لسجن برمنغهام (الذي يضم 1200 شخص)، عن "ظروف مريعة".

فقد حبس الموظفون أنفسهم في مكاتبهم لتجنب مواجهة السجناء الذين يتعاطون المخدرات دون عقاب يذكر. وتركت الزنازين والحمامات غير نظيفة، ما أدى إلى تراكم الدم والبول والقيء والبراز، ما جذب الجرذان والصراصير. يقول بيتر كلارك القائد السابق لمكافحة الإرهاب والذي أصبح كبير مفتشي السجون في إنجلترا وويلز إنه لم ير شيئا كهذا من قبل.

وفي سبتمبر 2023، أكدت لجنة خاصة وقائع تعذيب ومعاملة لا إنسانية تعرض لها السجناء في مؤسسة أخرى تديرها شركة G4S وهي "بروك هاوس"، حيث يحتجز مهاجرون غير شرعيين في انتظار الترحيل من المملكة المتحدة. وقد أولت وسائل الإعلام اهتماما بظروف الترحيل. على سبيل المثال، وأثناء مرافقة حراس G4S على متن الطائرة، خنق حراس G4S جيمي موبينغا، المرحّل إلى أنغولا، حيث قيّدوه بالأصفاد إلى المقعد، وأجبروه على خفض رأسه، ما جعله يتنفس بصعوبة. ووفقا لشهادات ركاب آخرين، فقد سمعوا موبينغا يصرخ: "لا أستطيع التنفس". ووصفت المحكمة وفاة الرجل بأنها "قتل غير متعمد"، ولم يعاقب أحد.

كذلك اضطرت شركة G4S في إسرائيل لبيع شركتها بعد خسارتها عقدا مع مصلحة السجون المحلية. وكانت مهمة الشركة تركيب أنظمة مراقبة بالفيديو على نقاط التفتيش في فلسطين وبالسجون. وكان سبب البيع اتهامات بتعذيب السجناء، بمن فيهم الأطفال.

أرباح مهولة

وقد حققت عقود حماية السفارات الأمريكية حول العالم وحدها للشركة أكثر من 100 مليون دولار خلال السنوات الثلاث الماضية، وكما يتضح من قائمة مشتريات حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا، تعمل G4S على زيادة عدد البعثات الدبلوماسية التي تحميها سنويا. ففي العام الماضي، منحت واشنطن الشركة حماية سفارات في إستونيا مقابل 18.8 مليون دولار، وهونغ كونغ مقابل 35 مليون دولار، ولوكسمبورغ مقابل 29 مليون دولار، وجزيرة كوت ديفوار في غرب إفريقيا مقابل 12.6 مليون دولار.

قدامى المحاربين

وتتجه الشركات العسكرية إلى توظف قدامى المحاربين في القوات المسلحة بعد تركهم الخدمة. على سبيل المثال، أعلنت شركة G4S، عام 2014، عن التزامها بتوظيف ما لا يقل عن 600 جندي احتياطي من القوات المسلحة البريطانية. وهكذا، أصبحت الشركة من أبرز شركاء وزارة الدفاع البريطانية. وبموجب الاتفاقية المبرمة مع الجيش البريطاني، التزمت G4S بتوفير ظروف عمر مرنة لهؤلاء الموظفين، حتى يتمكنوا من مواصلة تدريبهم، والمشاركة في التدريبات عند الحاجة.

وفي أكتوبر 2022، أعادت الشركة توقيع اتفاقية مع الجيش البريطاني لتجنيد جنود الاحتياط، من قدامى المحاربين في القوات المسلحة البريطانية.

ويقول مدير شركة G4S آنذاك آشلي ألمانزا: "إننا نوظف بالفعل عددا كبيرا من أفراد الخدمة السابقين، والالتزام اليوم من خلال اتفاقية القوات المسلحة يعزز الروابط الوثيقة للغاية بين شركة G4S والقوات المسلحة البريطانية".

ويلجأ لخدمات شركة G4S حتى الجيش الأمريكي نفسه. فمنذ أواخر عام 2017، تعاقدت القيادة المشتركة للذخائر الأمريكية مع الشركة لتوفير الأمن للمنشآت العسكرية الأمريكية في الصومال، وتحديدا في العاصمة مقديشو، بما في ذلك قاعدة غاشانديغا، التي كانت بمثابة القاعدة العملياتية واللوجستية الرئيسية للجماعة الإسلامية المتطرفة خلال الحرب الأهلية في البلاد، وهو ما سمح للمتطرفين بالسيطرة على المناطق الشمالية من العاصمة.

وتختلف رواتب الحراس الشخصيين الغربيين والمقاتلين المحليين اختلافا كبيرا. فعلى سبيل المثال، كانت شركة G4S تدفع للحراس الشخصيين الغربيين في جنوب السودان 10 آلاف دولار شهريا، بينما لم يتقاض المقاتلون المحليون سوى 250 دولار شهريا.

العدة والعدد

ويضم هيكل شركة G4S بكوادرها الضخمة زهاء 800 ألف موظف، تتضمن مجموعات الاستجابة السريعة، وهي مجموعات هجومية تستخدمها الشركة في العمليات، كما تدعمها وحدة الاستخبارات التابعة للشركة، وتمتلك العديد من الشركات العسكرية الخاصة الغربية طائرات استطلاع خاصة، وأقمارا صناعية، وأجهزة إلكترونية، ومعدات أخرى تحت تصرفها. يوضح داركو تودوروفسكي: "إنهم يتعاونون مع الشركة، التي تزودهم ببيانات الأقمار الصناعية. وقد استخدمت الشركات العسكرية الخاصة الغربية هذه التقنيات في إفريقيا والعراق وأفغانستان".

ويقدّر ألكسندر أرتامونوف، الخبير الرئيسي في مؤسسة التراث الأوراسي ومحلل شؤون جيوش حلف "الناتو"، عدد العناصر العسكرية التابعة لشركة G4S بما يتراوح بين 250-280 ألف محترف. أما الباقون فهم من خبراء اللوجستيات وحراس السجون والمديرين والموردين.

ووفقا لتقارير حول أعمال شركة G4S لإزالة الألغام في جنوب السودان، كان مقاتلو الشركة مسلحين ببنادق هجومية من طراز AK-47، ورشاشات MP5، ومسدسات Glock 17 النمساوية، وبنادق M16 الأمريكية الشهيرة، وبنادق HK G36، وبنادق قنص Arctic Warfare لحماية المنشآت الاستراتيجية، ورشاشات كلاشنيكوف عيار 7.62، وFN MAG لحماية القوافل في مناطق النزاع. إضافة إلى طائرات استطلاع إسرائيلية متعددة الأغراض من طراز Hermes 450، وأنظمة مراقبة إلكترونية وتشويش على الاتصالات.

وفيما يتعلق بالأسلحة الثقيلة، تمتلك شركة G4S ألغاما مضادة للأفراد وقاذفات قنابل يدوية، وأنظمة محمولة مضادة للطائرات، وللتنقل في المناطق الساخنة، تستخدم وحدات G4S مركبات "لاند كروزر" وHumvee، وكذلك مدرعات Cougar وRG-33.

اقرأ المزيد

أكد النائب الجمهوري مايكل بومغارتنر، بعد زيارته الأولى إلى العراق منذ 17 سنة، وجولته الإقليمية مع عدد من النواب الأمريكيين، أنه على الرغم من أن الشرق الأوسط والعراق لم يعد يهم الولايات المتحدة كثيراً من الناحية الاقتصادية بعدما اكتفت في مجال الطاقة، إلا أنها "ما تزال منطقة مضطربة كثيراً، وأمريكا بحاجة للبقاء منخرطة فيها بشكل مدروس"، وذلك بحسب ما نقل عنه موقع "ذا سبوكسمان ريفيو" الأمريكي. 

وأشار تقرير الموقع الأمريكي، إلى أن بومغارتنر الذي سبق له أن عمل في السفارة الأمريكية في بغداد عامي 2007 و2008، كان يرغب بالعودة إلى بغداد، وأنه اختتم جولته إلى العراق والبحرين وقطر والإمارات، ناقلا عنه قوله إن العراق حقق مكاسب حقيقية منذ أن وطأت قدمه آخر مرة قبل 17 عاماً، مشيراً إلى أن اجتماعاته مع المسؤولين الحكوميين والقوات الأمريكية أظهرت أيضاً أن المنطقة لا تزال تمثل تحديات كبيرة ويتحتم على الولايات المتحدة مواجهتها.

ونقل التقرير عن بومغارتنر قوله إنه "على المستوى الشخصي، كان لدي الكثير من المشاعر بشأن العودة إلى العراق للمرة الأولى منذ العام 2008"، مضيفاً أن "العراق استقر بالفعل منذ ذلك الوقت، ولهذا فإنه كان من الرائع حقا رؤية بعض التقدم الذي حققه العراق".

ولفت التقرير إلى أن وفد الكونغرس ضم إلى جانب بومغارتنر، النائب آدم سميث، وهو كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، والنواب الديمقراطيين سارة جاكوبس وجورج وايتسايدز وويسلي بيل، مشيراً إلى أن بومغارتنر كان الجمهوري الوحيد في الوفد الذي استهل جولته بزيارة أربيل، قبل الانتقال إلى بغداد، ثم إلى دول الخليج البحرين وقطر والإمارات، حيث التقى أعضاء الوفد مع العديد من القادة وكبار المسؤولين، بما في ذلك رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني.

وبحسب بومغارتنر، كما أشار التقرير، فإن أكثر ما تعمله أهمية خلال الجولة، هو أنه في حين تتعامل الولايات المتحدة مع صعود الصين والتهديدات الاستراتيجية الاخرى حول منطقة المحيط الهادئ، إلا أنه لا ينبغي للأمريكيين أن يكونوا "ساذجين أو متهورين في التعامل مع التهديد المستمر للتطرف الإسلامي في الشرق الأوسط". 

ونقل التقرير عن بومغارتنر قوله إنه بالنظر إلى "إننا انتجنا المزيد من موارد الطاقة هنا في الداخل (أمريكا) وقمنا بتنويع وصولنا إلى الطاقة في كل أنحاء العالم، فإن الشرق الأوسط لا يهمنا كثيراً من الناحية الاقتصادية، إلا أنه ما يزال منطقة مضطربة للغاية حيث ستحتاج أمريكا إلى البقاء منخرطة بشكل مدروس"، معرباً عن اعتقاده بأنه من المهم أن يتم تذكير الشعب الأمريكي بأنه يوجد لدينا رجال ونساء يؤدون خدمتهم، ويواجهون تحديات خطيرة للغاية في الوقت الحالي".

كما نقل التقرير عن بومغارتنر قوله إن التدهور الأخير للجماعات الوكيلة لإيران مثل حماس في غزة وحزب الله في لبنان، بالاضافة الى سقوط نظام الدكتاتور السوري بشار الأسد، هو بمثابة "فرصة حقيقية" لتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، إلا أنه لفت إلى أن وفد الكونغرس استمع إلى الكثير من القلق حول تطوير إيران لأسلحة نووية.

ومع ذلك، قال بومغارتنر بحسب ما أشار التقرير، إلى أنه سعيد برؤية الولايات المتحدة وإيران تجريان محادثات، معتبراً في الوقت نفسه أن الرئيس دونالد ترامب كان على حق عندما انسحب من الاتفاق السابق، لأنه لم يفعل ما يكفي لمنع إيران من تطوير الصواريخ الباليستية ودعم الوكلاء في كل أنحاء المنطقة. 

إلا أن النائب سميث، اعترض من جهته على ذلك معتبراً أن الاتفاق النووي السابق كان ناجحا، مضيفاً بحسب ما لفت التقرير بالقول: "صحيح أن إيران لديها نفوذ خبيث في المنطقة، إلا أنه يمكن أن يكون لهم تأثير خبيث في المنطقة بلا سلاح نووي أو مع سلاح نووي، وسنكون أفضل حالا بكثير إذا لم يكن لديهم سلاح نووي".

الى ذلك، قال التقرير إن بومغارتنر كان جاء إلى بغداد في العام 2007، ووصف تلك المرحلة بأنها "كانت وقتاً صعباً للغاية ولكنه وقت مجزٍ للغاية"، خصوصاً خلال مرحلة زيادة القوات التي كانت إدارة جورج بوش تأمل أن تؤدي إلى استقرار العراق في ظل التمرد الذي ظهر بعد الغزو في العام 2003.

ولفت التقرير إلى أن وفد النواب الأمريكيين التقى بقائد "عملية العزم الصلب" اللواء كيفين ليهي. 

وبحسب النائب سميث، فإنه يعتبر أن هناك 4 قضايا رئيسية يتحتم على الولايات المتحدة معالجتها في الشرق الأوسط، وهي الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين؛ والحكومة السورية الجديدة، ونفوذ إيران الخبيث في المنطقة، والحملة العسكرية الأمريكية المستمرة في اليمن.

ونقل التقرير عن سميث، إشارته إلى أن نحو 8 آلاف مسلح من داعش و35 ألف شخص من أفراد أسرهم، محتجزون في معسكرات في سوريا، والتي تؤمنها القوات الأمريكية بمساعدة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الكورد، مضيفاً أن ترامب سيكون بحاجة في وقت قريب إلى تحديد عدد القوات الأمريكية التي يجب أن تبقى في المنطقة، موضحاً أنه في حال "اتخذ ترامب قراراً كبيراً بخفض وجود قواتنا بشكل كبير في سوريا والعراق، فإن ذلك قد يقوض قدرتنا على احتواء داعش ويمكن أن يتسبب أيضاً بتمكين وكلاء إيران في العراق". 

وفي الوقت نفسه، نقل التقرير عن بومغارتنر، قوله إنه طلب من السفارة الأمريكية في بغداد الإذن بزيارة ساحة قوس السيوف والتي كان التقط فيها صورة خلال فترة عمله السابقة في العراق، مضيفاً أنه لاحظ أن خوذات الجنود الإيرانيين الذين قتلوا التي خلال الحرب الإيرانية - العراقية والتي كانت تزين قاعدة النصب التذكاري في العام 2008 قد اختفت، إلا أن مؤشرات النفوذ الإيراني في العراق ما تزال قائمة.

ونقل التقرير عن بومغارتنر قوله إن صور قائد قوة القدس الإيرانية قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة العام 2020، منتشرة في كل التقاطعات الرئيسية في بغداد، معرباً لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عن خيبة أمله ازاء هذا المشهد، لكن السوداني قال لعضو الكونغرس أن مواطنين عاديين هم الذين وضعوهم، وليست الحكومة.

وبينما نقل التقرير عن النائب سميث قوله إن اقتراح ترامب بضم غزة وطرد الفلسطينيين كان خطأ استراتيجياً يلحق الضرر بفرص التوصل الى اتفاق أمني بين إسرائيل وجيرانها العرب مثل مصر والأردن والسعودية يكون بمقدوره مواجهة إيران، أشار أيضاً إلى أن سميث انتقد أيضاً إدارة ترامب بسبب ضربه للنفوذ الأمريكي في المنطقة من خلال إلغاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وإغلاق شبكات الإعلام الناطقة بالعربية والموجهة إلى الشرق الأوسط، وذلك في وقت "توجه الصين وروسيا وإيران، رسائل بقوة ضد المصالح الأمريكية وتحاول إخراج الولايات المتحدة من مناطق مختلفة من العالم". 

أما بومغارتنر، فقد نقل التقرير عنه قوله إن وسائل الإعلام التي تمولها الولايات المتحدة في المنطقة، مضيفاً "هناك تاثيرات إيرانية ونفوذ روسي ونفوذ صيني يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات كبيرة على المصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم".

وبحسب بومغارتنر "فإن المثل القديم يقول، قد تنتهي أمريكا من الشرق الأوسط، لكن الشرق الأوسط لا ينتهي من أمريكا، ولهذا علينا أن نكون واقعيين بشأن التهديدات المستمرة من هذا الجزء من العالم".

اقرأ المزيد

كشف تقرير صادر عن معهد العلوم والأمن الدولي، يوم الأربعاء، عن تعزيز التدابير الأمنية الإيرانية حول مجمعين من الأنفاق على عمق كبير يتصلان بمنشآتها النووية الرئيسية استناداً إلى صور حديثة التقطتها الأقمار الاصطناعية.

يأتي هذا في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة وإيران لعقد جولة ثالثة من المحادثات بشأن اتفاق محتمل لإعادة فرض القيود على البرنامج النووي لطهران.

وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن في ولايته الأولى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي يهدف إلى منع طهران من تطوير أسلحة نووية، بقصف إيران ما لم يتم التوصل بسرعة إلى اتفاق يضمن الهدف نفسه.

ودفع انسحاب ترامب إيران إلى انتهاك الكثير من القيود التي فرضها عليها الاتفاق، وتشتبه القوى الغربية في أن إيران تسعى إلى امتلاك القدرة على تجميع سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران.

وقال رئيس المعهد، ديفيد أولبرايت، إن الطوق الأمني الجديد يشير إلى أن مجمعي الأنفاق، وهي قيد الإنشاء منذ عدة سنوات تحت جبل كولانغ غاز، يمكن أن تصبح جاهزة للعمل قريبا نسبيا.

وأشار أولبرايت، إلى أن طهران لم تسمح لمفتشي الأنشطة النووية التابعين للأمم المتحدة بالوصول إلى المجمعات النووية.

وأضاف أن ذلك أثار مخاوف من إمكانية استخدام تلك المجمعات لحفظ مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب أو مواد نووية غير معلنة، وأجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي يمكنها تنقية اليورانيوم بالدرجة الكافية لصنع قنبلة بسرعة.

ووفق أولبرايت فإن المجمعات يتم بناؤها على أعماق أكبر بكثير من منشأة تخصيب اليورانيوم الموجودة تحت الأرض على عمق كبير في فوردو بالقرب من مدينة قم ذات الأهمية الدينية.

ولفت التقرير إلى أن صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية التجارية في مارس/آذار أظهرت مداخل محصنة للمجمعات، وألواحا جدارية عالية أقيمت على امتداد حواف طريق متدرج يحيط بقمة الجبل، وأعمال حفر لتثبيت مزيد من الألواح.

وأكد التقرير أن الجانب الشمالي من الطوق يتصل بحلقة أمنية حول منشأة نطنز.

ويبدو أن أعمال البناء الجارية في المجمعات تؤكد رفض طهران للمطالبات بأن تؤدي أي محادثات مع الولايات المتحدة إلى تفكيك برنامجها النووي بالكامل، قائلة إنها تملك الحق في الحصول على التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية.

ولم تستبعد إسرائيل توجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية خلال الأشهر المقبلة، في حين يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أن أي محادثات يجب أن تؤدي إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل.

وألمح رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أمس الثلاثاء، على ما يبدو إلى مشروعات مثل بناء محيط أمني جديد حول مجمعات الأنفاق، مشيرا إلى المخاوف من تعرض البرنامج النووي الإيراني للخطر.

ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن إسلامي قوله خلال فعالية أقيمت بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس الحرس الثوري الإيراني، إن "الجهود مستمرة... لتوسيع نطاق الإجراءات الاحترازية" في المنشآت النووية.

اقرأ المزيد
123...14